في إطار حملة «مُريبة» لتجميل قبائح, الرئيس الأميركي الصهيوني/بايدن وعهده الآفل, زعمت صحيفة نيويورك تايمز (وما أدراكَ ما نهج وتوجّهات وسياسات, هذه الصحيفة الأميركية المُنصهّينة, واسعة الانتشار والتأثير),, أدرجتْ «نيويوك تايمز» في عددها أول من أمس, تقريرا يصب في هذا الاتجاه, لكنه يعُجّ بسلسلة من الأكاذيب والإشارات المزيفة, عن مساعي بايدن «المزعومة» بشأن «رغبته» في وقف الحرب الصهيوأميركية على قطاع غزة, ناهيك عن مساعيه (المزعومة دائماً), لمنع اندلاع حرب إقليمية واسعة في المنطقة, بعد المجازر التي قارفتها شريكته الفاشية في لبنان الأسبوع الماضي, وواصلت إرتكابها وما تزال في معظم الأراضي اللبنانية, بدعم من بايدن شخصياً الذي رأى في مجزرتي الـ«بيجر» والـ«توكي ووكي».. (أمراً عادلاً) على ما قال بوقاحة وصلف مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان.
تعالوا نُراجع و«نقرأ» في صفحات كتاب «إرث بايدن» (الذي لم يُكتَبْ بعد), ولنبدأ من السنة التي انقضت على ملحمة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/2023, وما اتخذه الرئيس الأميركي (الذي أعلن بفخر في «بداية» مشواره السياسي, أمام أكبر وأهم لوبي يهودي في الولايات المتحدة/إيباك, انخراطه في الحركة الصهيونية وتبنّيه أيديولوجيتها العنصرية الاستعمارية) من مواقف مُتماهية تماما, بل أكثر «مُزايدة وحماسة» من مُجرم الحرب/نتنياهو, وزمرة النازيين في الائتلاف الحاكم. وكان آخرها بل أكثرها وقاحة وسادية. عندما نقل موقع «أكسيوس» الإخباري, وثيق الصلة بالبيت الأبيض ووكالات الاستخبارات الأميركية والدوائر الصهيونية الأحد الماضي, عن مسؤولين في واشنطن أن إدارة بايدن «قلقة للغاية», بشأن خطر اندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل، «لكنها تأمل» باستخدام الضغط «العسكري الإسرائيلي المُتزايد», للتوصّل إلى اتفاق «دبلوماسي», لإعادة المستوطنين إلى الشمال قرب الحدود مع لبنان.
هو إذا ضوء أخضر أميركي صريح ومتكرر, لآلة الحرب الصهيونية, لتحويل لبنان الى «غزة» أخرى, على النحو الذي شاركَ فيه بايدن وما يزال, بجيوشه وأساطيله وسلاح الجو الأكبر والأقوى في العالم, في حرب الإبادة الجماعية والتهجير واالتجويع والتدمير والتعطيش, المتمادية فصولا وحشية حتى الآن, بل ثمة أحاديث متواترة عن قُرب «تبنّي» نتنياهو «خطة الجنرالات», التي أعدها مجرم الحرب الجنرال/غيئورا آيلاند, لفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه, وتهجير سكانه وإقامة حُكم عسكري فيه, تمهيدا لاستيطانه وضمّه للكيان الاستعماري.
فهل يمكن القول (كما ذهبت اليه نيويورك تايمز), ان الرئيس الأميركي الصهيوني, «نمر من ورق», أمام صهيوني آخر مُتحمس وعنصري مثل نتنياهو؟, مادام لم ولن يبخل في منح المزيد من الأضواء الخضراء لآلة القتل الفاشية, خدمة ودعما ومساندة للمشروع الصهيوني (الذي لم يكتمِل بعد, كما يتوجب التذكير)؟, رغم كل التنازلات الفلسطينية والعربية والإسلامية, لهذا الكيان الاستعماري العنصري الإحلالي؟.
«سؤال غزة» وما قارفه الحليفان الإمبريالي والصهيوني في القطاع المنكوب, من جرائم حرب وفظائع وحشية وإبادة جماعية وتدمير, وإصرار على إزدراء كل ما يمتُّ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وشرعة حقوق الإنسان بصلة, ما يزال مطروحا بلا إجابات او نهاية تلوح في الأفق, رغم كل ما يُقال ويُحكى ويُسرّب عن قصد او غير قصد. لكن «عودة» سريعة الى «إرث» بايدن طوال السنوات الثلاث, التي سبقت ملحمة طوفان الأقصى, تكشف لنا ان بايدن صهيوني «أصيل» ومتحمس, تجاوز في حماسة أشرس الصهاينة وتقدّم الصفوف بتبنّي الرواية الصهيونية الاستعمارية الاحلالية, بعيدا عن الثرثرة التي أكثر منها في حملته الانتخابية, في مواجهة المُهرج صاحب صفقة القرن», والاتفاقات الإبراهيمية», التي برّرها له (إقرأ أملاها نتنياهو على ترمب), عنما قال له: ان الفلسطينيين يُشكلون «أقلّ» من 2% من العالم العربي, فلماذا يُسمح لهم بأن يمنعوا تطوّر ورخاء المنطقة وسيادة السلام فيها, وكان له ما أراد. ثم بدأت «مسيرة التطبيع بتسارع لافت, الى ان أوقفها «طوفان الأقصى», ولا أحد بمقدوره الزعم ان هذه المسيرة توقفت تماما, أم ان قطار التطبيع ما يزال «ينتظر» المزيد من الصاعدين الى عرباته.
بايدن.. باشرَ بعد جلوسه على المكتب البيضاوي في العشرين من كانون الثاني 2021, العمل على إستكمال «مسيرة التطبيع», التي بدأها سلفه المهرج, مُتنكِّراً لكل ما قاله وبذله من وعود, حول الدولة الفسطينية, (عبر السردية المغشوشة, التي تتحدث عن «حلّ الدولتين»), فهو لم يُعِدْ فتح القنصلية الأميركية في القدس المحتلة, وأدار ظهره لمطالبة سلطة الحكم الذاتي في رام الله, بفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن, بل خصوصا لم يسعَ ولو للحظة واحدة, الى وقف وتمويل «الإستيطان اليهودي» في الضفة الغربية, إنما واظبَ الناطقون باسمه, كما أسوأ وافشلُ وزير خارجية أميركي/ بلينكن المُتفاخر بيهوديته, إطلاق عبارات تفيض نفاقا وكذبا القول: ان الاستيطان «عقبة» في وجه السلام, ولم ينطق مسؤول أميركي واحد, منذ أزيد من نصف قرن, عبارة «ان الاستيطان غير شرعي وغير قانوني».
في السطر الأخير بايدن ليس «نمراً من ورق» أمام نتنياهو, رغم ما يمتلكه «داعمو وسادة» نتنياهو من نفوذ وتأثير, على الطبقة السياسية والاستخبارية والإعلامية في الولايات المتحدة وخارجها، بل هو ببساطة «صهيوني مُجرّب ومتحمس», مُنسجم مع قناعاته الصهيونية, وارتكابات وخطط نتنياهو الفاشية تحظى بدعمِه.. و«إعجابه» أيضا ودائماً.