قبل أن نعرف ماذا سيحدث غدا، او للدقة في اليوم التالي للانتخابات 24 كانون الثاني الحالي، علينا أن نعرف ماذا حدث أمس، وتحديدا امام الجامع الحسيني، فمن بين المئات الذين اعتصموا، رفع متظاهرون منتدبون من قوى سياسية، يافطات تطالب بحل مجلس النواب السابع عشر.
هذا ليس غريبا، وهو ما ستفعله قوى المقاطعة للانتخابات فور انتهائها، صحيح هي الان في حالة صمت وانتظار ومراهنة، لكن لن يبقى هذا الحال طويلا.
قوى المقاطعة في حالة صمت ؛ لأن حال الانتخابات بالاصل لا تسر صديقا ولا تغضب عدوا، فهي باهتة، والمقار الانتخابية خاوية، وأغلبية المرشحين يشبهون شعاراتهم، ولا يشبهون صورهم، ومهرجانات القوائم تجلب الانصار جلبا، مع تأمين وسائط النقل وأشياء اخرى.
وقوى المقاطعة في حالة انتظار، لما ستتطور فيها الامور في الايام 18 المتبقية للذهاب الى صناديق الاقتراع، ولا تريد أن تتحمل وزر افشال الانتخابات، ونسب الاقتراع، بعد أن ساهم رجالات الدولة ومن كافة الطبقات في اضعافها، فبعضهم انزوى في بيته وترك الدولة تخلع شوكها بيدها، والبعض الاخر، يقف شامتا بعد أن حلب خيرات البلاد كثيرا، ووصل الى المجالس السابقة بفضل خيرات التزوير.
كما تقف قوى المقاطعة في حالة مراهنة على أن الانتخابات لن تقع، ونائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد لا يزال حتى اليوم يؤكد على عدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر، بعد أن قال قبل اشهر "ابشر بطول سلامة يا مربع" في وصف استهزائي حول حال الانتخابات ومشاركة الاخوان سرا فيها.
ماذا سيحدث غدا، حدث امس، وفي اليوم التالي للانتخابات سوف تعود الاعتصامات امام مجلس الامة تطالب بحل المجلس المنتخب، حتى لو تم انتخابه بأعلى درجات النزاهة، وسوف تضع قوى الحراك الباهت هذه الايام، والمؤود منذ اعتصام عبيدات على دوار فراس، اجندة جديدة ومنتجة بالهجوم على "الانتخابات وعلى المجلس غير الشرعي الذي لا يمثل الجميع".
لا احد ينكر أن ما نشاهده الان لا يعبر عن اجواء صحية لانتخابات سوف ترسم سيناريوهات المستقبل للاردن، لكن المشاركة في الانتخابات النيابية، تعني مشاركة الشعب في همومه وآماله وطموحاته، وتعزيز التواصل مع كل فئاته بالحوار المباشر الذي لا يخلو من النقد والتقييم والمرارات.
قوى المقاطعة تحديدا تعرف انه في المعارك السياسية الكبرى، لا يجب ان يقف أحد على الحياد، فالميدان يتسع لكل صاحب حق، ولكل مواطن.
البروفة الاحتجاجية التي تستعد لها قوى الحراك يوم 18 الحالي، ترجماتها ستكون اقوى لو كانت القوى المقاطعة تضع يدها في الانتخابات، وتساهم في ازالة عثرات البلاد، ولا تنتظر أن تأتي الرياح بحسب ما تشتهي اشرعتها، فهذا في السياسة يسمى بذخا، والفعل السياسي الحقيقي أن تشارك وطنك لحظات الشدة اكثر من لحظات الرخاء، وعلى هذا فسوف تدفع قوى المقاطعة من كيسها السياسي، ومن كياسة موقفها الوطني كثيرا، إن هي ساهمت في إفشال العملية الانتخابية.