لا مؤشرات تلوح بالأفق أن نقابة المعلمين تسير بالاتجاه الصحيح أو أنها على أعتاب تدشين مرحلة جديدة يسودها الحوار والانفتاح على كافة ألوان الطيف التربوي؛ فالنقابة مازالت تعيش مرحلة حرجة في ظل انعدام الثقة بين قوى الإصلاح الذي تسيّد مؤخراﹰ على قمة الهرم النقابي، والتيار الإسلامي الذي سبق أن حاز على ثقة المعلمين في الدورات السابقة فكلاهما يحاول إفشال الآخر من خلال تبادل الاتهامات التي طغت مؤخراﹰ على شبكات التواصل الاجتماعي وانتهت بفيديو مؤلم لاجتماع الهيئة المركزية يصوّر مدى الانقسام الحاصل بين أعضاء الجسد النقابي الأكبر في الأردن.
فالمناهج وتطويرها المثير للجدل وتذويب الزوائد وإرهاق المعلم بكم هائل من الحصص والواجبات كانت السبب الرئيس لتداعيات تلك الأزمة والتي نجحت وزارة التربية في سحب البساط من النقابة وباتت هي اللاعب الأوحد في تحريك العملية التربوية وتوجيه بوصلتها بدون أن يكون للنقابة دور حقيقي يشفع لها في الميدان، فقوى الإصلاح لم يساعدها الوزير بالرغم من خطابها الهادئ وعلاقتها الودودة مع الوزارة ومع ذلك لم يرد الوزير لها الجميل ويقدّم تسهيلات وحوافز للمعلمين لكي يعتلي رصيدها في الميدان التربوي، بل حافظ على نفس الرّتم المعتاد والذي شعاره لا مكان لنقابة في ظل وجود الوزارة.
الصراع السائد في أروقة النقابة يعزى لاختلاف الأيدلوجيات الفكرية والرضوخ لقوى مؤثره خارج الجسم النقابي، وكل ذلك تأتى في ظل غياب القوى الوسطية المعتدلة أو ما يطلق عليهم النخب والذين ليس لهم توجهات سياسية معينة وهمّهم الأول والأخير خدمة المعلم والسعي جاهداﹰ لبناء قواعد متينة تنطلق منها النقابة، كالانفتاح على مؤسسات المجتمع والعديد من الشخصيات التي لها ثقل سياسي وتربوي يكون لها تأثير للحد من قرارات الوزير الفردية أو الوصول لصانع القرار الذي سبق أن أنصف المعلمين في الكثير من القضايا.
لا أعتقد أن النقابة سوف ينصلح شأنها قريباﹰ في ظل وجود فريقين يزعمان أنهما اللاعبان الوحيدان في أروقة نقابة المعلمين، وكلاهما يعطّل قرارات الآخر، والذي يدفع الثمن في النهاية المعلم في الميدان والذي سبق أن حصل على مكاسب بدون وجود مقار نقابية ولجان تربوية، بل حصل عليها عن طريق توحيد الصف وإخلاص القيادات آنذاك في العمل والمواجهة..