نجحت في الأردن خلال الفترة الماضية تجربة زراعة الأفوكادو، الثمرة الاستوائية التي تحتاج ظروفاً خاصة، ونجاح هذه الزراعة مرتبط بهبة طبيعية في بلادنا التي يمكن الانتقال فيها من الطقس المعتدل إلى الحار خلال نصف ساعة تستغرق الهبوط من المناطق الجبلية إلى الأغوار، وهذه الطبيعة تنحصر في عدد قليل من دول العالم، ولذلك فتحول الأردن إلى محطة تزويد زراعي للعديد من المحاصيل في غير مواسمها التقليدية، أو المحاصيل التي لا تنتجها دول المنطقة عادة، من الأمور التي تعطي ميزة تنافسية كبيرة، ولكن للأسف لا يتلمس المزارع ما يكفي من?التشجيع ولا يستشعر من يلزم من الاستقرار للتوسع في الاستثمار الزراعي، وسنة بعد أخرى، تتفاقم مشكلات القطاع الزراعي.
المثل التقليدي الذي نكرره المرة بعد الأخرى يتمثل في تخطيط الزراعة وفي التعامل مع فوائض المحاصيل وخاصة في مجال البندورة، فمثلاً تستحوذ دول خليجية ومنها سلطنة عمان على سوق صلصلة البندورة في المنطقة، وهو السوق الذي يشهد غياباً أردنياً، كما وتستورد الأردن البندورة المجففة من ايطاليا، والحصول على الصلصلة والتجفيف من الأعمال الزراعية المساندة التي يمكن أن تخفف من تقلبات الأسعار وأن تتيح للمنتجين تجنب خسائر زيادة المعروض في السوق.
تخطيط المحاصيل مسألة ضرورية، من مشكلاته أيضاً الاستثمار في زراعة محاصيل بزخم أقل من بناء قدرة تصديرية، فكثير من المزارعين والتجار الأردنيين لا يمكنهم الالتزام بعقود تصديرية كبيرة لأن الإنتاج ليس كافياً، والمستورد ليس مضطراً لتغطية الفارق في حاجته من مصادر أخرى ليدخل في تشتيت لمصادر الإمداد.
سوق الزراعة في الأردن يحتاج إلى تدخلات شبه شمولية، فهو سوق استراتيجي خاصة أنه يرتبط بالأمن الغذائي والذي يظهر حسب التقارير الصادرة أخيراً أننا لا نقع في موقع مطمئن قياساً بدول عربية أخرى لا تمتلك بنية تحتية في مجال الزراعة، ولا توجد مشكلة في اقتصاد ذي طابع ليبرالي أو مفتوح أن تعمل الحكومة بأسلوب الاقتصاد الموجه في بعض القطاعات، وبين قطاعات أميركية كثيرة كانت الزراعة دائماً تحظى بالمعاملة التفضيلية وفي مراحل معينة تحصل على حماية الحكومة ولو كان ذلك يثير غضب شركاء تجاريين مهمين، فهل نلتفت لقطاع الزراعة برؤية?جديدة لنوقف أحد أوجه التبديد الواسعة والمكلفة في الأردن.