اخبار البلد
هذا المقال موجه خصوصا الى معين خوري وخالد طوقان
لا أحد يعرف من أين جاءت كلمة (هردبشت) ولكننا جميعا وان لم نعرف معناها التفصيلي فاننا ندرك مدلولها المرادف لكمة (رعاع) أو (هترش) أو (سوقة)، ولعل العربية سواء كانت فصحى أو عامية من أكثر اللغات غنى بالكلمات المترادفة والبدائل اللغوية للمعنى الواحد، ناهيك عن قاموس الشتائم الأوسع في تاريخ اللغات،
فوصف فئة من الناس بأوصاف غير لائقة. أو (بالرعاع) كانت في الأردن شتيمة بالغة الايذاء تستوجب جاهات و(رجاوات) واعتذارات لها أول وليس لها أخر ولا يلجأ الناس في الشكوى منها الى المحاكم وانما الى شيوخ العشائر وكبارها، وكانت الاحكام بالغة القسوة بقدر ما كانت كرامات الناس عزيزة وشامخة وخاصة عندما تصدر الاهانة من رجل معروف وله وزنه ويثق كثير من الناس بكلامه .
اختلطت الامور وتغير ت الدنيا وهانت على بعض الناس كراماتهم بفعل الحاجة والجوع والحرمان، فظن آخرون أن الكرامة اختفت من المجتمع وأن الصوت الحر ضاع في زحام الجوع فركبوا مركب الغرور بالجاه أو المنصب فرفعوا رؤوسهم أكثر مما تحتمل المسافة بين أكتافهم و (لحاهم) وبدلا من احترام الناس والتواضع في خدمتهم ومحاورتهم صار التعالي سمة هذه الفئة وإطلاق مصطلحات الإهانة بحق الناس شجاعة وإدارة، وهي في حقيقتها (صفاقة) وقلة حياء .
المسؤول في أي موقع كان من أصغر موظف الى أعلى موظف في الدولة ليس أكثر من خادم بأجر عند رب العمل الذي هو الشعب الأردني الذي يمول الرواتب من لقمة عيش أبنائه وكدهم وكدحهم ، وكما يلزم قانون العمل العامل باحترام صاحب العمل وتنفيذ الواجب بما لا يتعارض مع مصلحته فان العامل لدى الشعب عليه أن يحترم الناس فاذا ما تطاول وأهان أصحاب العمل فقد وظيفته واستحق عقابه أو اعتذاره الصريح .
نحن شعب فقير المال غني الكرامة والانفة، ولو فاض النفط ملدى أشقاءنا جنوب بلادنا وفاضت الانهار لدى أخوتنا في شمالها فان فيضان كرامة الاردني أعلى وأغزر من ذلك كله وأبقى،
كان كثيرون من الاشقاء يصفون كرامة الاردنيين بالوصف أننا (نماريد)، وهذا صحيح فنحن شعب النماريد عندما تمس كرامتنا وشرفنا، ونحن شعب النماريد عندما ننتصر للمظلوم والضعيف، ونحن شعب النماريد عندما يطأ عدو ترابنا، ونحن شعب النماريد عندما يوجه الينا أحد إهانة ولو كان بين ظهرانينا أو يتسلم مسؤولية فينا
ما زالت البداوة متأصلة فينا مهما كانت مظاهرنا مدنية وذقوننا ناعمة وياقاتنا بيضاء، وقد ورثنا في جيناتنا أن الأردني يصبر على الضنك والمسغبة ولا يصبر على الاهانة، وكما قال أبن كلثوم (ألا لايجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا).