اخبار البلد
لا يمكن وصف ما جرى في الانتخابات الداخلية لجماعة الاخوان المسلمين الا انها حالة سيطرة مطلقة لتيار الصقور وإقصاء لتيار الحمائم, وهذا الوصف رغم نفي قيادة الجماعة لوجوده الا انه يبقى وصفا دبلوماسيا وخارجيا لا يعطي الحالة الحقيقية بين "الاخوان".
لا شك ان رحيل حكومة عون الخصاونة المفاجىء قد أدى الى قلب الاوراق داخل "الاخوان" والنزوع الى الخوف والتشدد في مواجهة الدولة وانعكس ذلك بتمكين تيار الصقور ولو بشكل قليل جاء بحجم صوتين في مجلس الشورى وادى الى فوز د.همام سعيد بمنصب المراقب العام.
وكذلك لا يمكن تجاهل ان الحالة الاستثنائية داخل "الاخوان" أدت الى وضع المراقب السابق سالم الفلاحات في مواجهة همام سعيد, وهي حالة "اضطرارية" لان تيار الحمام لم يكن خياره الفلاحات اصلا الا بعد ان عجز عن اقناع غيره , وبالتالي فان اسباب خسارة الفلاحات تعود الى انه من الحمائم لكن طروحاته "صقورية".
الا ان خسارة "الاخوان" ستكون كبيرة بعد استبعاد الفلاحات وتيار الحمائم, ورفض الاخير الترشح لاي مناصب داخلية, لانه يعرف مدى حساسية الدولة تجاه الوضع الاخواني الجديد, الامر الذي ترك الاخوان "وحيدين" في مواجهة مفتوحة.
وحتى نقترب اكثر من فهم ما جرى, فان القصة تتلخص في ان وضع "الاخوان" لا يختلف كثيرا عن وضع البيئة المحيطة, فقد اصاب "مرض الاقليمية" الاخوان المسلمين وبكل بساطة فان المعادلات الاردنية والفلسطينية داخل الجماعة كانت على توتر شديد الامر الذي استبعد تيارا واسعا (ديمغرافيا وسياسيا) هو الحمائم وتسيد الموقف تيار الصقور صاحب الطروحات الرخوة باتجاه الهوية الوطنية الاردنية.
ومن يستمع لما يقوله اصحاب "التيارين" ضد بعضهما بعضا يعتقد للوهلة الاولى ان حرب "داحس والغبراء" ستشتعل عما قريب .
يعتقد "الاخوان" ان الربيع العربي سلمهم قيادة الجماهير, لكنهم لم يدركوا ان لذلك استحقاق مهم وهو ان التعامل السياسي مع الناس سينزع عنهم "الحصانة" المكتسبة اعتمادا على "الشرعية الدينية" التي كسبوها بفضل سكوت الدولة عن دمجهم بالعمل الخيري والديني والسياسي, وهي مسؤولية تتحملها الدولة.
وقد رأينا ان هناك دعوات داخل"الاخوان" تطالب بفصل العمل الدعوي اي"الجماعة" عن حزب جبهة العمل الاسلامي, في الوقت الذي لا تزال فيه الحكومات تتفرج.
ان ما جرى في داخل"الاخوان"هو حالة إقصاء واحتكار تتناقض ودعاواتهم للحكومة اوالنظام او الاطراف الحزبية والسياسية الى الحوار والتوافق, فمن لا يستطيع محاورة "اخيه" بل يقصيه, لا يمكن ان يحاور خصومه او يتوافق معهم, الا مرحليا فهو"يتمسكن حتى يتمكن".
مشكلة "الاخوان" انهم لم يعودوا يشبهون انفسهم, فقد غادروا مواقعهم الحقيقية واصبحوا بكل بساطة "طلاب حكم" لذا فان معركتهم ليست ضد قانون الانتخاب, بل مع صلاحيات الملك الدستورية.
وهنا الوهم بعينه, اذا كانوا يعتقدون ان الاردنيين سيفرطون بصلاحيات الملك وسيسلمون الاردن لاصحاب المغامرات وطلاب الحكم. في ظل هذه الحالة السياسية الرخوة والديمقراطية العرجاء, فالملك هو الضامن للاردن شعبا ونظاما وهو احد روافع محاربة الاجندات الاسرائيلية في فرض الوطن البديل.