أخبار البلد-
هناك حاجة ملحة لتعديل قانون مشروعات الشراكـة بين القطاعين العـام والخـــاص رقم (17) لسنة 2020 لأسباب سيتم التطرق لها تباعا في هذا المقال.وقد صدر أول قانون للشراكة ما بين القطاعين العام والخاص في الاردن عام 2014، وتم تعديله عام 2020 وتعديل نظامه سنة 2021.
ان الهدف الرئيسي من هذا التشريع هو الدخول بشراكات بين القطاعين العام والخاص في قطاعات يكون فيها الاستثمار صعبا أمام القطاعين منفردين.
واذا كان الاطار التشريعي قد اكتمل منذ فترة لماذا لا نرى مشاريع مشتركة جديدة على أرض الواقع؟!
باعتقادي أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم قناعة القطاعين العام والخاص بمشروعات الشراكة. وعدم قناعة الحكومة واضح من خلال تراجع المبالغ المرصودة لمشروعات الشراكة في موازناتها سنة تلو الاخرى. فقد انخفضت تلك المبالغ من 108 ملايين دينار عام 2020 الى 85 مليون دينار على 2021، والى 60 مليون دينار عام 2022، والى 55 مليون دينار فقط في مشروع موازنة عام 2023.
اما القطاع الخاص فتركزت عدم قناعته بالأطار التشريعي والمؤسسي الذي يحكم العلاقة ما بين القطاعين في هذا القانون، فهذا ما لمسته وسمعته من عدد كبير من المستثمرين المحتملين ورجال الأعمال من القطاع الخاص.
كما أن من أبرز التحديات التي تواجه هذا الاطار من العمل المشترك هو كثرة تعديل الأطر التشريعية والمؤسسية المسؤولة عن ادارة وتنفيذ ومتابعة مشروعات الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص.
ففي البداية أنشئت وحدة الشراكة في وزارة المالية، ثم انتقلت الى رئاسة الوزراء، وأخيرا حط بها الرحال في وزارة الاستثمار.
كذلك لا يوجد استقرار في الشخص الأول المسؤول الذي يدير هذه الوحدة، حيث ما إن تعين الحكومة مسؤولا لادارة هذه الوحدة حتى نراه مستقيلا بعد عدة أشهر، والاسباب معروفة.
وما تزال هذه الوحدة بلا مدير منذ أكثر من سنة. وهذا هدر وتضييع في الوقت والجهد. فمن يتحمل مسؤولية ذلك؟!
علاوة على ذلك، فان عدد المشاريع المقتنعة بها الحكومة والمعروضة على الموقع الالكتروني لوزارة الاستثمار لا يتجاوز سبعة مشاريع فقط وهي؛ مشروع حافلات التردد السريع بين مدينتي عمان والزرقاء وداخل مدينة عمان، ومشروع شبكة الألياف الضوئية الوطنية، ومشروع إنشاء مباني و ساحات الشحن والركاب للمعبر الحدودي البري الجديد لجسر الملك حسين، ومشروع إنشاء شبكات توزيع الغاز الطبيعي في مدينتي عمان والزرقاء، ومشروع تطوير 15 بناء مدرسة لوزارة التربية والتعليم، ومشروع استخدام الطاقة الشمسية الحرارية في المستشفيات الحكومية والعسكرية، ومشروع نظام الطرق السريعة ذات التعرفة.
وللعلم فان هذه المشاريع مدرجة في السجل الوطني للمشروعات الحكومية الاستثمارية الذي أُقر نظامه سنة 2021 بالتزامن مع إقرار نظام مشروعات الشراكة، وهذا السجل تديره وحدة الاستثمارات الحكومية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وهذا تشتت آخر للاطار المؤسسي الذي يحكم عمليات الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص.
ما يطالب به القطاع الخاص أن يكون له مقعد على الاقل في اللجنة العليا للشراكة المنصوص عليها في المادة (1) من قانون الشراكة، والمشكلة بقرار من مجلس الوزراء وتتألف من عدد من الوزراء من بينهم وزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الصناعة والتجارة والتموين.
ولا أدري لماذا تم استثناء القطاع الخاص من هذه اللجنة وخصوصا أن مشروعات الشراكة هي شكل من أشكال الاستثمارات التي يقوم بها القطاع الخاص.
فكما أن مجلس الاستثمار المشكل بموجب قانون الاستثمار يضم ممثلين من القطاعين العام والخاص فيجب أن تضم اللجنة العليا للشراكة ممثلين عن القطاع الخاص. وأنني على يقين أن لدى القطاع الخاص قدرة وخبرة كبيرة ستمكنه من أن يضيف على الاطار العام للسياسة العامة لمشروعات الشراكة، واقتراح المشاريع، واعداد دراسات الجدوى، وآليات حل الخلافات، وغيرها الكثير.
الحاجة ماسة لتعديل قانون مشروعات الشراكة لادخال القطاع الخاص في اللجنة العليا للشراكة، ولنقل وحدة الشراكة الى وزارة الاستثمار–وهي المكان الامثل لها، ولنقل السجل الوطني للمشروعات الحكومية الاستثمارية لوزارة الاستثمار.
لا نملك ترف الوقت والمال للمزيد من التشتت وتضييع الوقت والجهد، فارقام النمو متباطئة منذ سنوات طويلة، ومعدلات البطالة والفقر في أوجها، والعجوزات في الموازنة متفاقمة، والمديونية بتصاعد مستمر بالارقام المطلقة والنسب المئوية، والاقتصاد بأمس الحاجة للاستثمارات.
حمى الله الأردن.