ورد في بعض الصحف أن «لعنة الفراعنة» قد ضربت كل رؤساء مصر في العهد الجمهوري من جمال عبد الناصر الذي هناك قناعة بأنه قتل بالسم في عام 1970 وليس بذبحة قلبية إلى محمد انور السادات الذي تم إغتياله في عام 1981 في ميدان العرض العسكري في ذكرى حرب أكتوبر (تشرين الأول) المجيدة إلى حسني مبارك الذي إنتهى نزيلاً في سجن طرة حيث يعاني سكرات الموت الآن..
وحقيقة إذا كانت هناك لعنة فراعنة بالفعل فإن هذه اللعنة قد حلَّت بالملك فاروق الذي أطاحه «الضباط الأحرار» عن عرش آبائه وأجداده وإنتهى لاجئاً في إيطاليا إلى أنْ مات ميتة «لا تسرُّ الصديق ولا تغيظ العدا»!!.
وإذْ ننتقل إلى سوريا ،حيث لم يصلها لا «الفراعنة» ولا لعنتهم، فإننا نجد ان لعنة أخرى لنتَّفق على أنها لعنة «البعث» قد ضربت قادة هذا الحزب ،الذي قبل أن يصل إلى الحكم كان يملأ الوطن بريقاً واعداً وشعارات جميلة وأملاً لأجيالٍ سحقها التمزق القومي وأوجعت ضمائر أبنائها الهزائم المتلاحقة وأولها هزيمة العرب في فلسطين، فالأستاذ المؤسس ميشيل عفلق حكم عليه رفاقه في دمشق بالإعدام بتهمة «الخيانة العظمى»!! والعياذ بالله وكان قبره في بغداد أحد أهداف الغزو الأميركي فأصبح غير موجودٍ ولا يعرف أحدٌ مكانه.
أمَّا المؤسس الثاني صلاح البيطار فقد لحقته كواتم صوت «رفاقه» الدمشقيين أيضاً ،بعد ملاحقات طويلة وبعد فترات إختفاء ولجوءٍ في عدد من الدول إلى أن إستقر في باريس ليكرس وقته لإصدار مجلة سياسية قومية بإسم «الأحياء العربي» الذي كان من المفترض أن يكون إسم حزب البعث قبل ان يتم إختيار هذا الإسم من كتاب غير سياسي للمفكر الكبير «اللوائي» ،نسبة إلى لواء الإسكندرون، يحمل عنوان :»في سبيل البعث» أيضاً وكان المقصود بعث اللغة العربية.
وأيضاً فإن المعروف أن الدكتور منيف الرزاز الذي إحتل موقع الأمين العام لحزب البعث بعد تنحية ميشيل عفلق من قبل ضباط إنقلاب الثامن من آذار (مارس) عام 1963 قد أطيح به بعد الإطاحة بالهيبة القيادية القومية لهذا الحزب في شباط (فبراير) 1966 حيث لخَّص معاناته على أيدي رفاقه الدمشقيين في كتابه الشهير «التجربة المرة» وحيث كانت له تجربة أكثر مرارة مع رفاقه البغداديين الذين إتهموه بـ»السكوت على التآمر»!! وفرضوا عليه الإقامة الإجبارية بلا دواء ولا أطباء إلى ان إغتاله المرض وانتهى النهاية المعروفة.
وإذا أردنا المزيد في هذا المجال فإن كل التقديرات وأيضاً المعلومات تشير إلى أن أول رئيس للعراق في عهد حكم البعث بعد «ثورة» 1968 الذي هو أحمد حسن البكر قد مات «غيلة» إمَّا بالسم الزعاف أو بغيره وأن صدام حسين وهو الرئيس الثاني والأخير قد انتهى شنقاً تلك النهاية المرعبة بعد فترة حكم طويل أكل خيرة قادة هذا الحزب (الفرع العراقي) في وجبات متلاحقة أبشعها وجبة العام 1979 التي كان من بين ضحاياها عبد الخالق السامرائي المعروف بصدق نضاله وبكرم أخلاقه وبغزارة معرفته وهدوء طباعه.
في سوريا ،التي تعيش الآن أسوأ مرحلة على مدى تاريخها الطويل منذ وصلتها خيول الفتح بعد معركة اليرموك العظيمة والشهيرة، أطاح إنقلاب شباط (فبراير) 1966 أمين الحافظ (أبو عبده) الذي كان أول رئيس جمهورية بعثي بعد «ثورة» اذار (مارس) 1963 وكان أن وضعه رفاقه في السجن ولم يفرجوا عنه إلاّ بعد هزيمة حزيران (يونيو) المنكرة في عام 1967 حيث إلتحق بالعراق لاجئاً سياسياً بعد العام 1968.
ثم عاد تسللاً بعد الغزو الأميركي إلى حلب ومات هناك في مسقط رأسه بدون نعيٍ ولا إعلان وغير معروف كيف مات حتى الآن أمَّا بالنسبة للرئيس الثاني لدولة البعث في دمشق الذي هو الدكتور نور الدين الأتاسي فقد وضعه حافظ الأسد في زنازين المزة بعد حركته التصحيحية غير المباركة في العام 1970 إلى أن أكلته الأمراض وإنتهى نهاية مأساوية.
والمعروف أن صاحب الحركة التصحيحية هذه قد إنتهى بالمرض الخبيث الذي عانى منه سنوات طويلة.. والمؤكد أيضاً أن نهاية خلفه بشار الأسد الذي يعيش أيامه الأخيرة الآن ربما تكون أسوأ من نهاية معمر القذافي صاحب «جماهيرية» الرعب والخوف والدماء.