أربعة وأربعين حكومة منذ قيام الملك عبد الله الأول بإسناد رئاسة المشاورين (هكذا كان إسم الحكومة) للمرحوم الدرزي رشيد طليع في 11 -4 - 1921 وفيما بعد تغير اسم الحكومة الى مجلس المستشارين في عهد الرئيس السوري الأصل المرحوم مظهر رسلان عام 1922 واستقر الأمر بشكل مؤقت الى تسمية الحكومة بمجلس النظار برئاسة المرحوم حسن خالد أبو الهدى الذي شكلها ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة تغير الإسم الى رئاسة الوزراء ونودي الرئيس باسم رئيس الوزراء وليس رئيس النظار أو رئيس المشاورين أو المستشارين في بداية القرن العشرين.
الدرزي رشيد علي حسين ناصيف طليع من بني معروف: أول رئيس لوزراء إمارة شرق الأردن عام 1921
ولد رشيد طليع أول رئيس لأول حكومة أردنية في لبنان عام 1877، وهو ينتمي لعشائر بني معروف الدرزية، وكانت مشيخة عقل بني معروف غالباً ما تكون في آل طليع، تلقى علومه في المدرسة الملكية بالأستانة عام 1900 ثم تخرَّج من دار الفنون في إستانبول التي كانت تعتبر بمثابة أهم الجامعات في الدولة العثمانية، ومنها كان يتخرج معظم رجالات الدولة العثمانية.
بعد تخرجه من جامعة دار الفنون في إستانبول شغل رشيد طليع عدة مناصب حكومية رفيعة في الدولة العثمانية، كان منها: منصب متصرف حوران، ومتصرف طرابلس الشام، ومتصرف اللاذقية.
شكل في القدس جمعية مساعدة الأحرار، وشارك مع الأمير عادل أرسلان والعقيد فؤاد سليم مع الثوار في مصر ضد الاحتلال الإنكليزي.
عندما إنسحب الأتراك من البلاد العربية وقامت المملكة الفيصلية في الشام التحق رشيد طليع بالملك فيصل بن الحسين في دمشق بعد تلقيه برقية من الملك فيصل بناءً على نصيحة من الوطني العربي السوري الشهير في ذلك العهد محمد الشريقي.
تمَّ تعيين رشيد طليع فور وصوله إلى دمشق حاكماً عسكرياً على منطقة حماة، وعندما شكل الملك فيصل أول حكومة أطلق عليها اسم مجلس المديرين (بمثابة مجلس وزراء) تقلد رشيد طليع منصب مدير الداخلية (وزير الداخلية)، وعندما بدأ المستعمرون الفرنسيون مؤامراتهم ضد المملكة الفيصلية لإسقاط حكومتها العربية نقل رشيد طليع ليصبح والياً على منطقة حلب.
تسارعت الأمور بعد أن تغلبت القوة الفرنسية الغاشمة على القلة المؤمنة في معركة ميسلون التي استشهد فيها القائد العربي يوسف العظمة، ولم تلبث المؤامرة الاستعمارية الفرنسية أن نجحت في إجهاض المملكة الفيصلية وأصبحت سورية تحت الحكم الاستعماري الفرنسي المباشر، فاضطر رجالات المملكة الفيصلية إلى ترك سورية ولجأ العديد منهم إلى شرقي الأردن، وكان من هؤلاء رشيد طليع الذي كان قد أصبح رئيساً لحزب الاستقلال العربي، وكان وصول رشيد طليع إلى شرقي الأردن متزامناً مع وصول الأمير عبد الله بن الحسين الذي بدأ يأخذ بناصية الأمور في شرقي الأردن.
لم يكن اعتماد الأمير المؤسِّـس عبد الله بن الحسين على رجالات حزب الاستقلال في تأسيس الإمارة وتكليفهم بتشكيل الحكومة في بدايات عهد الإمارة موضع ترحيب من الإنجليز الذين كانوا بحكم الانتداب يتسلطون على فلسطين آنذاك، فعمدوا إلى التضييق على حكومتي الرئيس رشيد طليع الأولى والثانية التي تشكلت في 5 -7- 1921 ومنعوا عنهما المخصَّـصات المالية، وكان الإنجليز يتهمون طليع ووزراءه بأنهم جعلوا من الأردن قاعدة للثورة ضد المستعمرين الفرنسيين الذين يحتلون سورية، كما اتهموهم بأنهم وراء محاولة اغتيال الجنرال الفرنسي غورو، وما يزال الإنجليز يكيدون ضدَّ الرئيس رشيد طليع وحكومته حتى اضطروه إلى تقديم استقالته في 23 - 6- 1921.
يعتبر الرئيس رشيد طليع اللولب المحرك لمعظم نشاطات النضال الاستقلالي العروبي ضد المستعمرين الفرنسيين في سورية، ويعتبر من كبار رجالات العرب في عصره، ويوصف بأنه كان رجل كامل الصفات، عالي الأخلاق، ولا يكاد يكون له نظيرٌ في فن الإدارة.
توفي في شهر 9 من عام 1926 في قرية الشبكي التابعة لمحافظة السويداء وتكريما له اقيم له نصب تذكاري في قرية الشبكي بجهود ومبادرة ذاتية من أهل القرية والتي دار فوق رحاها معركة عظيمة أيام الثورة السورية الكبرى وكان طليع من ابرز القادة المشاركين في المعركة.
مظهر رسلان:
جاء المرحوم مظهر رسلان الذي ينتمي إلى عائلة سورية من رجالات الحركة الوطنية العربية الذين اعتمد عليهم الملك فيصل بن الحسين في تسيير أمور الحكومة العربية التي كانت تتخذ من دمشق عاصمة لها، وكانت شرق الأردن آنذاك تابعة إداريا للحكومة العربية في دمشق وكان مظهر رسلان متصرفا للبلقاء ومقره في السلط، وبعد نجاح المحتلين الفرنسيين في القضاء على الحكومة العربية؛ ترأس مظهر رسلان الحكومة المحلية، وبعد تأسيس الإمارة الأردنية شكـَل مظهر رسلان حكومة برئاسته في 15 ـ 8 ـ 1921 م وأخرى في 1 ـ 2 ـ 1923 م، ثمَّ عاد إلى سوريا ليصبح من مؤسسي حزب الكتلة الوطنية، وشغل منصبي وزير الأشغال ووزيرالتموين في حكومة الزعيم السوري سعد الله الجابري المُـشكّلة في 19 ـ 8 ـ 1943 م، والرئيس سعد الله الجابري هو عم السيدة سعدية إبنة المناضل المعروف إحسان الجابري زوجة الشهيد وصفي التل.
علي رضا باشا الركابي:
ولد الركابي عام 1868 فكان الرئيس الثالث لحكومة الأردن، وهو سياسي سوري وأول رئيس وزراء في سوريا، كان له الفضل في تشكيل وزارتين في الأردن، ووضع نظام مالي وإداري خلال إدارته للحكومة.
عمل على وضع القوانين والأنظمة المناسبة للدولة الأردنية الجديدة، ولاسيما في نطاق الأنظمة المالية والجهاز الإداري. وفي الثالث من تشرين الأول 1922 دعاه الأمير عبد الله إلى مرافقته في رحلة إلى لندن، لعقد معاهدة بين الأردن وبريطانيا، وبحث الشؤون العربية.
في أوائل عام 1924 دعي علي رضا الركابي ثانية إلى تشكيل الوزارة في الأردن، وظل في منصبه إلى حزيران من عام 1926، حيث استقال، وكان الركابي يوم شكل وزارته؛ أعلن في برنامجه الوزاري: العمل بالصدق والإخلاص في القول والعمل، وتوزيع العدالة بين جميع أفراد الشعب، والمراعاة التامة لشئون الاقتصاد، والاعتماد على الكفاءات في التوظيف، وقمع بذور الفساد، وكل ما يسيء إلى السمعة.
دعا الركابي إلى التعاضد والتكاتف في جميع أمور الإصلاح، وصيانة المنطقة من الأحوال المخلة بالأمن، وكان الركابي وهو رئيس للوزراء في الأردن، يدعم الثورة السورية بكل إمكاناته سراً، وإشعال روح المقاومة بين صفوف الثوار، ومن أجل هذا، لم يستطع عقب استقالته من رئاسة الوزارة العودة إلى أرض الوطن، بل أثر الإقامة في فلسطين، إلى أن انتهت الثورة، وكان خلال إقامته في فلسطين يعيش عيش الكفاف، بسبب فقره وضيق ذات يده.
بعد عودته إلى دمشق، ووفاة الملك فيصل الأول، اعتزل الرجل النزيه، المستقيم، العمل السياسي ولزم بيته، وانقطع عن الناس.
رحل رضا الركابي إلى جوار ربه، في يوم الاثنين 25 - 5 عام 1942، بعد أن عانى طويلاً من المرض.
وزارة حسن خالد أبو الهدى الأولى
في 5 - 9- 1923 تألفت هيئة الوزارة الجديدة مع استبدال اسم مجلس الوكلاء باسم مجلس النظّار، وقد تم تأليف مجلس النظار على النحو التالي:
حسن خالد باشا أبو الهدى: رئيس النظار، الأمير شاكر بن زيد: نائب العشائر، الشيخ سعيد الكرمي: قاضي القضاة، أحمد حلمي بك: ناظر المالية، إبراهيم بك هاشم: ناظر العدلية، علي خلقي بك الشرايري: ناظر المعارف.
وزارة حسن خالد أبو الهدى الثانية:
كلّف السيد حسن خالد أبو الهدى بتأليف الوزارة للمرة الثانية، وفي 26 - 6- 1926 تألفت الوزارة الجديدة بعد ان استبدل اسم (مجلس النظار) باسم (المجلس التنفيذي)، وقد دخل في عضوية هذا المجلس أربعة من موظفي حكومة فلسطين الذين استعيروا للعمل في شرقـي الأردن، وهم الشيـخ حسـام الديـن جـار الله، السيد عبد الرحمن غريــب، المستر الك كر كبرايد.
وجاء تأليف الوزارة على النحو التالي: حسن خالد باشا أبو الهدى: رئيس النظار، وناظر الداخلية، الشيخ حسام الدين جار الله: ناظر العدلية، وقاضي القضاة، عارف بك العارف: السكرتير العام، الدكتور رضا توفيق: مدير الآثار، عبد الرحمن بك غريب: مدير النافعة، الك كر كبرايد: مستشار المالية.
وفي 17 -4- 1927 استقال السيد عبد الرحمن غريب مدير النافعة من عضوية المجلس التنفيذي وحل محله السيد إبراهيم هاشم مدير الخزينة (اعتبارا من 1 -9- 1927). وفي 11 -9- 1928 استقال الدكتور رضا توفيق من عضوية المجلس التنفيذي، وحل محله السيد توفيق أبو الهدى مدير تسجيل الأراضي.
وزارة حسن خالد أبو الهدى الثالثة:
في 17 -10 أعيد تأليف المجلس التنفيذي على أساس ان لا يبقى فيه أحدا من الموظفين المعارين وأن يدخل فيه اثنان من أعضاء المجلس التشريعي.
وقد تألف المجلس الجديد على الشكل التالي: حسن خالد باشا أبو الهدى: رئيسا للوزراء، إبراهيم بك هاشم: وزيرا للعدلية وقاضيا للقضاة، توفيق بك أبو الهدى: السكرتير العام، علاء الدين بك طوقان: مدير الآثار، عودة بك القسوس: عضو المجلس التشريعي، سعيد بك المفتي: عضو المجلس التشريعي.
عبد الله بن عبد الرحمن سراج هو سياسي وعالم شريعة عربي تقلد مناصب مختلفة في المملكة الحجازية الهاشمية، ولاحقًا في إمارة شرق الأردن بما في ذلك منصب رئيس الوزراء في كلا البلدين.
ولد في مكة وتخرج من إحدى مدارسها، ثم غادر الى مصر للدراسة في جامعة الأزهر في القاهرة.
في عام 1907 تم اختياره لمنصب مفتي الحنفية في مكة من قبل الشريف علي بن عبد الله.
انتخب لتمثيل مكة في البرلمان العثماني عام 1908 على الرغم من رفضه قبول المنصب الجديد بعد أن أعلن حسين بن علي الهاشمي الاستقلال على الدولة العثمانية عام 1916م.
اختير ليكون رئيسًا للمحكمة العليا ونائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة الحجاز، وفيما بعد رئيساً لحكومة شرق الأردن...
الرئيس ابراهيم هاشم:
ولد إبراهيم هاشم في مدينة نابلس في فلسطين عام 1886م. درس في نابلس قبل أن يكمل دراسته الجامعية في إسطنبول. حصل على شهادة مدرسة الحقوق بالأستانة عام 1910م.
عين معاوناً لمدعي عام بيروت والشام، وقاضياً للواء يافا خلال الحكم العثماني.
شغل منصب مدعي عام استئناف، ورئيس محكمة استئناف سوريا. كذلك قام بتدريس مادة الحقوق الجزائية في جامعة دمشق خلال الحكم الفيصلي والانتداب الفرنسي بين عامي (1919-1921).
خلال عهد إمارة شرق الأردن، شغل منصب مستشار العدلية، وعضو مجلس المستشارين في وزارة علي رضا الركابي الأولى عام 1922، ومنصب مستشار قضائي في وزارة مظهر رسلان الثانية في 1 -2- 1923، ومنصب ناظر العدلية في وزارة حسن خالد أبو الهدى الأولى في 5 -9- 1923.
عين ناظراً للعدلية في وزارة علي رضا الركابي الثانية في 3 -5- 1924، ثم مديراً للخزينة في وزارة حسن خالد أبو الهدى الثانية في 17 -4- 1927م.
عين بعد ذلك وزيراً للعدلية وقاضياً للقضاة في وزارة حسن خالد أبو الهدى الثالثة في 17 - 10- 1928م.
شكل إبراهيم هاشم وزارته الأولى بتاريخ 18 - 10 - 1933 حيث شغل منصب رئيس الوزراء ووزير العدلية وقاضي القضاة، في حين شكل حكومته الثانية بتاريخ 19 - 5 - 1945، حيث شغل موقع رئيس الوزراء ووزير الدفاع. كما شكل حكومته الثالثة في 21 - 12-1955 وشغل موقع رئيس الوزراء.
بعد ذلك، في 9 -1- 1956، أصبح إبراهيم هاشم نائباً لرئيس الوزراء ووزير دولة في وزارة سمير الرفاعي الرابعة.
عاد بعدها ليشكل حكومته الرابعة بتاريخ 1 -7- 1956 حيث شغل موقع رئيس الوزراء، كما شكل حكومته الخامسة في 24 نيسان 1957 حيث شغل موقع رئيس الوزراء ووزير العدلية.
توفيق أبو الهدى التاجي الفاروقي:
ولد في مدينة عكا عام 1894 من أسرة معروفة أصولها من الرملة في فلسطين، وقد عين في منصب رئيس الوزراء 12 مرة في الأردن في عهد ملوك ثلاثة هم: الملك عبد الله الأول بن الحسين، والملك طلال بن عبد الله، والملك الحسين بن طلال.
تلقى دراسته الابتدائية في الرملة والثانوية في بيروت، والتحق بالمكتب السلطاني في أسطنبول وأخذ يدرس الحقوق لمدة ثلاث سنوات ولم يكمل تعليمه بسبب استدعاءه للخدمة العسكرية، وعين برتبة ضابط احتياط عام 1915.
خدم مأموراً للحسابات في جبهة العراق وإيران وحلب حتى انسحبت القوات العثمانية من سوريا في - 10- 1918 وعُين كاتباً في مدرسة الحقوق في سوريا الداخلية وظل يخدم فيها إلى ما بعد استيلاء الفرنسيين على دمشق بنحو عامين (1919 - 1922).
ثم انتقل أبو الهدى من دمشق إلى عمّان عام 1922 وعين مديراً للواردات، وخلال السنوات الست استطاع أبو الهدى ان يتدرج وبسرعة في سلم المناصب ذات المسئولية، من مديراً للواردات، إلى مديراً للمحاسبة العامة، إلى مديراً لدائرة تسجيل الأراضي، وعضو في المجلس التنفيذي عام 1928 إلى أن عين سكرتيراً عاماً للحكومة عام 1929 وتولى رئاسة المجلس التنفيذي في شهر 10- 1938 وتولى منصب رئاسة الوزراء عدة مرات الثانية منها في 6 - 8- 1939 والعاشرة في 30 - 9-1952م.
سمير الرفاعي الجد:
ولد في مدينة مرجعيون اللبنانية (جنوب لبنان) عام 1901 تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس مدينة صفد في فلسطين.
تلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الأمريكية في بيروت.
عمل في حكومة شرقي الأردن - حكومة الشرق العربي- منذ تأسيسها في الوظائف التالية:.
• مأمور السجل العام وسجل المالية في رئاسة النظار. مدير ديوان الرئاسة. رئيس ديوان الرئاسة. مساعد أول للسكرتير العام. متصرف لواء معان بالوكالة. مراقب أملاك الدولة في دائرة الأراضي. سكرتير رئاسة الوزراء. مدير المعارف. وزير الداخلية والمعارف. وزير المالية والاقتصاد والعدلية.
• شكل حكومته الأولى عام 1944 فكان رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية والدفاع.
وحكومته الثانية عام (1947) والثالثة عام (1950) والرابعة عام (1956) والخامسة عام (1958) والسادسة عام (1963).
سعيد باشا المفتي:
يعتبر سعيد المفتي من زعماء الأردن ومن زعماء الشركس الذين ساهموا في تأسيسه ودعموا مسيرته. كان في طليعة مستقبلي الأمير عبد الله بن الحسين حين وصوله من الحجاز عام 1921 واستضافه في بيته عدة أيام. سانده وعمل معه واستمر في عطائه له حين وُلِّي الأمير ملكا على الأردن. واستمر مع إبنه الملك طلال بن عبد الله ومن بعده الملك الحسين بن طلال. ولد في عمان عام 1898.
تميز سعيد المفتي بقوة الشخصية وعرف عنه الصدق والأمانة والولاء، وملك موهبة القيادة التي أهلته لأن يكون شخصية سياسية تستحق أن تكلف بمنصب رئاسة الحكومة الأردنية. وهو من أصول شركسية ومن أسرة حبجوقة العريقة التي تنتمي بدورها إلى قبيلة القبرطاي. وهو مِن أبناء مَن هاجروا واستقروا في عمان وساهموا في بناء أردن حديث.
تعلم بداية في الكتاتيب ثم انتقل إلى دمشق ليكمل دراسته في المدرسة السلطانية.
في عام 1920 وتلبية لنداء الملك فيصل بن الحسين قاد سعيد المفتي بمعية ميرزا باشا قوة من ألف مقاتل من خيرة شباب الشركس إلى سوريا للمشاركة في محاربة الفرنسيين وفعلا توجهوا إلى سوريا، وما أن وصلوا حتى عرفوا نتيجة معركة ميسلون الشهيرة بقيادة يوسف العظمة والذي أستشهد فيها لعدم تكافؤ القوى ضد قوات الجنرال غورو الغازية، فعادوا أدراجهم إلى عمان.
وفاة والده عام 1917 أجبرته على قطع دراسته والعودة إلى الأردن لرعاية أسرته، ولكنه بدأ نشاطا سياسيا واجتماعيا منذ شبابه، فقد فاز في الانتخابات وأصبح عضوا في مجلس الشورى وهو في العشرين من عمره.
يُعد أحد مؤسسي حزب الشعب الأردني الذي تأسس في مارس من عام (1927)..
ساهم سعيد باشا المفتي في بناء نهضة الأردن وشغل مختلف المناصب وشارك في أكثر من وزارة، وزيراً، أو نائباً لرئيس الوزراء، أو نائباً في البرلمان، أو عضواً في مجلس الأعيان حتى ترأسه ست مرات.
تقاعد عام 1974 ليتفرغ لحياته الشخصية حتى توفي عام 1989.
كلفه الملك عبد الله الأول بتشكيل حكومتين كما كلفه الملك حسين بن طلال بتشكيل حكومتين ما بين العام 1950 والعام 1955 على النحو التالي:
أول مرة كلف فيها رئيسا للحكومة كان التاسع في ترتيب رؤساء الحكومات الأردنية، وأهم ما ميز حكوماته حصول حكومته على موافقة مجلس الأمة المشكل من مجلسي النواب والأعيان، بالإجماع على وحدة الضفتين بوجود نواب فلسطينيين ونواب أردنيين، وأعلنت الضفتين بلدا واحدا باسم المملكة الأردنية الهاشمية، مما جعله أول رئيس حكومة يعين حكومة مشكلة من وزراء أردنيين ووزراء فلسطينيين.
ثم عهد اليه تأليف حكومته الثانية في العام 1950 ولم تدم طويلا حيث استقالت في العام نفسه 1950.
كلف بالحكومة الثالثة في العام 1955 واستمرت لعدة أشهر فقط، أما الرابعة فكانت عام 1956 واستقالت في نفس السنة.
عين المفتي رئيسا لمجلس الأعيان الأردني لستة فترات في الأعوام 1955 و1959 و1967 و1971 (مرتين) و1973.
شكل مع مجموعة من رجال الشركس المجلس العشائري الشركسي في الأردن عام 1962 وكان أول رئيساً له.
توفي عام 1989 ودفن في عمان.
هزاع المجالي: من مواليد عام 1919 - استشهد عام 1960 بتفجير مكتبه في رئاسة الوزراء.
.. حين بلغ هزاع الخامسة من عمره سلمه جده لشيخ يعلمه القرآن حيث اتم قراءة القرآن بين الخامسة والعاشرة وحفظ المعلقات السبع، ثم جاء شيخ آخر فعلمه بالإضافة للقرآن؛ الجغرافيا والتاريخ والانشاء، في اوقات الفراغ كان يركب الخيل والجمال مع جده ويقوم بالرعي معه عند مرض الراعي.
في العاشرة من عمره توفيت جدته وبعدها حضر والده واصطحبه الى الكرك.
التحق بمدرسة الكرك الثانوية من الصف الثالث وحتى الثاني ثانوي وحافظ على المرتبة الاولى في هذه الصفوف، بعدها انتقل الى مدرسة السلط الثانوية، وفي مدرسة السلط الّف هزاع وزملائه جمعية سرية أطلقوا عليها اسم: جمعية الحرية الحمراء، وقد أكد في مذكراته انه لم يكن لهذه الجمعية هدف واضح، وفي السنة الثانية والاخيرة مرض مرضا كاد يودي بحياته فكان يغادر سريره ليؤدي الفحص ثم يعود الى المستشفى، وكانت النتيجة حصوله على المركز السادس وتخرج من المدرسة.
لم يلبث هزاع طويلا حتى تلقى عرضا من دائرة الاراضي ليعمل مساحاً، فذهب الى كفرسوم في اربد هو وزملاء له في الوظيفة، فقد اخذوا يتدربون على آلات المسح والتصوير وتحديد الاراضي لمدة شهرين، بعدها التحق بفرق المساحة للتدريب والعمل، وخلال عمله تم اختطافه هو والمستر هيد مدير الحراج حيث لحقت بهما قوات الامن وخلصتهما، وعلى اثر هذا الحادث انتقل الى عمان ومنها الى القرى المجاورة لها، بعدها عين كاتبا لمحكمة صلح مادبا وقضى فيها ثلاثة سنوات عاد بعدها الى الكرك عاطلا عن العمل الى ان قرر الالتحاق بالجامعة السورية في دمشق بعد انقطاع خمس سنوات عن الدراسة وبدأ بدراسة الحقوق.
كان يعود الى الكرك لقضاء عطلة الصيف وكان يحقق نتائج حسنة، وفي نهاية عام 1945 قامت بدمشق مظاهرة صاخبة تطالب بجلاء الفرنسيين حيث ساهمت الجامعة السورية بتنظيم تلك المظاهرات، وهب عدد من الطلبة السوريين والاردنيين مطالبين بتجنيد الطلاب للمشاركة بمعركة التحرر فتم الايعاز لقائد القوات السورية لتجنيدهم وانتهت حوادث الاعتداء الفرنسي بجلاء القوات الفرنسية وسائر القوات الاجنبية عن سوريا ولبنان حيث تم الاستقلال للبلدين.
وقبل نهاية دراسته في الجامعة تزوج هزاع من ابنة رفيفان باشا المجالي، وبعدها عاد للدراسة وحصل على الاجازة في الحقوق عام 1946.
بعد دراسة القانون في دمشق، حصل على الترخيص لمزاولة مهنة المحاماة، وافتتح مكتبا في الكرك واتسعت اعماله وكان له قضايا في معان والطفيلة ولدى محكمة الاستئناف في عمان.
قابل الملك عبد الله الأول، الذي تحدث الى الرفاعي لتعيين هزاع في الحكومة، فعين موظفا للتشريفات في القصر عام 1947 ورافق الملك الى مصر والسعودية والعراق.
في اواخر عام 1948 تولى رئاسة بلدية عمان، فأخذ يشق الشوارع، ويوسعها، وقام بتحسين شبكة المياه في العاصمة، وعمل على زيادة الخزانات وآلات الضخ، وقضى في المنصب سنتين قلده بعدها الملك قلادة ذهبية تقديرا له، وقبل ان يبلغ الثانية والثلاثين من عمره، دخل وزيرا للزراعة ثم وزيرا للعدلية في حكومة سمير الرفاعي.
بعد إغتيال الملك عبد الله الاول، وتنصيب الامير نايف وصيا على العرش؛ تقدمت بعدها حكومة الرفاعي بالاستقالة، كانت البلاد على ابواب انتخابات نيابية، فذهب هزاع الى الكرك ليرشح نفسه ونجح في تلك الانتخابات،حيث نودي بعدها بالأمير طلال ملكاً دستورياً، وأقسم اليمين الدستورية امام مجلس الامة، وكانت باكورة مجلس 1951 تعديل الدستور الاردني الذي يعد نموذجاً للدساتير في المنطقة العربية.
تشكلت وزارة برئاسة فوزي الملقي، حيث تقرر بعد ستة شهور من تشكيلها اشراك هزاع وزيرا للداخلية، حيث اكمل ما شرعت به الوزارة من افراج عن المعتقلين في المنافي الصحراوية، وتعامل مع احدى المظاهرات بنفسه واستطاع تهدئة المتظاهرين.
الف هزاع وعدد من النواب الحزب الوطني الاشتراكي وحصل على الترخيص الذي كانت من اهدافه الدعوة الى الاتحاد العربي، وبعد ان حلت حكومة ابو الهدى مجلس النواب ترشح هزاع عن الكرك وفاز في الانتخابات، بعدها اشترك في حكومة جديدة برئاسة ابي الهدى وكان وزيراً للعدل.
اتخذ مجلس الوزراء موقفا ثابتا للاردن ازاء الصراع القائم بين العراق من جهة وسوريا ومصر من جهة اخرى، وبعد ذلك قدم هزاع استقالته من الحكومة وبعد فترة قدمت الوزارة استقالتها وشكلت حكومة جديدة برئاسة سعيد المفتي، وكان هزاع وزيرا للداخلية فيها، وذهب هزاع في هذه الفترة على رأس وفد اقتصادي بزيارة لبغداد للحصول على قرض مالي لتمويل عدة مشاريع.
عام 1955 وبعد زيارته الى العراق، حضر الجنرال تمبلر الى الاردن، واجرى مفاوضات مع المسئولين الاردنيين حول الانضمام لحلف بغداد، وعلى اثر هذه المفاوضات والشائعات التي كانت تطلق حول الوزراء استقالت حكومة المفتي وعهد الى هزاع بتأليف الحكومة.
شنت اذاعة صوت العرب بالقاهرة حملة من الادعاءات بقيام مظاهرات وسقوط قتلى وجرحى في عمان وغيرها من المدن الاردنية حيث قال هزاع في مذكراته ان ذلك لم يحدث لكنه بدأ بالحدوث بعد ذلك، وكانت تعليمات هزاع تقضي بعدم استعمال الشدة ضد احد وحتى عند تأزم الموقف ونصح العديد له باستخدام الشدة الا انه عوضا عن ذلك صعد الى القصر والتمس من الملك قبول استقالته، حيث آثر الاستقالة على اعتماد سياسة العنف وهو الذي كان يحاربها ويستهجنها. ولم تدم وزارته سوى ستة أيام.
قال هزاع المجالي في الجلسة التي عقدت لمنح الثقة لحكومة الرفاعي: لقد اردت مجتهدا للشعب الاردني ان يبلغ حياة كريمة في اربع سنوات، وأردت له خططا واسعة للنمو الاقتصادي والاجتماعي تكفل له مستوى معاشياً أعلى ومجتمعاً ارقى، اردت للاردن ان تبرز شخصيته العربية النبيلة، كما اراد صاحبها ان تكون: شخصية البلد الذي يسر الصديق ويرعب العدو.
في شهر 4 من عام 1956 اصدر هزاع جريدة اسبوعية اطلق عليها اسم صوت الاردن وقد تولى تحريرها بنفسه، وفي 7 -6- 1956 استقال من مجلس النواب وبعدها تم حل البرلمان.
عين وزيراً للبلاط الملكي عام 1958 وفي تلك الفترة تم تشكيل عدد من الحكومات انتهت بتشكيل حكومة ابراهيم هاشم حيث اعلنت الاحكام العرفية وبدأت نهاية عهد الاضطراب والفوضى.
شكل الوزارة مرة أخرى عام 1959 حيث شهدت تلك الحقبة إقامة مشروعات هادفة وتطوراً في الاداء الاعلامي والاذاعي واختار ليساعده في تطوير الاعلام رئيس الوزراء الشهيد وصفي التل ليكون مديرا للتوجيه المعنوي.
اغتيل المجالي بانفجار ضخم في الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الاثنين 29 - 8 -1960، حيث كان يستقبل في رئاسة الوزراء كل يوم اثنين من كل أسبوع جموع المواطنين لتلبية مطالبهم وحل مشاكلهم وأدى الأنفجار إلى مصرع المجالي وعدد من كبار الموظفين وبعض المواطنين.
كان الملك حسين بن طلال سيزور رئاسة الوزراء قبل ساعات من الانفجار الذي يبدو أنه كان مخططا لاغتياله، إلا أن المعلومات الإستخبارية أكدت أن الإستهداف لا يشمل رئيس الوزراء فقط بل يشمل كبار رجالات الدولة وعلى رأسهم سيد البلاد، فعدل الملك الحسين بن طلال رحمه الله عن زيارة الرئاسة..
نستخلص مما سبق ما يأتي:
أولاً: لقد مر على تشكيل الحكومات منذ عام 1921 ولغاية استشهاد دولة هزاع المجالي عام 1960، كل من أصحاب الدولة والفخامة: رشيد طليع، مظهر رسلان، علي رضا الركابي، حسن أبو الهدى، عبد الله سراج، ابراهيم هاشم، توفيق أبو الهدى، سمير الرفاعي، سعيد المفتي، فوزي الملقي، هزاع المجالي.
ثانياً: شكل رشيد طليع أول حكومة في تاريخ الإمارة لمدة أربعة أشهر فقط، من شهر 4 - 1921 ولغاية شهر 8 من العام نفسه، ولم يرجع لأي منصب آخر منذ ذلك التاريخ.
ثالثاً: بلغ عدد الحكومات المشكلة منذ عام 1921 ولغاية حكومة هزاع المجالي؛ إحدى وعشرين حكومة بمعدل؛ حكومة واحدة لرشيد طليع، وحكومتين لمظهر رسلان، وعلي الركابي مرتين، وحسن أبو الهدى مرتين، وعبد الله سراج مرة واحدة، وابراهيم هاشم خمس مرات، وتوفيق أبو الهدى أربع مرات، وسمير الرفاعي ست مرات، وسعيد المفتي ثلاث مرات، وسليمان النابلسي مرة واحدة، وحسين الخالدي مرة واحدة، وأخيراً؛ هزاع المجالي مرتين الأولى عام 1955 والثانية في شهر 8 من عام (1960).
رابعاً: أقصر الحكومات عمراً كانت حكومة رشيد طليع، وقد استمرت لمدة أربعة أشهر، وأطول الحكومات عمراً شكلها المرحوم توفيق أبو الهدى إذ تم تنصيبه رئيساً للوزراء 12 مرة في الأردن في عهد ملوك ثلاثة هم الملك عبد الله الأول بن الحسين، والملك طلال بن عبد الله، والملك الحسين بن طلال.