كارثية هذه الظاهرة أنها تؤدي لتراجع المعنويات الوطنية العامة وتفشي الاحباط، وتفقد الأفراد والجماعات الرغبة في العمل العام والمبادرة والتفاعل، وتجعلهم يميلون ويرغبون بتصديق كل ما هو سلبي، وتفقدهم الشعور أنهم جزء من كل المجتمع يصعدون معه ويهبطون أيضا معه. لذلك نقول أنها ظاهرة خطيرة نرى إرهاصات منها في مجتمعنا من تفش للسلبية وسواد لعدم الثقة، حتى الغش والاحتيال باتت ظواهر منتشرة للأسف يسّوقها البعض أنها فهلوة وشطارة في انحدار خطير للقيم.
أسباب الظاهرة تحتاج لتبصر علمي لكن يمكن القول إن أمرين أساسيين لهما دور فاعل، الأول، يرتبط باستقامة الإدارة وأصحاب القرار فهم القدوة وعدالتهم واستقامهم تنعكسان على المجتمع وهذا يعطي الراحة لمتلقي القرار أنه بخير لا يقاد من قبل فاسدين حساباتهم محصورة في المحسوبيات والتنفيعات. والسبب الثاني يكمن في حجم الضخ النخبوي الكبير بالسلبية وإعطاء الانطباع أن الدنيا خراب وأن لا شيء بخير. يفعل ذلك نفر يمكن تسميتهم "المبتزون الجدد” الذين يعملون على طريقة شاغب حتى تزعج فيتم احتواؤك. قيض الله للأردن جزءا من نخبه من هذا النوع، لا يهمها الموضوعية ولا تقوى عليها، كل ما تريده الضخ في السلبية لكسب الشعبية، فكانت النتيجة أن أطاحوا ليس فقط بثقة الناس بمؤسساتهم ولكن أيضاً بثقة الناس ببعضهم. النخبة فعلت ذلك لا لشيء إلا لمكاسبهم الابتزازية المحضة. هذا لا يعني أن ضعف الاداء الرسمي لم يكن عاملاً وذخيرة بيد هؤلاء، بل هو كذلك، ولذا فجودة الاداء والاصلاح الحقيقي البائن للكافة، والاستقامة في القول والفعل واتخاذ القرار بعدالة وشفافية، هي من العوامل الحاسمة في استرجاع الثقة المجتمعية المفقودة، واستعادة الثقة بالمؤسسات الرسمية، وأهم من ذلك، فالاستقامة والعدالة عوامل حاسمة لتعرية من لا يرون في البلد إلا الخراب ولا يعرفون مهنة الا بث السلبية والتشكيك والاحباط التي هي سرطانات مجتمعية قاتلة.