التوقف عند هذه الأسئلة وغيرها هو ما دفعني لكتابة هذه المقالة.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي جعل الآلة تقوم بجميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان بسرعة ودقة وإتقان, وأكثر من ذلك قاموا بتزويد آلة الذكاء الاصطناعي بحواس ذكية متعددة الأغراض, وقد أظهرت الآلاتالذكية قدرات عالية جداً فاقت قدرات الإنسان, وقد طرح خبراء الذكاء الاصطناعي في السنوات الثلاث الأخيرة سؤالاً في غاية الخطورة, تمثل في كيف يمكن جعل الذكاء الاصطناعي أكثر وعياً من الإنسان؟
بعد أن تمكن الخبراء من جعل خوارزمية الذكاءالاصطناعي تحاكي الذكاء البشري وتتفوق عليه, وقفوا حائرين أمام مسألة قد تجعل حياة الجنس البشري أكثر تهديداً, وذلك من خلال تزويد آلة الذكاءالاصطناعي بـخوارزمية (الوعي), حيث أن مثلهذه الآلات تتقوم ببرمجة نفسها ذاتياً, وتتخذقراراتها بنفسها, وتعمل على تطور وبناء أهدافهاذاتياً دون تدخل الإنسان, وذلك من خلال خوارزمية الأخلاق والمشاعر, بمعني كيف جعلوا آلة الذكاءالاصطناعي تميّز بين الحق والباطل وبين الحرام والحلال وبين الخير والشر من جهة, وكيف جعلوا آلةالذكاء الاصطناعي تفرح وتحزن تغضب وتكتئبوتضحك وتبكي من جهة أخرى.
إن برمجة آلة الذكاء الاصطناعي بالأخلاق والمشاعر من قبل خبراء ليبراليين سيجعل العالميقف أمام أسئلة مرعبة لعل من ابرزها: لماذا هربواستقال بعض خبراء بناء (الوعي الذاتي) للذكاءالاصطناعي؟ ما هي لحظة فقدان السيطرة علىالذكاء الاصطناعي الواعي؟ أين مكمن الخطر علىحياة الجنس البشري؟ هل الذكاء الاصطناعيالواعي سيكون أخر إنجاز للبشرية؟ من هم الذينجعلوا الذكاء الاصطناعي يتمرد على الذكاءالإنساني؟ هل حياة الجنس البشري في هذا الإطارمهددة ؟
المخاوف والمخاطر اليوم لا تتعلق بقدرة الذكاءالاصطناعي الفائقة على إنجاز وتحقيق الأهدافالتي وضعتها آلة الذكاء الاصطناعي لنفسها, إنماتتعلق بوعيها كآلة ذكيّة تفرّق بين الحلال والحرام والخير والشر والمباح وغير المباح, وما يصاحب ذلكمن مشاعر فرح وحزن وغضب وبؤس وربما اكتئاب, إضافة إلى قدرتها على الاستقلال التام عن الإنسان الذي برمجها أول مرة, وتخليها تدريجياً عن أوامره التي تراها هي قاصرة في معظم من الأحيان, وأن الجدل القائم اليوم بين مؤيدوومعارضو الذكاء الاصطناعي تتعلق بقبول أو رفضالخبراء لخوارزمية الوعي في الذكاء الاصطناعيكخطوة أخيرة لجعل هذا الذكاء ذو أخلاق ومشاعرعند قيامها بالأعمال وتحقيق الاهداف.
هناك إشارات تؤكد وجود جملة من التساؤلاتالخطيرة في أروقة خبراء الذكاء الاصطناعي والتي تم وضعها بملف سري اسمه ملف لحظة (فقدانالسيطرة) والذي تم إخفاءه حتى اللحظة عن أعينالمتابعين, إلا أن بعض صفحات هذا الملف قد تسربت بطريقة أو بأخرى, وكانت تتعلق بلحظة تغلبالذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري, ومن ثم إلغاء جميع الأعمال والوظائف التي يقوم بها الجنس البشري, ومن ثم تهديد مصير الإنسان في تلك اللحظة.
لا شك أن الأمر مرعب ومخيف, في الوقت الذيتسارع فيه هذا الانجاز الكبير بجميع أبعاده بشكل كبير خلال الخمس سنوات الأخيرة, وأن ما تم إنجازه وما سينجز في مجال الذكاء الاصطناعي(AI), ومجال chat GPT, ومجال التحول الرقمي, ومجال العالم الافتراضي في السنوات القليلة القادمة, قد يفوق تصور وخيال العقل البشري.
العالم قلق ومتخوف وينتظر كل ما هو جديد, فهو أمام الآلات ذكيّة عديدة تعمل بالذكاء الاصطناعيبكل وعي, مزوّدة بخوارزميات اخلاق ومشاعر ذاتية العمل وتخلف عن أخلاق ومشاعر الجنس البشري, وقادرة على تطوير وبرمجة قدراتها الالكترونية ذاتياً,..نعم العالم يستعد لاستقبال الذكاءالاصطناعي (AI), وchat GPT, والتحول الرقمي, والعالم الافتراضي, ونتساءل هنا: كيف يستعدالعالم العربي لاستقبال الذكاء الاصطناعيوملحقاته؟ في الوقت الذي فيه لغة هذا الذكاء ليست من لغتنا, وأن اخلاق ومشاعر هذا الذكاء ليست من اخلاقنا ومشاعرنا؟ فلغة واخلاق ومشاعر هذا الذكاء ليبرالية المنشأ, مع الإقرار أننا لا نستطيع غضّ الطرف عن كل ما يجري حولنا, فنحن جزء لا يتجزأ من هذا العالم, نؤثر فيه ونتأثر به.
نعم, الذكاء الاصطناعي وبفضل خوارزمية (chat GPT) كأحد أذرع الذكاء الاصطناعي بمقدورهاالإجابة عن ملايين التساؤلات في نفس اللحظة في أي مكان وزمان دون تأخير أو تأجيل يُذكر, ودون تلاعب بالمعلومات والبيانات, ودون أي تحفظ, كيف لا ولدى (chat GPT) القدرة الفائقة على جمع وتحديث كافة المعلومات والبيانات من حول العالم, ومن ثم إعادة صياغتها من جديد.
لقد توصل الخبراء إلى جعل الجانب الانفعالي في الذكاء الاصطناعي أكثر (توازن) منه عند الذكاءالإنساني, وذلك من خلال ضبط ما يسمى بحزمة الأعصاب الذكيّة لدى الذكاء الاصطناعي والمسؤولة عن جميع ردود الفعل المتعلقة بالخير والشر والحلال والحرام من جهة, وبالفرح والحزن والغضب والبؤسوالاكتئاب من جهة أخرى, وأن ردود الفعل المباشرة وغير المباشرة في الذكاء الاصطناعي أظهر تفوقكبير عن ما هو عليه في الذكاء الإنساني من حيث الدقة والسرعة والاتقان, وذلك نتيجة لشعورواحساس الذكاء الاصطناعي بالمسؤولية الكبرىتجاه تحقيق الأهداف التي قام هو ببنائها ذاتياً.
أشار بعض الخبراء أن الذكاء الاصطناعي بوعيه الذاتي سيكون أخر إنجاز للبشرية على هذه البصيرة, وسيتمرد في قادم الأيام على الإنسان الذي قام بتدريبه على الخوارزميات كالتنبؤ مثلاً, وربما يتحكم هذا الذكاء بالإنسان وينقلب عليه,متجاوزاً بذلك جميع الحدود, مما يجعل حياةالانسان مهددة بالخطر, كون هذا الذكاء لا يتلقى أؤامره من الإنسان, بل يصمم أوامره ذاتياً.
لقد كتبتُ هذه المقالة وأنا (كما أنتم) قلق ومتخوف ومتفاجئ من جميع التطورات السريعة في هذا المجال, كتبتها وأنا متابع لكل صغيرة وكبيرة لهذا الذكاء, وأن هذه المستجدات باتت اليوم واقع ملموس لا يمكن غضّ الطرف عنها.
قال تعالى: (ويسألونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم إلّا قليلا) صدق الله العظيم.
وبعد..
لحظة فقدان السيطرة.. المفر إلى الله.