أخبار البلد -
ﺧﯿﺮا، أﻋﻠﻨﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﺻﻼح اﻗﺘﺼﺎدي وﻃﻨﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻃﺎﻟﺐ اﻟﺨﺒﺮاء اﻟﻘﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﻨﻘﺪي ﺑﻮﺿﻌﮫ، ﻟﺘﺠﻨﺐ ﻣﺼﯿﺮ ﻣﺎﻟﻲ ﺻﻌﺐ، وﺳﯿﻨﺎرﯾﻮھﺎت ﻣﺸﺎﺑﮭﺔ ﻟﻤﺎ ﺣﺪث إﺑﺎن أزﻣﺔ اﻟﻌﺎم 1989.
اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺳﯿﺘﻢ ﺗﻄﺒﯿﻘﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات. وﻗﺪ ﺗﻢ اﻟﺘﺸﺎور ﻣﻊ ﺻﻨﺪوق اﻟﻨﻘﺪ اﻟﺪوﻟﻲ ﺑﺨﺼﻮﺻﮫ، ووﺿﻌﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺤﺪدات ﺳﺘﻠﺘﺰم ﺑﮭﺎ ﻹﻧﻘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد وإﻋﺎدﺗﮫ إﻟﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ.
ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺘﺸﺎور، واﻓﻖ اﻟﺼﻨﺪوق ﻋﻠﻰ إﻗﺮاض اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﻠﯿﺎري دوﻻر، ﺳﺘﺴﺎﻋﺪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻓﻲ ﺗﺨﻔﯿﻒ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺧﺘﻨﺎق اﻟﻤﺎﻟﻲ، وﺗﺰﯾﺪ ﻣﻦ ﺣﺠﻢ اﻟﺴﯿﻮﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻓﺮة ﻣﺤﻠﯿﺎ، ﻟﻜﻨﮭﺎ ﺳﺘﺰﯾﺪ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﻤﺪﯾﻮﻧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﮫ.
ﻟﯿﺲ ﻋﯿﺒﺎ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﺼﻨﺪوق واﻟﺘﻨﺴﯿﻖ ﻣﻌﮫ، ﻓﺬﻟﻚ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت اﻟﻌﺸﻮاﺋﯿﺔ واﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﻣﻄﺮﺗﻨﺎ ﺑﮭﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺎم 2004، واﻟﺘﺨﺒﻂ اﻟﻜﺒﯿﺮ اﻟﺬي أوﺻﻠﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﯿﮫ.
اﻟﺘﺸﺎور ﻣﻊ اﻟﺼﻨﺪوق أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ أﺣﻀﺎﻧﮫ، رﻏﻢ أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﺗﻄﺒﻘﮫ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺎم 2004، وھﻮ ﻋﺎم اﻟﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺼﻨﺪوق.
وزﯾﺮ اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ ﺳﻠﯿﻤﺎن ﺣﺎﻓﻆ ﺷﺮح اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺘﻲ أوﺻﻠﺖ اﻻﻗﺘﺼﺎد إﻟﻰ وﺿﻌﮫ اﻟﺤﺮج، وﻣﻨﮭﺎ أن اﻻﻗﺘﺼﺎد ﺗﺄﺛﺮ ﺑﺎﻟﻈﺮوف واﻟﺼﺪﻣﺎت اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﺎﻣﯿﻦ اﻟﻤﺎﺿﯿﯿﻦ، وﺗﺤﺪﯾﺪا ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺪم اﻧﺘﻈﺎم ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻐﺎز اﻟﻤﺼﺮي وارﺗﻔﺎع أﺳﻌﺎر اﻟﻨﻔﻂ، وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺰاﯾﺪ ﺣﺠﻢ اﻻﺳﺘﯿﺮاد، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﺗﺒﺎﻃﺆ اﻟﺪﺧﻞ اﻟﺴﯿﺎﺣﻲ وﺗﺤﻮﯾﻼت اﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج اﻟﻌﺎم 2011 وﺗﺪﻓﻘﺎت اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ.
اﻟﻮزﯾﺮ ﻟﻢ ﯾﻨﺲ ذﻛﺮ ﻧﺰوح آﻻف اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ اﻟﺴﻮرﯾﯿﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ، وﻣﺎ ﺗﻄﻠﺒﮫ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻮﻓﯿﺮ ﺧﺪﻣﺎت اﻹﯾﻮاء واﻟﺼﺤﺔ، ﻛﺴﺒﺐ ﻓﻲ زﯾﺎدة ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت واﻷﻋﺒﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷردﻧﻲ.
ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟﺤﺎﻓﻆ ﺣﻮل أﺳﺒﺎب اﻷزﻣﺔ ﺻﺤﯿﺢ، ﻟﻜﻨﮫ ﻟﯿﺲ ﻛﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ، ﻓﻮﺿﻌﻨﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟﯿﻮم ھﻮ ﺛﻤﺎر ﻣﺎ زرﻋﺘﮫ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت، وﻏﯿﺎب اﻟﺮؤﯾﺔ واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ، وﺿﻌﻒ اﻹرادة واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﺻﻼح، إذ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ أن ﺗﻨﻤﻮ اﻟﻤﻮازﻧﺔ ﻣﻦ ﻧﺤﻮ 3.1 ﻣﻠﯿﺎر دﯾﻨﺎر ﻟﺘﺘﺠﺎوز 6.8 ﻣﻠﯿﺎر دﯾﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 2012، ﻋﺪاك ﻋﻦ ﻣﯿﺰاﻧﯿﺎت اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻠﯿﺎري دﯾﻨﺎر؟!
اﻟﻮزﯾﺮ أﺳﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﺤﺪﯾﺚ أﺧﻄﺎء اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ إدارة اﻟﺸﺄن اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﻨﻘﺪي، ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺎﻗﻢ ﻏﯿﺮ اﻟﻌﺎدي ﻓﻲ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، ﻧﺎھﯿﻚ ﻋﻦ اﻟﻔﺴﺎد، وﺳﻮء إدارة اﻟﻤﺎل اﻟﻌﺎم وھﺪره، ودﻟﯿﻞ ذﻟﻚ ﻣﺌﺎت اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ اﻟﺘﻲ أﻧﻔﻘﺖ ﺑﻼ ﻃﺎﺋﻞ.
وﺿﻊ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﺻﻼح وﻃﻨﻲ ﺧﻄﻮة ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﯿﺢ، ﻟﻜﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ وﺿﻊ ﻣﺤﺪدات ﺗﺤﻮل دون وﻗﻒ ﺗﻨﻔﯿﺬه ﺑﺮﺣﯿﻠﮭﺎ وﻗﺪوم ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺪﯾﺪة، وﻋﻠﯿﮭﺎ أن ﺗﻀﻊ ﯾﺪھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺮوح اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ، واﻟﺘﺸﻮھﺎت اﻟﺠﻮھﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد، ﻻ أن "ﺗﺘﺸﺎﻃﺮ" وﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ وﺿﻊ ﺣﻠﻮل ﺳﻄﺤﯿﺔ وﺳﮭﻠﺔ.
اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﯾﺠﺐ اﻟﺤﺮص ﻋﻠﯿﮭﺎ، وھﻲ اﻷھﻢ، وﺿﻊ ﺷﺒﻜﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﻠﺤﻤﺎﯾﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ، وﺗﺤﺼﯿﻦ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟﻔﺌﺎت ﻣﺤﺪودة اﻟﺪﺧﻞ؛ ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﺧﻀﻊ ﻓﯿﮭﺎ اﻷردن ﻟﺒﺮاﻣﺞ ﺗﺼﺤﯿﺢ اﻗﺘﺼﺎدي ﺑﺮﻋﺎﯾﺔ وإدارة اﻟﺼﻨﺪوق اﻟﺪوﻟﻲ ﻛﺎن اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﻔﻘﯿﺮ وﻣﺤﺪود اﻟﺪﺧﻞ ھﻮ اﻟﺤﻠﻘﺔ اﻷﺿﻌﻒ، وھﻮ اﻟﻤﺘﻀﺮر اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺼﺤﯿﺢ، ﻣﺎ اﻧﻌﻜﺲ رﻗﻤﯿﺎ ﻓﻲ زﯾﺎدة ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﻘﺮ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ، وزاد اﻟﻔﺠﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻘﺮاء واﻷﻏﻨﯿﺎء.
ﻧﻌﻠﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎ أن روح وﻓﺤﻮى ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺼﺤﯿﺢ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺳﯿﺎﺳﺎت اﻟﺪﻋﻢ، وھﻲ اﻟﻌﻤﺎد اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻟﻠﺘﺼﺤﯿﺢ ﻣﻦ وﺟﮫ ﻧﻈﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﺼﻨﺪوق، وھﺬه اﻟﻮﺻﻔﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﺟﻠﺐ اﻟﺒﻼء ﻟﺪول اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻓﻘﺪ اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ وﺗﺴﺎوي اﻟﻔﺮص.
ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ وﺻﻔﺎت اﻟﺼﻨﺪوق ﻏﯿﺮ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ إﻓﻘﺎر اﻟﻨﺎس، ﺧﺼﻮﺻﺎ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻠﺘﺰم ﺑﻮﻋﻮدھﺎ ﺑﺘﻌﻮﯾﺾ اﻟﻤﺘﻀﺮرﯾﻦ ﻣﻦ رﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر. وﻃﺎﻟﻤﺎ أﻗﺮت اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت أﺷﻜﺎﻻ ﻣﮭﯿﻨﺔ ﻹﯾﺼﺎل اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻤﻦ ﯾﺴﺘﺤﻘﮫ، إذ ﻣﺎ ﻧﺰال ﻧﺬﻛﺮ ﻣﺒﻠﻎ 13 دﯾﻨﺎرا اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﺖ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ دﻋﻢ اﻟﻜﺎز ﻟﻸﺳﺮة اﻟﻔﻘﯿﺮة ﻟﻤﺮة واﺣﺪة ﻓﻘﻂ.
اﻷردن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ إﺻﻼح ﺑﻨﻜﮭﺔ وﻃﻨﯿﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ، ﯾﺮاﻋﻲ ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺗﮫ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﯿﺔ، وﺗﺼﺒﺢ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺼﺤﯿﺢ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﺘﺄزﯾﻢ ﻻ اﻟﺤﻞ.