قبل أن يغيبه الموت عن هذه الحياة .. غادر وهو مؤدي لصلاة الفجر
محرر الشؤون المحلية - هذه قصة الشاب نبال عماد ناجي، الذي توفي بعمر الثلاثون عاماً، عاشها بحلوها ومرها راضياً مرضيّاً متقرباً من الله عز وجل، لم يلتفت يوماً الى ملذات الحياة بقدر التفاته للآخرة وكيف يسعى لإرضاء الله تعالى في الدنيا ليحصد ذلك في الآخرة.
"نبال" لم يكن هاوياً لأي ملهيات الحياة، كأي شاب ولم يسعى لإرضاء غريزته ؛ وإنما سعى لإرضاء الله من خلال أعمال الخير سراً وخفاءً مشترطاً على الطرف الآخر أن لا يعلن عن ذلك العمل حتى يأخذ الله أمانته، ولكن ... لا سراً يبقى على ما هو وعمل الخير لا بد أن يصبح علناً حتى الآخرين يدعون له بالرحمة والمغفرة ويتذكرونه بأعماله التي سعى إليها ليكون جاهزاً بعد مماته .. لا رياءً ولا سمعة، غاب عن هذه الدنيا تاركاً ملاذها لأصحابها ملتفتاً إلى طاعة ربه بكل الوسائل سواء بالصدقات ومساعدة المحتاج، الإخلاص بالعمل وإتقانه على أتم وجه، المذاكرة والابتعاد عن الملهيات الجامعية والتجمعات الطلابية، تذكير الغير بمواعيد الصلاة والحث على الصلاة جماعة وغيرها من أعمال خير لا تزال بينه وبين الله.
هذا الشاب انقطع عن دراسته بعد إتمامه للصف العاشر على الرغم من أنه محب للدراسة وللحياة العملية، وبعد كسبه للخبرات المختلفة عاد إلى مقاعد الدراسة وفي جعبته الكثير من الأحلام والطموح والخبرات الحياتية، لم تكن خبرات قاسية بقدر اعتبارها خبرات ترفده في حياته المستقبلية.
واصل تعليمه الجامعي في تخصص "هندسة الميكانيك" وكان مجتهداً مجداً طموحاً عينه على مستقبله وكيف يجني المال ليساعد المحتاج وما في جيبه لغيره ليس له، وعلى الرغم من انقطاعه عن العمل لمدة أشهر ليتفرّغ لمشروع تخرجه إلا أنه كان مصراً على مساعدة بعض الطلبة لإكمال أقساطهم الجامعية سراً، وكان يقول "هذا من فضل رب العباد، فالله الغني الذي يعين".
ويذكر أن نبال لم يتغيب يوماً عن أداء صلاة الفجر في المسجد ويذكّر رفاقه وأهله بأداءها وفضلها جماعة، كما وأنه يقرأ القرآن يومياً قبل أن يتجه إلى عمله، وهذا ما حدث قبل أن يغيبه الموت عن هذه الحياة .. غادر وهو مؤدي لصلاة الفجر وقارئ للقرآن آخذاً رضى والديه ومن ثم حدث ما حدث وغاب عن الدنيا جرّاء حادث سير مأساوي وقع في لحظة .. لا بل في أقل من ثانية.
كان رحمه الله شاباً هادئاً صاحب شخصية رصينة، يتفاعل مع حين يستوجب الأمر فإنسانيته جعلت من يده الممتدة للخير واصلة تحركه القضايا الإنسانية والاجتماعية والوطنية، فالله سخر بعض المواطنين "عرفنا جزءاً بسيطاً منهم" بعد وفاته ليشهدوا له بطيب الخلق، نبال الإسان الكريم والشهم الذي لم تعرف شماله ما أعطت يمينه.
كان يكفي ان ترى قسمات وجهه وبراءة نظراته ولسانه الذاكر لتدرك ما في قلبه من طيب وما تربى عليه من أخلاق كان يقتدي بها من سيدنا الحبيب وسيرته التي أحبها وجعلها نبراساً في حياته، لم نشهد له رفاق سوء فكل من عرفهم أشادوا بسيرة حياته وممشاه، وهي سنة طيبة قلت مشاهدتها في عصرنا الحاضر.
نبال، نعم عمل على أن يكون لاسمه نصيب في النبل والاحترام وتقدير الآخرين ونبذ كل ما يسيء لأخلاقنا وشيمنا، شهدنا في بيت الأجر وعرفنا حجم المحبة والطرق المضيئة التي سار بها من الشمال حتى الجنوب، نعم عمل في حياته ليرتقي بعمله ويلقى ربه راضياً مرضياً، فما لنا اليوم إلا الدعاء بأن يكرمك الله يا نبال بجنات الخلد ومرافقة الشهداء والصديقين.