أخبار البلد -
وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس: فور تسلّمي المنصب وضعت إقامة العائق الأمني على الحدود الشرقية باعتباره المهمة الأساسية لأمن إسرائيل، فلعائق الجديد سيُقوّي المستوطنات على طول الحدود، ويُقلّص بشكل كبير عمليات تهريب السلاح إلى الضفة الغربية، وسيشكل ضربة شديدة لجهود إيران وأذرعها من ترسيخ جبهة شرقية ضد "إسرائيل”.
هكذا احتفى كاتس بالجدار الأمني الذي بدأ العمل به اليوم الاثنين على طول الحدود الأردنية الممتد 500 كم بدءا من غور الأردن، فالجدار بشكل أساسي جاء لدعم الاستيطان في الضفة الغربية و غور الأردن حيث دشن يش الاحتلال بمعية وزير المالية سموتريتش مستوطنتان اضافيتان الى جانب ثالثة عتيقة قبل أسابيع قليلة من بدء العمل بالجدار الذي ستتولى مسؤوليته فرقة جلعاد 96.
لم يكن مستغربا ان تترافق الانشاءات مع اعلان وزارة المالية التي يتراسها بتسلائيل سموتريتش تقديم 840 مليون دولار لتعزيز الاستيطان تشمل 17 مستوطنة جديدة، و 36 بؤرة استيطانية ومستوطنة قائمة على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ليعلق على ذلك سموتريتش بالقول: ان الضفة الغربية حزام أمننا وأفتخر بقيادة تلغي فكرة تقسيم "إسرائيل” وإقامة "دولة إرهابية”.
لكن المستغرب مشهد العراك والمواجهات التي دارت بين المستوطنين في مجمع غوش عتصيون الاستيطاني جنوب بيت لحم ومستوطني البؤر الرعوية المحيطة بالمجمع، الذي تطور الى مواجهات دموية بين الطرفين الأسبوع قبل الفائت، وهو ما جاء تفسيره سريعا، اذ يتنازع مستوطنو غوش عتصيون مع مليشيا الجبال الاجرامية على الأراضي التي سيتم تمليكها عبر (طابو ) يتبع للكيان المحتل ولا يتبع لطابو الأردن، وهي أراضي تقدر مساحتها 60 الف دونم ، تمثل الجائزة والغنيمة التي تصارع عليه الطرفان مليشيا الرعاة ومليشيا الحضر.
الحال بالمستوطنين الرعاة والحضر في الضفة بلغ حد التصارع على الأراضي، في حين غاب الاهتمام العالمي وغابت العقوبات عن المستوطنين والكيان المحتل، وغابت السلطة الفلسطينية التي لازالت تتبنى الخطاب ذاته دون جدوى وتتجاهل الدعوات لأطلاق غرفة عمليات وعمل مشترك مع المقاومة في الضفة الغربية لمواجهة التهديد لاستيطاني.
مشروع الضم والاستيطان يمضي قدما في الضفة الغربية دون عوائق كبيرة سوى المقاومة الفلسطينية التي يربطها سموتريتش وكاتس بإيران لا بجرائم الاحتلال على الأرض، و تحرمها السلطة في رام الله من الغطاء والمشروعية لتكتسب يوميا مشروعيتها من الشارع، اذ يتوقع ان تفرض نفسها مستقبلا على الأرض كما فعلت في قطاع غزة من قبل، فالحياة في الضفة الغربية تحولت الى جحيم يتكدس فيه الفلسطينيون في المدن كنازحين من القرى والمخيمات المهدمة، والمحاصرة من قبل جيش الاحتلال ومليشيات المستوطنين.
في مقابل المشهد المأساوي في الضفة الغربية، ظهر مشروع الاحتلال في قطاع غزة متعثرا رغم ضخامة الموارد المستثمرة في عمليات التطهير العرقي، فالمقاومة الفلسطينية رسمت معادلة وميزان دقيق لم يعد الاحتلال قادر على تجاوزه، كونها تمثل تهديد مباشر لطموحاته الاحتلال عبر ربط المقاومة سلاحها بإنشاء هيئة وحكومة فلسطينية مستقلة لا تخضع للاحتلال، حكومة ودولة تشرف على السلاح وادارته، ما يعني تعويم لبرنامج الدولة الذي يحاول الاحتلال شطبه عبر التنسيق الأمني وحزام سموتريتش لاستيطان في الضفة الغربية.
ختاما ..الضفة الغربية تتحول ببطء الى بيئة قاسية بفعل الاستيطان والجرائم اليومية لجيش الاحتلال ومستوطنيه، فالنزوح من المخيمات والقرى المنكوبة بات امر مستساغا على الصعيد الدولي والإقليمي، لذلك لن يكون مستغربا ان تفيق المنطقة في يوم قريب على موجات من النزوح واللجوء والانهيار السريع الذي طالما تجاهل المجتمع الدولي مقدماته في حين كان الاحتلال الإسرائيلي يعد سيناريوهاته عبر جلب مستوطنين من الهند و انشاء الفرق العسكرية في الضفة وبناء الجدران واعداد الموازنات للضم والتوسع، لذلك لن يكون غريبا ان تخرج الأمور عن السيطرة، فاطراف الصراع اكثر من ان يتم حصرهم بمائة الف او يزيدون اذ انهم ثلاثة ملايين او يزيد.
سيناريوهات تصنعها الجدران والمستوطنات والموازنات
حازم عياد






