فيما تستعد الولايات المتحدة الأميركية لطي صفحة الرئيس «الصهيوني حتى النخاع» جوزيف بايدن, تبرز نائبته/كامالا هاريس في المشهد الأميركي ما قبل الأخير, الذي يسبق استحقاق الخامس من شهر تشرين الثاني الوشيك, في مسعى منها لنيل اللقب الأرفع من اللقب الذي احتلّته طوال أربع سنوات, وهو أول امرأة وأول سوداء تحتل منصب نائب الرئيس, في التاريخ الأميركي.
لكنها (هاريس) تتوسل أساليب ومقاربات انتهازية تفوح من رائحة النفاق, على نحو لا تتردّد في الزعم أن سياستها تجاه ملفات الشرق الأوسط, وبخاصة القضية الفلسطينية لن «تتطابق» مع سياسة بايدن. وهو ما تبدى ــ على سبيل المثال ــ عندما إلتقت قبل أيام بقيادات من الأميركيين «المسلمين وذوي الأصول العربية» في ميشيغان، وذلك في خضم جدل بسبب موقف إدارة بايدن من حرب الإبادة الصهيوأميركية على قطاع غزة, كذلك الحرب الوحشية الصهيونية المدعومة بضوء أخضر من بايدن على لبنان.
وإذ نقلت شبكة NBC الأميركية عن مسؤول في حملة هاريس الانتخابية، أنها أعربت عن «قلقها» إزاء حجم المعاناة في غزة، وقلقها «العميق» بسبب الخسائر المدنية والنزوح في لبنان». فقد اوضحت نائبة الرئيس (وفق شبكة NBC) «جهودها» لإنهاء الحرب على غزة، بحيث تكون «إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن لدى «حماس»، وتنتهي المعاناة في غزة، و«يُدرِك» الشعب الفلسطيني, حقه في الكرامة والحرية و«تقرير المصير».
من ذا الذي يُصدق ان المرأة التي تحتل منصب الرئيس في إدارة أسوأ رئيس اميركي, فاخرَ بصهيونيته ومنح حكومة الفاشيين في تل أبيب, شيكا أبيض لإبادة الشعب الفلسطيني, وتنكّر لكل ما بذله من وعود (كذِباً.. كما يجب التذكير) تجاه «الفلسطينيين», عندما جلسَ على كرسي المكتب البيضاوي, الذي «خطّه» المهرج صاحب صفقة القرن/ترمب؟. مَن يُصدق ان هاريس, تتحدث عن «تقرير المصير للشعب الفلسطيني»؟
تعالوا إذا لِلتذكير ببعض الإنتماء الصهيوني المُبكر للسيدة هاريس, صاحبة العلاقات الوثيقة بـ«اللوبي اليهودي»/ إيباك, الأكثر نفوذا وتأثيرا في الساحة الأميركية, وخصوصا السياسية والإعلامية والأكاديمية, إذ زعمت/هاريس أن إسرائيل ــ في ظنّها - كانت واحة قاحلة حين إحتلها اليهود، وأن المساعدات التي «قدّمتها هي وجيرانها » لزراعة الأشجار في تلك الأرض، جعلتها تُزهر, حيث نشأتُ في منطقة على البحر. ما جعلها تتذكّر صناديق «جمع التبرعات» لزراعة الأشجار في الدولة الصهيونية... بعد سنوات، عندما زرتها للمرة الأولى ــ والقول لهاريس، رأيتُ ثمار هذا الجهد, و(البراعة الإسرائيلية) في جعل الصحراء تُزهر».
هذه هي كامالا هاريس وهذه مواقفها الحقيقية, منذ «اكتشافها» البراعة الصهيونية في جعل الصحراء تُزهِر.. حتى الآن. ليس مُهما والحال هذه, القول ان زوج هاريس «يهودي». لأن الخطورة لا تكمن في ديانة الشخص (أياً كانت ديانته), بل في مواقفه السياسية و(خطابه وبرنامجه السياسي في حال هاريس الآن), كما نعتقد. والشواهد عديدة ومُتاحة لمن يبحث عنها ويُدقق في الوقائع والمعطيات الراهنة, خاصة في حجم واتساع الإختراقات الأفقية والعامودية, التي حققها الكيان الصهيوني في منطقتنا العربية والشرق أوسطية, ودائما في الدول الإسلامية... كبيرها والصغير.
ثمة حاجة للتذكير أيضا بزيف المواقف والأكاذيب التي بثّتها وتبثّها هاريس وفريقها الإنتخابي, عند لقاءاتهم بالأميركيين..العرب والمسلمين, على النحو الذي زعمه مستشارها للأمن القومي/فيل غوردون، عنما التقاهم الأسبوع الماضي, و«تأكيده» ان إدارة بايدن تبذل جهوداً لإنهاء الحرب في غزة، عبر وقف لإطلاق النار وتحرير الرهائن، مما سيقود إلى «تخفيف» الأزمة الإنسانية في القطاع, ولم ينسّ/غوردون التعبيرعن «قلقه» بشأن المدنيين في لبنان.
ليس صحيحاً ـ كما أثبتت الأيام ـ ان إدارة بايدن بذلت أو تبذل جهوداً مزعومة كهذه, كانت أعلنتها منذ عام مضى, لكنها في واقع الحال كانت تشتري وقتا لآلة القتل الصهيوأميركية, لتعميق وتعميم حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, وتُرسل رئيس دبلوماسيتها الذي فاخرَ بـ«يهوديته», وقدّمها على انتمائه «الأميركي», بائع الأوهام/أنتوني بلينكن, لبث المزيد من الأكاذيب,, دون ان تسفِر «جولاته العشر», عن أي نتيجة تُذكَر, اللهم سوى سقوط المزيد من الشهداء..أطفالاً, نساء ومُسنيين، وخراباً عميماً ودماراً للبنى التحتية في القطاع المحاصر والضفة الغربية.
استدراك:
دخلت/هاريس في سباق مع منافسها الأرعن/ ترمب, في ما خص الدعوة الى «توسيع» مساحة الكيان الصهوني «الصغيرة جدا«, عندما زعمَ/ترمب انه عندما ينظر الى «خريطة الشرق الأوسط», يجد ان مساحة أسرائيل صغيرة جداً, مُقارنة بالمساحات «الشاسعة» حولها. ما دفعه «للتساؤل"عن الكيفية التي يمكنه فيها, ان «يُساعِد» إسرائيل لتوسيع مساحتها؟.
وهذا ما التقطته بسرعة حملة هاريس, التي أوعزت للمرشح على بطاقتها الإنتخابية كنائب للرئيس, حاكم ولاية مينسوتا/ تيم والز, لإطلاق تصريح «يُزايد» فيه على ترمب, عندما قال: إن «توسّع» إسرائيل و«وكلائِها», ضرورة أساسية بالنسبة للولايات المتحدة.
فما الفوارق إذاً بين المُرشحة الديمقراطية, ومنافسها الجمهوري؟