هل تمثل دعوة وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن قادة المنطقة للضغط على حركة المقاومة الفلسطينية حماس للقبول بصفقة تبادل الاسرى -بحسب زعم صحيفة معاريف العبرية- دليلاً على الفشل المزدوج العسكري والسياسي للولايات المتحدة في هزيمة المقاومة ودفعها للاستلام بعد دخول الحرب شهرها التاسع، او في اقناع قادة الاحتلال القبول بوقف اطلاق النار وخفض التصعيد في الاقليم الذي بات على شفير حرب كبرى تتهدد النفوذ الامريكي بشكل مباشر؟
عجز الادارة الامريكية عن مارسة الضغوط على نتنياهو بعد استقالة بيني غانتس، وفشلها في الحرب المعلنة على المقاومة تدفعها للاستعانة بقادة المنطقة العربية للضغط على المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس للقبول بصفقة لا تتضمن اشارة واضحة ومباشرة لقبول الكيان المحتل وقف اطلاق النار.
جولة بلينكن السابعة في المنطقة يتوقع ان يتبعها تصعيد كبير يفتح الباب لحرب كبرى تمتد من لبنان الى سوريا والعراق والبحر الاحمر، فتصريحات بلينكن لصحيفة معاريف تؤكد ان جولته ستكلل بالفشل؛ لخلوها من الضغط على الجانب الاسرائيلي الذي لم يقبل بالصفقة، ولم يعلن قبوله بوقف اطلاق نار.
الانفجار ليس بالضرورة ان يقتصر على تصعيد كبير في سائر الجبهات؛ فأحد أوجه هذا الانفجار يتمثل باحتدام الصراع داخل الكيان، وامكانية خروجه عن السيطرة بين اقطاب الانقسام والتشرذم الداخلي، فالمواجهة مع حزب الله ستكشف المزيد من الضعف والفشل الاستراتيجي لحكومة نتنياهو ولقادة الجيش الذي يعجزون عن وقف الهجمات التي باتت يومية على مدينة عكا، والتي باتت قريبة من حيفا؛ ما يعني ان المقاومة الفلسطينية لديها ما تراهن عليه لقبول الاحتلال بصفقة تفضي لوقف اطلاق النار.
الضغط على المقاومة الفلسطينية في الآن ذاته لا يستقيم، ولن يؤخذ على محمل الجد من قبل المقاومة؛ كون اميركا وعلى لسان اثنين من المسؤولين في ادارة بايدن عبر شبكة ان بي سي (NBC) قالا بأن الولايات المتحدة تناقش امكانية عقد صفقة منفردة مع حركة حماس، لإطلاق خمسة من الاسرى الذين يحملون جنسيات امريكية بوساطة قطرية، فالتصريحات المتناقلة للمسؤولين الامريكان ما بين القاهرة حيث تواجد بلينكن وواشنطن حيث المسؤولان الامريكيان، تشير الى تخبط كبير تعكسه الابواب المفتوحة للمفاوضات التي تسعى الادارة الامريكية للحفاظ عليها حتى في أسوأ الظروف.
ما تقف المنطقة بصدده اليوم من تصريحات تبدو متضاربة للمسؤولين الامريكان، بما فيهم جيك سوليفان مستشار الامن القومي الامريكي، حول قبول مزعوم لنتنياهو بالصفقة، ما هي الا إنعكاس للفشل في تحقيق اهداف الحرب بالقضاء على المقاومة واطلاق سراح الاسرى، ومنع توسع الصراع وحالة الاستنزاف للكيان الاسرائيلي والنفوذ الامريكي في المنطقة؛ الامر الذي لن يتحقق بدون تقديم تنازلات معتبرة للمقاومة، وهي تنازلات يتوقع ان يرتفع سقفها في القريب العاجل.