الأفيال تتصارع... والعُشب يتكسر

الأفيال تتصارع... والعُشب يتكسر
سليمان جوده
أخبار البلد -  

كان القائد العربي إذا أراد أن يُعبر عن مدى ما سوف يرسله إلى العدو قال يخاطبه: سوف أرسل إليك جيشاً أوله عندك وآخره عندي!

ولا نعرف بالطبع أين كان موقع القائد العربي، ولا أين كان موقع العدو منه، ولو عرفنا لتخيلنا حجم هذا الجيش الذي كان يشار إليه بتلك العبارة، ولكن ما نعرفه من صياغتها أنها تشير إلى ضخامة القوة التي سيكتشف العدو أنه يقف أمامها.

ولا يختلف الحال كثيراً بين العصر الذي قيلت فيه العبارة، وبين عصرنا الذي نعيش فيه، إذا ما تابعنا وقائع الأحداث من حولنا، وبالذات على مستوى إيران وميليشياتها التي تحركها في المنطقة، ثم تتكلم بكل براءة عند الجد وتقول إنها لا تحرّك أحداً ولا فصيلاً، وإن الفصائل المتحركة إنما تحرِّك نفسها وتتخذ قرارها من دماغها.

وهذا كلام يقال دائماً كلما وجدت حكومة المرشد علي خامنئي، في طهران، أنها أمام حركة هجومية قام بها فصيل من الفصائل المحسوبة عليها في أرجاء المنطقة، التي لا يمكن عقلاً ولا منطقاً أن تفعل ما تفعله من رأسها، لا يمكن، وإذا كانت حكومة المرشد تقول ما تقوله عند كل حركة من حركات فصائلها، فسوف تكون مخطئة إذا تصورت أن ما تقوله يصدقه أحد، وسوف تظل تضحك على نفسها وهي تتخيل أنها تضحك على الآخرين.

وليس أصدق في هذا المقام مما ذكره ويليام بيرنز، مدير المخابرات المركزية الأميركية، في مقالته المنشورة مؤخراً في دورية «فورين أفيرز» الأميركية الشهيرة، وذلك عندما قال إن إيران تريد أن تقاتل في المنطقة حتى آخر وكيل إقليمي!

هذا أصدق تعبير يمكن أن يوصف به السلوك الإيراني في الإقليم إلى الآن، ولسنا في حاجة إلى شيء لإثبات صحته، إلا إلى مراجعة ضحايا الضربات التي وجّهتها الولايات المتحدة إلى 85 هدفاً في غرب العراق وشرق سوريا، رداً على استهداف قاعدة «البرج 22» الأميركية على الحدود السورية - الأردنية، أو الضربات التي وجهتها القوات الأميركية والبريطانية إلى قواعد الجماعة الحوثية في اليمن، التي لا تزال تواصل توجيهها.

في الحالتين سوف ترى أن إيران تقاتل من خلال وكلاء إقليميين، وأن إيرانياً واحداً لم يسقط ضحية للضربات في غرب العراق وشرق سوريا، ولا في الضربات الموجهة إلى الجماعة الحوثية في اليمن، وأن الضحايا إما أنهم كانوا عراقيين في الحالة الأولى، أو كانوا يمنيين في الحالة الثانية، أو كانوا أفغاناً في حالة ميليشيا «فاطميون» التي سقط سبع ضحايا من بين عناصرها.

طبعاً هناك استثناءات لذلك كله، ومنها سقوط قاسم سليماني في محيط مطار بغداد في 2020، وبتوجيهات من الرئيس دونالد ترمب وقتها، أو سقوط قائد إيراني أو اثنين أو أكثر قليلاً في الغارات التي تقوم بها إسرائيل على الأراضي السورية، وما عدا ذلك، فالضحايا من عرب العراق أو عرب اليمن، أو عرب أي قُطر عربي آخر، أو حتى من الأفغان باعتراف قيادات في «الحرس الثوري» الإيراني كانت تحصي ضحايا الضربات.

ولست من جانبي أدعو أحداً إلى شيء، إلا إلى أن يدقق النظر في مشهد تشييع ضحايا جماعة «الحشد الشعبي»، الذين سقطوا بعد الضربات الأميركية على الأهداف الخمسة والثمانين، ليكتشف أن عددهم في حدود 17 ضحية، وأنهم جميعاً عراقيون، وأنهم لا يوجد بينهم إيراني واحد، وأن الحزن عليهم كلهم كان في بيوت عراقية!

وليس معروفاً إلى الآن عدد ضحايا الضربات الأميركية والبريطانية على جماعة الحوثي، ولكن المؤكد أنه لو كان العدد ضحية واحدة، فهذه الضحية يمنية لحماً ودماً، ولو كان العدد مائة أو أكثر فجميعهم يمنيون لحماً ودماً بالدرجة نفسها.

صحيح أن «الحشد الشعبي» ميليشيا إيرانية الهوى، ولكنّ عناصرها عراقيون لا شك من حيث بطاقة الهوية أو الجنسية التي يحملها كل عنصر منهم، وكذلك الحال بالنسبة إلى جماعة الحوثي اليمنية، التي لا تداري هواها الإيراني ولا تخفيه.

فالوكيل هو الذي يتلقى الضربات، وهو الذي يهاجم ويكون عليه أن يدفع ثمن هجومه إذا رد الطرف الذي هوجم، أما الطرف الإيراني فهو واقف هناك يفرك أصابعه من الفرح كلما وقع هجوم، ويطلق تحذيراته كلما جاء رد على هجوم.

وعندما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عزمها الرد على استهداف قاعدة «البرج 22»، فإن عناصر كثيرة من الميليشيات فرّت من مواقعها، لأنها عرفت أنها المقصودة بالرد، وأن العقاب سينالها هي، ولن ينال إيران بشكل مباشر، رغم الحديث الأميركي منذ البداية عن أن الطائرة المُسيرة التي استهدفت قاعدة البرج إيرانية الصنع!

تبدو طهران كأنها تلعب شطرنج مع واشنطن، وتبدو واشنطن كأنها تشارك في اللعب وفق قواعد متفق عليها بينهما ضمناً، وتبدو المنطقة كأنها طاولة اللعبة، ويبدو الطرفان حريصَين على ألا يغلِق أيهما الطريق أمام الآخر في أثناء الحركة على الطاولة، فكلما أحس أيهما بأنه يسد طريقاً على الآخر أفسح الطريق للمرور، ولهذا تدوم اللعبة وتستمر، وبغير أن تشهد عبارة الختام الشهيرة التي تعلن فوز طرف على طرف!

ولكن ما يفوت طهران أن ما تمارسه سيطولها ذات يوم، مهما تصورت أنها بعيدة عنه، لا لشيء إلا لأنها جزء من جغرافية المنطقة، وهذا ما لا تستطيع تغييره ولا تبديله، أما الولايات المتحدة فهي هناك وراء المحيطين الأطلنطي والهادئ، تحتمي بهما، ومن ورائهما تحرّك ما تحركه في أنحاء الأرض وهي مطمئنة إلى أنها بمنأى عن الخطر.
شريط الأخبار وفيات الاردن اليوم الاثنين 25/11/2024 مجلس النواب يشرع بانتخاب لجانه الدائمة الاثنين بوادر أزمة.. أول تعليق من الاتحاد العراقي بشأن لعب مباراته أمام فلسطين في الأردن مديرية الأمن العام تجدد تحذيراتها من الحالة الجوية تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة.. مدن إسرائيلية تحت نيران هجوم كبير لحزب الله عشيرة المعايطة تؤكد إدانتها وتجريمها للاعتداء الإرهابي على رجال الأمن العام وفاة ثلاثينية إثر تعرضها لإطلاق نار على يد عمها قرض ياباني بقيمة 100 مليون دولار لدعم الموازنة العامة "حماية المستهلك" ترفض تفرد نقابة الأطباء بتحديد الأجور الطبية التربية تعلن صدور أرقام الجلوس لطلبة تكميلية التوجيهي "النقل البري": قرار إعفاء المركبات المنتهي ترخيصها من الغرامات يشمل مركبات النقل العمومي الضريبة تواصل استقبال طلبات التسوية والمصالحة "الطاقة والمعادن": العدادات الكهربائية الذكية دقيقة ويسهل اكتشاف الاعطال فيها وتخفض الفاقد الكهربائي فيديو.. ولي العهد تعليقا على بدء تأثر الأردن بالمنخفض الجوي: "اللهم صيبا نافعا" يطبق لأول مرة: إجراءات لعقد امتحان الثانوية العامة بصورة إلكترونية نهاية العام "صحة غزة": 35 شهيداً و94 إصابة في 4 مجازر بالقطاع خلال ال24 ساعة الماضية حسان والصفدي يؤكدان التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الجمارك تعلن تمديد ساعات العمل للتخليص على المركبات الكهربائية الحكومة: ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا ورشة توعوية للشركات الصناعية حول المنافع التأمينية للضمان الاجتماعي