ثمة حاجة ملحة و موضوعية لمراجعة شاملة لمواد قانون الشركات المتعلق بالمساهمات العامة كاستحقاق طبيعي واستجابة للتغيرات التي طرأت على بيئة ممارسة الأعمال في الشركات وارتباط شكل الممارسة باّليات سوق رأس المال وما ينبثق عنها من تداولات وحوكمة وافصاحات مالية وخضوعها لمظلة المعايير المحاسبة الدولية ومعايير التقارير الدولية وأشكال التمويل وتكوين رأس المال المرتبط بهذه الشركات وكذلك علاقتها بقوانين الإعسار ومكافحة الفساد ومع موافقة مجلس الوزراء على وضع إطار تنظيمي قانوني شامل وفق اّلية واضحة للتعامل بالأصول الإفتراضية والرقمية خلال عام فإن المراجعة يجب أن تبدأ منذ الأن لتشكيل الحاضنة القانونية والتشريعية لهذه المنتجات المالية غير التقليدية مع القانون الحالي كاستشراف للمستقبل وضمن الرؤية الملكية للتحديث والتطوير الإقتصادي . إن هذه المراجعة الجذرية للقانون وتعليماته لا تتناقض بأي شكل من الأشكال مع ضرورة ثبات التشريعات واستقرار القوانين ذلك أن المراجعة والتعديل تأتي في سياق مواكبة القانون للتطور الحاصل في بيئة الشركات ولأن المراجعة والتعديل يخدم وضوح العلاقة بين أطراف المتعاملين في الشركات المساهمة العامة يصبح من المنطقي إشراك هؤلاء المتعاملين من مستثمرين ومساهمين و مدققي حسابات وجمعية البنوك وهيئة تنظيم قطاع التأمين وغرف الصناعة والتجارة والمستشاريين القانونيين والجهات التشريعية والرقابية من مجلسي النواب والأعيان ودائرة مراقبة الشركات والبنك المركزي وهيئة الأوراق المالية والقضاة المتخصصين في شؤون الشركات في النقاش المؤسسي بخصوص التعديلات والمراجعات المقترحة من جميع هذه الجهات للوصول إلى أفضل التشريعات التي تنظم وتحكم العمل بين جميع الأطراف .
العضوية الجائزة في مجالس الشركات باّن واحد.
البند(أ) من المادة(146) يحدد العدد الأقصى لتمثل الشخص في عضويات مجالس إدارات الشركات بصفته الشخصية وبصفته ممثلا لشخصية إعتبارية بخمسة عضويات على أن لايتجاوز عدد عضوياته بصفته الشخصية عن ثلاث عضويات وعن عضويته كممثل للشخصية الإعتبارية عن ثلاث عضويات كذلك.
لقد أغفلت المادة منع العضو بصفته الشخصية أو الإعتبارية من التمثل بالشركات التابعة والحليفة لتحقيق شرط الإستقلالية ومنع تضارب المصالح كذلك . إن معظم التجاوزات بالشركات المساهمة كانت بسبب العضويات المتداخلة للآشخاص في الشركات الأم والشركات التابعة والحليفة .
مسؤولية رئيس وأعضاء المجلس
البند(أ) من المادة (157) من القانون يحدد المسؤولية القانونية على رئيس وأعضاء المجلس في حال مخالفة أي منهم او جميعهم للقوانين والأنظمة المعمول بها ولنظام الشركة وعن أي خطأ في إدارة الشركة ولا تحول موافقة الهيئة العامة على إبراء ذمة المجلس دون الملاحقة القانونية لرئيس و أعضاء المجلس .كما إن البند (ب) من المادة نفسها ينص صراحة على : وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوة بهذه المسؤولية بعد مرور خمس سنوات على تاريخ إجتماع الهيئة العامة التي صادقت فيه على الميزانية السنوية والحسابات الختامية للشركة .كما ينص البند (أ) من المادة (161) على : لا يمكن الإحتجاج بالإبراء الصادر عن الهيئة العامة إلا إذا سبقه بيان حسابات الشركة السنوية وإعلان تقرير مدققي الحسابات كما أن البند (ب) من هذه المادة ينص على : لا يشمل هذا الإبراء إلا الأمور التي تمكنت الهيئة العامة من معرفتها.
لقد أغفلت المادة (157) ذكر المصادقة على التقرير السنوي بما يتضمنه من تقرير لمجلس الإدارة والبيانات المالية المدققة ذلك أن جزء مهم من الأمور الجوهرية والتفصيلات موجود في تقرير المجلس كايضاحات إستنادا لقانون الشركات وتعليمات هيئة الأوراق المالية بخصوص المعلومات الواجب توفرها بالتقرير .
إن الإشكالية المرتبطة بتفسير المادة (157) بشأن عدم جواز الإحتجاج في جميع الأحوال بعد مرور فترة الخمس سنوات من تاريخ المصادقة من قبل الهيئة العامة على الميزانية العامة والحسابات الختامية بعد أن أغفلت المادة أي مصادقة على تقرير مجلس الإدارة يعني أن الهيئة العامة إذا صادقت على الميزانية العامة والحسابات الختامية حتى لو إحتوت مخالفات لا تستطيع بحكم الإطلاع عليها من خلال البيانات بالمضي قدما في مقاضاة المجلس لوجود علة التقادم في جميع الأحوال وعلى الإطلاق بعد مرور خمس سنوات من المصادقة ؟! وكيف للهيئة العامة معرفة أن الأفعال والتصرفات والقرارات التي يظهر أثرها بالبيانات المالية فيها مخالفة من عدمها ؟ أليس من واجب مدقق الحسابات باعتباره وكيل عن المساهمين كا هو منصوص عليه في المادة (199) من القانون التنبيه والإفصاح للهيئة العامة عن هذه المخالفات إن وجدت وللهيئة العامة حينها إبراء ذمة المجلس من عدمه وحينها تصبح فترة الخمس سنوات ذات معنى .
لا بد من إعادة صياغة هذه المواد والربط بينها بما لايدع مجال للتأويل أو التفسير المختلف لتحقيق مقاصد حماية المساهمين بشكل واضح و صريح مع الأخذ بعين الإعتبار أن اموال الشركات المساهمة تعامل معاملة المال العام لذا يجب مراعاة هذه التداخلات في المدد القانونية لتحديد إمكانية سماع الدعوى من عدمها بحق المجلس .
المحظور على رئيس وأعضاء المجلس
المادة (158) تحظر على رئيس وأعضاء المجلس وأي موظف فيها إفشاء أسرار الشركة إلى أي مساهم في الشركة أو الغير أي معلومات أو بيانات تتعلق بالشركة وتعتبر سرية وحصل عليها بحكم عمله في الشركة أو قيامه بأي عمل لها أو فيها تحت طائلة المسؤولية كما تحظر المادة ( 166) على رئيس وأعضاء المجلس والمدير العام وأي موظف فيها أن يتعامل بأسهم الشركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بناء على معلومات اطلع عليها بحكم منصبه أو عمله في الشركة كما لا يجوز له أن ينقل هذه المعلومات لآي شخص اخر بقصد التأثير في أسعار اسهم هذه الشركة أو أي شركة تابعة أو قابضة أو حليفة للشركة التي هو عضو او موظف فيها او إذا كان من شأن النقل إحداث ذلك التأثير.
إن معظم تداولات الأشخاص المطلعين هو بحكم وظائفهم ووصولهم للمعلومات التي تخص الشركة بل ومتابعة لتداولات المساهمين الأخرين وهناك تحكم في معدلات أسعار الأسهم بما يخدم توجهات المسيطرين والتحكم بالعرض والطلب بالطرق التي تخدم مصالحهم وليس خافيا على أي من المتعاملين في البورصة تفاصيل الترتيبات التي تحدث بين أعضاء المجالس والمضاربين وبعض المكاتب في توجيه حركة التداولات استنادا للمعلومات الداخلية للشركة ومنها النتائج المالية والأحداث الجوهرية وتداولات المساهمين الأخرين. إن المطلوب خلق الية من خلال بورصة عمان وهيئة الأوراق المالية واستخدام تقنيات الذكاء الصناعي في الربط بين التداولات وتتبعها وربطها بالأشخاص وتفعيل الرقابة على التداولات التي تصب في مصلحة فئة على حساب أخرى كما يجب إيلاء شكوى المساهمين بهذا الموضوع العناية اللازمة ضمن إجراءات حقيقية وصارمة .
مكافأة الرئيس والأعضاء
المادة (162) من القانون
في غياب أسس وسياسة تفصيلية لاستقطاب أعضاء مجلس إدارة يتمتعون بقدر من الكفاءة العلمية والفنية و الإدارية والإبقاء عليهم وذلك حتى يتمكنوا من أداء مهامهم وواجباتهم بمهنية وكفاءة واستقلالية بما يتناسب ويتلائم مع أنشطة الشركة وأغراضها، وبغياب معايير وشروط واضحة ومحددة توضح للمساهمين في الشركة الشروط والمعايير والإجراءات المتبعة لمنح المكافآت لأعضاء مجلس الإدارة تبقى أسس احتساب هذه المكافات بلا ضوابط حقيقية بإستثناء ما ورد من نصوص المادة (162) من قانون الشركات نجد أن هناك مخالفة في معظم الشركات الأردنية ذلك أن المادة (162) قد حددت وحصرت المكافات واوجه التعويضات لرئيس وأعضاء المجلس بثلاث أوجه هي 1- في حالة تحقيق أرباح قابلة للتوزيع وبعد إجراء تنزيل لجميع الضرائب والإحتياطيات وبما لا يزيد عن 10% من الربح القابل للتوزيع وبحد أقصى 5000 دينار لكل عضو وحسب الالية المذكورة أدناه 2- في حال تحقيق خسائر بعد تحقيق أرباح أو لم تحقق أرباح فيمكن صرف بدل تعويض لرئيس وأعضاء المجلس عن الجهد المبذول في إدارة الشركة وبمعدل 20 دينار عن كل جلسة لمجلس الإدارة أو لجنة من اللجان المنبثقة وبما لايزيد عن 600 دينار لكل عضو من الأعضاء سنويا .3- بدلات الإنتقال والسفر بموجب نظام خاص تصدره الشركة لهذه الغاية .
وحيث أن قانون الشركات قد نص صراحة على البنود التي يمكن للشركة صرفها كمكافات وتعويضات لرئيس وأعضاء المجلس فإنه من الواجب عدم صرف أي مبالغ أو مزايا تحت مسميات أخرى أو خارج هذه الأوجه كما يجب أن تلتزم الشركات بالحد الأقصى المبين في هذه المادة من مبالغ . فلا يجوز مثلا صرف سيارة لرئيس المجلس أو بدل محروقات أو بدل عضوية لجان في الشركة أو مكافات تتعلق بنهاية ولاية رئيس المجلس أو بدل سائق أو أي مسمى اخر مثلا كما لم يعالج القانون المكافات والتنقلات في حال تمثل العضو بشركة تابعة او حليفة وتحديد حقه في إزدواجية هذه المبالغ والمكافات . أما نفقات الإنتقال والسفر فهي مقبولة رغم ان القانون لم يشترط موافقة الهيئات العامة عليها كشرط مسبق لصرفها كما أن هناك إشكالية تتعلق بتطبيق الالية رقم (2) التي تغطي حالة تحقيق خسائر أو في حال عدم تحقيق أرباح فهل إذا حققت الشركة أرباح لا يتم تعويض الرئيس والأعضاء عن جهدهم في إدارة الشركة و عضوية اللجان والإكتفاء بالالية رقم (1) وحصر جميع المكافات والتعويضات بسقف 5000 دينار ؟ من المعروف أن الشركات المساهمة تصدر اربع بيانات مالية في (31/3-30/6-30/9-31/12)- خلال السنة فهل يتم الإنتظار لنهاية السنة لمعرفة نتيجة أعمال الشركة لصرف التعويض أم يمكن الصرف حسب نتائج كل ربع ؟ إن مراجعة شاملة لألية صرف المكافات وربطها بالإنجاز والتقييم لأداء المجلس ككل ولكل عضو على حدى حسب قدراته وكفاءته ومساهمته الفعلية من خلال معايير ومستهدفات .فلا معنى لمكافأة جميع الأعضاء بالتساوي دون النظر كما و نوعا لوزنهم وإضافتهم النوعية في المجلس .إن موافقة الهيئات العامة على اّلية الإحتساب من شأنه أن يوفرعدالة أكبروشفافية في تأطير مسؤولية أعضاء المجلس وربطها بالتعويض العادل عن تلك المهام .
نحن جميعا أمام استحقاقات موضوعية تتمثل في الحاجة لتطوير نصوص قانون الشركات وتعديله لمواكبة المستجدات المتسارعة لتحقيق مستوى أعلى من الرقابة والعدالة والتوازن لجميع الأطراف . ولنا عودة قريبا في المقال الرابع والأخير لاستكمال الملاحظات .