الفساد لا يختص بنهج أو مدرسة إقتصادية دون أخرى , فالفاسد هو شخص سواء كان ليبراليا أو نيولبراليا , محافظا أو إشتراكيا , أم أنه ينتمي لمدرسة أخترعت حديثا وهي إقتصاد السوق الإجتماعي .
الفساد كذلك لا يختص بفترة زمنية محددة ينتعش فيها بينما يختفي في أخرى , فمن قال إن الفساد في ظل الأحكام العرفية والإقتصاد المحافظ لم يكن موجودا , ثم فجأة إندلع وكأنه بركان في ظل إقتصاد السوق , الفرق هنا هو في أجهزة الرقابة التي لم تكن تتنفس في ظل القيود الى أن تمتعت بمساحة من الهواء في ظل الديمقراطية , وبلغت ذروتها في ظل الربيع العربي .
كثرة الحديث عن الفساد وكثرة القضايا لا يجب أن تصبحا عنوانا للمرحلة ولا يجب أن تتحولا الى محاكمة لفترة زمنية بعينها بينما كان ما سبقها من فترات كانت نظيفة في منهجها وفي شخوصها , بينما يتم إنكار ما تحقق من إنجازات , لمجرد بروز بعض الإختلالات لأسباب لا علاقة لها بالمجمل بما طبق من سياسات إقتصادية .
غاية الإنصاف أن نقول بأن الأوضاع الإقتصادية على مدى السنوات العشر الماضية كانت أفضل مما كانت عليه قبلها وإن كانت الإختلالات التي أشرنا إليها برزت بعد إندلاع الأزمة المالية العالمية فيجب أن نذكر أن تأثير هذه الأزمة لم يستثن أي من الدول كبيرها وصغيرها فما بالك بإقتصاد هش محدود الموارد والإمكانات ثروته الأساسية والتي تكاد تكون الوحيدة هي الانسان .
السلبيات في أداء الاقتصاد الوطني هي كما في أي اقتصاد لمن شاء التنقيب عنها كثيرة خصوصا إن كان يرزح تحت تأثير أزمة حادة لا يختص بها وحده , يقتضي الانصاف أن لا نحمّـل الاصلاحات الضرورية التي نفذها الاردن طيلة عقد مضى الاخفاقات بينما نثني على المتحفظين عليها في جانب الايجابيات .
كل شيء اليوم أصبح فاسدا أو مرشحا لأن يكون كذلك , بلا كوابح ولا تفريق ولا تمييز لأن هناك من يريد له أن يكون كذلك ولأن هناك من المسؤولين من لا يرغب في أن يمشي بعكس التيار أو أنه يرغب في ملهاة تحرف الطريق عن أهدافه .