مُجرم الحرب نتنياهو يُواصل إشعال المزيد من الحرائق في قطاع غزة ولبنان, وبما يتجاوز هاتين الساحتين إلى المنطقة بأسرها, في ظل دعم أميركي مفتوح, خاصة بعد قرار إدارة الرئيس بايدن, إرسال منظومة صواريخ من طراز ثاد (THAAD) مهمتها التصدي للصواريخ الباليستية وفرط الصوتية, على علو مُرتفع, يقوم على تشغيلها «100» جندي أميركي, ما يُعرضهم للخطر. رغم اقتراب انتخابات الرئاسة الأميركية (22 يوماً), من بين أمور أخرى, ما يعني ليس فقط مُضي بايدن وفريقه قُدماً في المشاركة الفعلية, في مخطط حكومة الفاشيين الصهاينة إشعال المنطقة بأسرها, بل خصوصاً في المغامرة بخسارة نائبته التي لا تقل تصهّيناً عنه, في استحقاق الخامس من الشهر الوشيك.
في الإطار ذاته يمكن التوقف عند «الصمت», الذي لاذت به إدارة بايدن, بعد طلب نتنياهو من أمين عام المنظمة الدولية/غوتيريش, سحب قوات اليونيفيل «فوراً» من الجنوب اللبناني. علماً أن بايدن نفسه كان طلبَ من نتنياهو «عدم» التعرّض لتلك القوات, بعد قصف الجيش الفاشي مواقع اليونيفيل وجرح العديد منهم, أثناء مكالمته الهاتفية معه والتي «فشلَ» فيها بايدن, بـ«معرفة» الأهداف «الإيرانية» التي ستُهاجمها إسرائيل, في ردّها المتوقع على الضربة الصاروخية الإيرانية, وفق ما كشفت وسائل الإعلام الصهيونية.
صفعتان مدويتان إذاً, وجّههما نتنياهو خلال 48 ساعة, لشريكه الأميركي في حرب الإبادة والتهجير, وأكبر داعم للكيان منذ عقود طويلة, إن لم نقل في تاريخ الكيان, اللهم إلا إذا إستحضرنا الرئيس الجمهوري/نيكسون الذي أرسل قطاراً جوياً لم يتوقّف خلال حرب اكتوبر 1973, بدبابات مُجهزة دخلت فوراً ميدان المعركة في سيناء, وأسلحة وعتاد حالت كلها دون هزيمة جيش النازية الصهيونية, وربما إزالته عن الخريطة, حتى في ظل تلويح غولدا مائير بقصف القاهرة ودمشق بالسلاح النووي.
لم تُعلن واشنطن ـ حتى كتابة هذه العُجالة ـ عن موقفها, من طلب نتنياهو الوقح والمحمول على فائض الغطرسة وثقافة التفوّق اليهودي. إضافة الى ما إنطوت عليه رسالته/نتنياهو العلنية وغير المسبوقة في الأعراف الدبلوماسية من تلويح باستخدام القوة ضدها بذريعة انها «ستُصبح» رهينة لدى حزب, فضلاً عن كونها «تحمي» الحزب, على ما جاء في كلمته المتلفزة. دون إهمال إشارته اللافتة الى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأُونروا), عندما إتهمها بمساعدة حركة حماس قائلاً: «للأسف، بعض قادة أوروبا يُمارسون الضغط في المكان الخطأ. بدلاً من إنتقاد إسرائيل ـ أضافَ ـ ينبغي عليهم توجيه انتقاداتهم إلى حزب الله، الذي يستخدم اليونيفيل كـ«درع بشري»، تماماً كما ـ تابعَ ـ تستخدم حماس في غزة الأُونروا كدرع بشري. للأسف ـ ختمَ ـ الأُونروا أيضاً تتعاون مع حماس».
سيل من الأكاذيب التي يبرع الصهاينة كما الأميركيون, في بثّها وتعميمها لتبرير جرائمهم والمؤامرات التي يُحيكونها, للتغطية على وتبرير حروبهم الوحشية, وارتكاباتهم بحق الشعوب العربية, وخصوصاً الشعبان الفلسطيني واللبناني, ناهيك عمّا لحق وما يزال يلحق بالشعب السوري والعراقي والليبي واليمني والسوداني أيضاً. ما يستدعي التوقف عند ما تستبطنه أقوال نتنياهو المسمومة هذه, سواء في ما خص طلبه سحب قوات اليونيفيل أم لجهة اتهام الأُونروا بمساعدة حركة حماس.
إذ يروم السيطرة على المواقع الحغرافية التي تتواجد فيها القوات الدولية في جنوب لبنان, حيث هي ومنذ العام 2006, تُقيم «معسكراتها» على تلال وجبال مرتفعة, تُشرف وبشكل مباشر وعملي على «الخط الأزرق» الذي رسمته القوات الدولية. (حدود لبنان التي تم رسمَها بين لبنان وفلسطين قبل قيام الكيان الصهوني, بين المُستعمِرين الفرنسيين للبنان, والمُستعمِرين البريطانيين لفلسطين, خرقها العدو الصهيوني في 13 نقطة حدودية, وبرفض الانسحاب منها حتى الآن). وهو ما يسعى إليه نتنياهو الآن, بعد فشل اجتياحه البريّ للجنوب اللبناني, رغم حشده خمس فِرَقٍ عسكرية وما يزال العدو غير قادر على ذلك بعد 13 يوماً على محاولاته الفاشلة.
هذا هو هدف نتنياهو الأبرز, رغم الترويع الذي ما يزال جيشه يمارسه على القوات الأممية, لأنه يُضمِر هدفاً أوسع وهو إقامة «منطقة عازلة» في المنطقة «جنوب نهر الليطاني«, و«محو» كل قراها وبلداتها وتهجير سكانها, الذين في غالبيتهم من الطائفة الشيعية. ما يُفقِد اليونيفيل دورها, ويجعل من المنطقة العازلة «جيباً» صهيونياً تحت الاحتلال.
ماذا عن الأونروا؟
لم تعد الأهداف الصهيونية خافية على أحد, بعدما باتت «منظمة إرهابية» كما «قرّر» كنيست العدو, وتمت مصادرة الأرض التي تقيم عليها مكاتبها في منطقة الشيخ جراح بالقدس المحتلة لإقامة مستوطنات يهودية فوقها, زد على ذلك منعها من العمل في القطاع أو توزيع الأغذية وخدمات التعليم والطبابة, ناهيك عن منع مفوضها العام/لازاريني من الدخول إلى غزة والضفة الغربية, وفرض رسوم جمركية على كل التبرعات, التي تتلقاها وتوزعها على مُستحقيها من اللاجئين الفلسطينيين.
الأونروا وسجلاتها والهدف الذي أُقيمت من أجله منذ العام 1949, يريد الصهاينة شطبها, تمهيداً لإهالة التراب على قضيتهم, والحاقهم ـ لاحقاً ـ في «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»/ UNHCR. ما يعني شطب حق العودة نهائياً وتوطينهم في الدول المُضيفة, أو توزيعم على بلدان العالم, كون الشعب الفلسطيني في نظر الكثيرين «شعباً زائداً» يجب إبادته أو إذابته بين شعوب المعمورة.