البنود الخاصة بفئات معينة أو قضايا ذات ارتباط مباشر بحقوق الإنسان في الموازنات العامة لا تعبر فقط عن مدلولات مادية أو مالية، بقدر ما تعطي مؤشرات مهمة على سعي الدولة نحو الانفاق لتعزيز منظومة حقوق الإنسان وحمايتها.
إيلاء اهتمام خاص ببند الإنفاق على قضايا حقوق الانسان وعلى الفئات الأكثر حاجة للحماية كالأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة يعد أحد أهم التزامات الدولة وفق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ويعبر قبل ذلك كله عن إرادة جادة في إخراج قضايا وفئات معينة من دائرة التهميش الى دائرة التنمية المستدامة وجعل هذه القضايا وتلك الفئات محور هذه العملية.
الإنفاق أيضا هو تجسيد وسعي حثيث نحو أهداف التنمية المستدامة (2030) التي يعمل عليها الأردن ويضع طموحًا بأن يجسدها واقعا مرئيًا وملموسًا، لا مجرد أهداف دون خطة ورؤية للتنفيذ، الانفاق على حقوق الانسان هو تجسيد لشعار أهداف التنمية المستدامة التي وضعت عنوانًا عريضًا بضرورة « ألا يبقى أحدٌ بالخلف».
الحقيقة الواضحة أنه لا يمكن الخروج من حالة التهميش والإقصاء في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة دون وضع آليات وخطط وسياسات تؤدي إلى الوصول إلى هذه النتيجة، ومن أهم وأبرز هذه الآليات وجود موازنات قائمة على نهج حقوق الإنسان تعمل على النهوض بالبنى التحتية وتساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية وتلبية احتياجات الأدوار المختلفة بين أفراد المجتمع وتعزيز حقوق الفئات المهمشة، وتضمن عدم تركز الإنفاق في أحد الجوانب بصورة تؤثر على الاعتبارات والحقوق القائمة الأخرى أو تغفلها او تجعل الانفاق عليها مسألة ثانوية وفي أدنى الحدود.
قانون الموازنة العامة لا يعتبر مجرد قانون عابر للسنوات، بل يعد الحلقة الأولى والأهم في رفد واقع حقوق الإنسان وفي أن يكون نقطة الانطلاق نحو الدفع بالتنمية المستدامة خطوات الى الأمام، وهو المؤتمن على أحلام وطموحات الأفراد بمستوى معيشي لائق، والشعور بكرامة الإنسان، وإشاعة قيم العدالة الاجتماعية والانصاف، هذا القانون هو الحامي لحقوق الأردنيات والأردنيين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها وهو الذي من شأن حُسن وضعه وتطبيقه ألا يجد الفرد ذاته أو أحد أبنائه أو ذويه خارج منظومة الحماية الاجتماعية والحقوقية.