وعلى عكس دوامة الانتخابات الإسرائيلية، تجذر البُعد العنصري في رفض شرعية مشاركة أحزاب عربية في الحكومة، أو حتى دعمها من خارج الاختلاف، كعبرة تمّ استخلاصها من تجربة إسحاق رابين في الاعتماد على أصوات خمسة نواب عرب عام 1994 لدعم حكومته من الخارج وإقرار اتفاقية أوسلو. وكان هذا الدعم سبباً للطعن في شرعية حكومته وشرعية الاتفاق، وانتهى باغتيال رابين في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1995 على يد اليهودي اليميني المتدين، يغئال عمير، الذي أعلن أنه حصل مسبقاً على فتوى من مرجعيات دينية يهودية أتاحت له القتل.
مقابل التنوع الكبير لأحزاب اليمين، بحسب تعريفاتها المختلفة، يجد الفلسطينيون في الداخل الذين يشكّلون نحو 17 في المائة ممن يحق لهم الاقتراع، أنفسهم هم أيضاً أمام حالة انقسام جديدة. فقد انشقّت الحركة الإسلامية الجنوبية التي تخوض الانتخابات تحت مسمى «القائمة العربية الموحدة»، عن القائمة المشتركة بمركّباتها الأربعة الأصلية، بعدما أعلن رئيسها منصور عباس عن «نهج جديد» لا يستبعد التعاون مع حكومة برئاسة نتنياهو مقابل تحقيق مكاسب مدنية، ورفع الأجندة المدنية إلى جانب شعار الثوابت الدينية والعقائدية فوق القضية الوطنية. وسيكون على الناخب الفلسطيني أن يختار بين «القائمة العربية الموحدة»، وبين القائمة الأصلية للقائمة المشتركة التي لا تزال تضم ثلاثة أحزاب توافقت على المضي في قائمة موحدة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الوطني الديمقراطي، والحركة العربية للتغيير)، وسط انقسام من شأنه أن يؤدي إلى تراجع التمثيل العربي في الكنيست، من جهة، مع مخاوف من سقوط القائمة المنشقة وعدم قدرتها على اجتياز نسبة الحسم، من جهة أخرى. لكن أكثر ما يبعث على القلق في ظلّ وجود قائمتين، هو تفاقم تراشق الاتهامات بينهما، وتوسع الشرخ الداخلي الاجتماعي، في الوقت الذي تكثف فيه الأحزاب الصهيونية، وفي مقدمتها «الليكود»، من حملاتها الدعائية لكسب الأصوات من الناخبين العرب.
تمثل الانتخابات الاسرائيلية المزمع إجراؤها في الثالث والعشرين من أذار بالنسبة الى نتنياهو نقطة تحول في مستقبله ودوره على الساحة السياسية الإسرائيلية وبالتالي العالمية فإما ان تدفع به إلى غياهب السجون والنسيان في حال فشله بتشكيل حكومة هذا إذا ما تاهل لتكليفه وإما ان تشكل له أنبوب اكسجين تطيل قليلا بعمره السياسي فيما لو نجح بتشكيل حكومة أقلية عنصرية متطرفة .
بالتأكيد نتائج الإنتخابات لا تحدد مصير نتنياهو فحسب بل ومستقبل معسكره الأكثر عنصرية وعدوانية وتطرفا وعداءا لكل ما هو إنساني وللنظام العالمي عندما يفشل في توظيفه وتطويعه خدمة لأهدافه ومشروعه التهويدي والشخصية .
وفرص نتنياهو بتشكيل حكومة ؟ :ضئيلة لدرجة التلاشي لعوامل كثيرة منها غياب ترامب حليف نتنياهو ودعم مشروعه التهويدي والاستيطاني ،و لعب دورا رئيسيا في الضغط على غانتس للقبول بتوقيع إئتلاف مع الليكود مكن نتنياهو الذي لم يف يوما بالتزاماته المترتبة عليه من تشكيل حكومة وحدة وطنية سرعان ما انقلب عليها وتشكل حركة الإحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ اشهر مطالبة بعزله بسبب تورطه بقضايا فساد « التي اضحت يقينية لدى قطاعات واسعة من مكوناتالمجتمع الاسرائيلي « ولإخفاقاته الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية .
عملياً الاحزاب التي تخوض الانتخابات على الحكم في ما بينها، تملك حسب الخريطة الحزبية الحالية أكثر من 90 مقعداً في الكنيست، وبالتالي فإن لبّ الصراع على الحكم هو بين من يتبعون لمعسكر نتنياهو تلقائياً (الحريديم والصهيونية الدينية) وبين من يسعون لتغيير نتنياهو من داخل اليمين، والذين يشكّل ساعر اليوم نقطة جذب لهم.