تقرير حالة البلاد (٢٠١٩) - المجلس الاقتصادي والاجتماعي
اخبار البلد - يمثل السوق المالي أداة مهمة يجب تفعيلها في مجال السياسة النقدية، إذ عانى هذا السوق في الآونة الأخيرة من تراجع ملحوظ في معدلات التداول، ولذلك فإن المجلس يرى أنه من الضروري تنشيط السوق المالي كأداة ممولة للقطاعين العام والخاص من خلال تطوير سوق ثانوي معني بإصدار وتداول الأسهم الجديدة، وتداول السندات الحكومية وغير الحكومية، وإتاحة الاستثمار للمواطنين في السندات الحكومية، مما يمنح فرصة للمواطنين لاستثمار أموالهم بالتوازي مع منح الفرصة للحكومة بالحصول على مصادر جديدة للتمويل".
وقد كثرت التحليلات حول تلك الظاهرة المقلقة التي ترتبط في حقيقة الأمر بتراجع النمو الاقتصادي وتراجع السيولة في السوق الذي شهد مضاربات محمومة خلال العقد الماضي، ولا سيما في سوق الإصدار الأولي الذي حصد اكتتابات المواطنين في شركات أّسست على عجل وأشعلت حّمى المضاربة التي رفعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة في البورصة إلى رقم تاريخي ناهز 42 مليار دينار. لقد كانت المحصلُة مما سبق ذكره كَّل هذا المناخ من التخوف الذي يحيط بالبيئة الاستثمارية عمومًا، ..."
" تتجه الأنظار إلى خطوات مؤثرة مماثلة على صعيد تنشيط السوق المالي يحَّبذ أن تبدأ بالتركيز على تطوير السوق الثانوي المعنّي بإصدارات السندات والصكوك وإصدارات الأسهم الجديدة، مما يتطلب من هيئة الأوراق المالية المبادرة بالاهتمام الاستثنائي بسوق تداول السندات الحكومية وغير الحكومية التي تحتاج إلى جهد كبير لتطويرها، لتكون ذراعًا رافعة للسوق المالي على غرار الأسواق المالية الدولية.... ولا بّد أن يتزامن ذلك مع برنامج لإطلاق صناديق متخصصة لتمويل المشاريع، وتحفيز الصناديق الاستثمارية بأنواعها لحشد مزيد من المدخرات المحلية اللازمة للتنمية المستدامة. ومن المعَّول عليه أن ينهض الجهاز المصرفي بتقديم أنواع جديدة وجّذابة من خدمات التجزئة والأوعية الادخارية والاستثمارية، .... فمن الحكمة في الوقت الراهن كسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها السوق منذ سنوات، وإعادة ثقة المستثمرين بالسوق في ضوء تنامي ظاهرة التوجه المتزايد للمستثمرين الأردنيين نحو الأسواق المالية الإقليمية والدولية.
"لم يكن عام 2018 أفضل من الأعوام السابقة في ما يتصل بحجم التداول في السوق المالي والرقم القياسي لمؤشر بورصة عّمان، فقد سّجل ذلك العام تراجعًا في كلا المؤشرين، فوصل التراجع بحجم التداول نحو 600 مليون دينار، بنسبة تراجع وصلت إلى نحو 21% في عام 2018 مقارنة بالعام السابق، كما تراجع مؤشر بورصة عّمان إلى دون حاجز 2000، فقد وصل إلى 1909 مقارنة مع 2127 في عام 2017. واستمرت حالة الانفصام الكامل بين تطورات السياسة المالية والنقدية في البلاد وسياسات الأسواق المالية فيها، ورغم تحسن معظم الأسواق المالية العالمية خلال عام 2018 -مع بعض التذبذبات- إ ّلا أن السوق المالي الأردني لم يتغير في توجهاته الضعيفة ولم يشهد أّي انتعاشُ يذكر حتى عام 2018، وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتم منذ عام 2010 أّي اكتتاب عام جديد، وبقي التخُّوف من السوق المالي والتحُّفظف يالتعامل معه، كما بقيت معظم التحركات المالية فيه تحركات محلية.
ومع الانخفاض الكبير في أسعار أسهم الشركات المدرجة في سوق عّمان المالي عّما كانت عليه قبل عام 2008، إّلا أن ذلك لم يشكل حافزًا محوريًا للمستثمرين الخارجيين للدخول إلى السوق، ولم يفتح شهية الصناديق المستثمرة في الأسواق المالية للولوج إليه وفتحَ محاِفظ فيه لغايات المتاجرة أو الاستثمار. ولعّل التوجه الحكومي نحو الدخول في شراكات كبرى مع القطاع الخاص المحلي والعالمي في مجال المشاريع الكبرى ومشاريع البنية التحتية، يتم عبر شراكات تدخل ضمن تحريك سوق المال في الأردن، وُتنتج بعض الشركات المساهمة العامة الجديدة، ّمما يؤدي إلى تنشيط السوق واستقطاب مساهمات محلية وخارجية، فردية وسيادية وتجارية."