لا شك في أن الانسان يمرُ بطبيعة الحال بمراحل عمرية متعددة تبدأ بالطفولة وتنتهي بالطفولة أيضا وهي المرحلة التي تُعرف بمرحلة الشيخوخة حيث تكبلُ جماح قوته الذي اعتاد عليها ما بين بلوغه سن السبعين فما فوق.تلك التي تُعيده طفلا بعقليتاً صغيره على هيئة جسداً هرم ففيها يُصاب بأمراضاً عديدة منها: فقدان الذاكرة وهو كما ذُكر أنه الأكثر انتشاراً بين كبار السن, ومنها ما هو جسدي من مثل استصعابه الحركة والقيام بواجبات نفسه الى أن يتطور الأمر ليصل لدرجة انه يُصبح لا يفرق بين اللبن والماء وبين صوت زوجته ومغنية في التلفاز لضعف حاد في بصره وسمعه وما يزيده ألماً أنه يُصبح غير قادر على محادثة أقران جيّله ذكوراً واناث لسبب انخفاض صوته في الكلام وأمراض عديدة لن نفصلها لكي لا ندخل في موضع الاحراج , لذلك فانه يتكئ في تلبية حاجاته اليومية على الاخرين ممن حوله, تتبعُها بعد ذلك المرحلة الأخيرة وهي الغنية عن التعريف وهي أرذل العمر ومختصر ما يمكن ذكره عن هذه المرحله أن الانسان فيها هو طفل ينتظر لحظات مجيئ أجله ومغادرة هذه الحياة كما ولد فيها بدون شيئا يُذكر ليرحل عنها كما جاء عليها الا بما قدمهُ من خيراً أو شر في السنوات التي قضاها.
لم اُصدق عندما قرأت أسماء وأعمار مُتولي المناصب في الدولة الاردنية حيثُ منهم ما بلغ الأربعين الى الستين وهي مرحلة ما تسمى ب"الكهوله"فقد حقق الانسان ما حقق في ما قبل هذا السن ووجب عليه الآن أن يتخلى عن كل المتاعب في ظل تقدم سنه وعدم قدرته على الاستمرارية في مواصلة عمله, ومنهم ما أصبح يراود سنَ الستين الى السبعين وهي مرحلة "الشيخوخة المبكرة" والمفروض على الانسان في هذا السن أن يكون أكثر عُزلية وأعتقد أنه يُفضل المكوث في البيت أكثر من أي شيئا آخر,ومنهم من بلغ سنَ السبعين الى الثمانين وهي مرحلة "الشيخوخة "وما قبل الاخيرة وهي ما سأصفها بمرحلة الأمراض والاعتلالات التي تصيب الانسان عادة,
ولم تقتصر مناصب وطني عند هذه المرحلة بل كان للمرحلة الأخيرة من عمر المسؤول الاردني نصيباً من ذلك فلأننا عادلين الى حداً كبير لم نرضى على أنفسنا أن نُرضي الزوجة وننسى ضرتُها, فمن بين تلك الاسماء التي باتت منحوته في أذهان الاردنيين ما وجدته يبلغ سن المرحله الأخيرة وقد منّ "الله سبحانه وتعالى" عليه بذلك عندما أرجأهُ لمرحلة الطفوله الشيخوخية وكما ذٌكر عن هذه المرحلة أنها مرحلة انتظار الأجل والاستعاد للرحيل الابدي.
وهنا لن أتكلم عن ما يخص الانسان بربه وكيفية استعداده للقائه ولكن ما يضعُني في موضع الحيرة سؤال سألته لنفسي وصدقاً عجزت نفسي عن الاجابه وهو كيف لانسان يحتاج الرعاية لا يفرق بين اللبن على أنه لبن وبين الماء على أنه ماء من خلال لونهما أن يخدم وطن وأن يُجيّر خبرته وكفاءته للبذل من أجل الوطن ومن أجل بناءه واصلاحه وكأنما هذه الخبرة وتلك الكفاءة لا يوجد لمثلها مثيل في هذا الوطن.
الكفاءة والخبرة لا تبني وطن أحيانا وصاحب السن الكبير لا يستطيع أن يحمل لبنه ويضعها فوق الاخرة , ما يبني الوطن هو الوفاء والصدق والأمانة ومن يعتقد أن خدمة الوطن عبادة فعبادة عبادة رب هذا الوطن أجلُ وأرفع وأنفع عبادة , وعبادة الوطن من خلال خدمته لا تعني التمسك بمناصبه وانما اعطائها لمن يستحقها من هذه الأجيال التي تملك من العلم والمعرفة ما يبني وطن بل وأوطان.