العقل منحه الله على عباده وهو جوهرة الاعضاء ويتميز به الانسان عن الحيوان وموضوع تمايز الناس ونبوغهم وفضلهم قال تعالى " وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون " النحل .
ومن المحزن استقالة العقل تلك النعمة المذهلة والذي يسعد بها الانسان ويعز حتى يصيروا كالتماثيل وقد قالوا ( انسان بلا عقل تمثال بلا روح ) فتراهم يقلدون ويمضون بلا مراجعة ولا احساس او تمعن او تدقيق اي امعات سلوكية تتعامل مع المجتمع بعفوية تامة وتحرم نفسها توهجات العقل الانساني وانتشاره التغيري والاصلاحي والابداعي والانمائي فهناك طرق واساليب لاستقالة العقل منها الغيبوبة العقلية والتي تجعل العقل في دهاليز الغياب التام وتشل حركته وابداعه وفاعليته قال تعالى " لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير " الملك ، فلقد ورث الكفار عن ابائهم تعظيم الاصنام ولم يفكروا في ضعفها وعجزها حتى رأوا اليقين " افسحر هذا ام انتم لا تبصرون ) الطور .
كذلك التسليم العلمي حيث يستقيل العقل امام ما هو علمي مسلم به والتوظيف لادوات العصر المتمدن لاستلاب العقول وجعلها خاوية فالعلماء ليسوا عشرات بل مئات الالوف والمذاهب الفقهية اربعة وليست واحدة فلا يسلم الا لنصوص قاطعة ودلائل ثابتة وأما اراء العلماء فليست حجة الا بالدليل الصحيح الصريح الواضح المثبت الامر الاخر لاستقالة العقل هو الانبهار الرمزي اما بدول متقدمة متطورة او باشخاص علت مكانتهم او بأمكنة بذخت حضاراتها فيصاب بالذهول والاستسلام وبالتالي يصنع لهم صنماً داخلياً وأبهة نفسية تتعصى على الزوال يكون من اثارها هزيمته الفكرية والنفسية كذلك التعلق بشيخ مؤثر بطرحة وفكرة وحججه واسلوبه فيقع بالغلط اذا كان ذلك الشيخ متعصب فكرياً ومنحرف فكرياً ويحل المعاب كذلك هناك استقالة العقل لطلابنا حيث التلقين التربوي المعتمد في مناهجنا التعليمية مع اغفال الجانب النقدي والحواري تجاه تربية النشىء بل تجد اننا نطلب منهم الرضى المصمت على المعلومات في الدروس دون نقاش او حوار وعليهم الحفظ فقط .
كذلك ضعف التفاعل الاجتماعي والاكتفاء بما يبث عبر وسائل الاعلام او التعويل على قول المسؤولين المتنفذين فتتم تربية نفس المواطن على الصمت والسكوت المهين ولو مع الاخطاء والتخبط جلي وهو يضعف ويتم بذلك تقديس الاستبداد من خلال رفض الحوار ونبذ الشورى والانتهاج الفرعوني فيسلم الناس لمثل ذلك الامر وعليهم التبجيل حتى تعمى البصائر وتضلل الاجيال وتكمم الافواه .
هناك احدى الدول وضعت شعار بعنوان ( لا تفكر نحن نفكر عنك ) حيث توفر لمواطنيها الرفاه الاجتماعي والدعم المالي وبالتالي يعتبر العقل بحكم الاستقالة او التقاعد وعندما طرحت برنامج التدريب لغايات التشغيل لم نجد الشباب المؤهل لذلك ، كذلك الحاصل في بعض الدول ان الحكومة تقرر فرض ضرائب وقوانين وتشريعات ورفع اسعار وتنفذ ذلك دون اي اعتبار لعقول مواطنيها على اعتبار ان ذلك الامر من الامور المسلم بها حكماً وان عقل المواطن بحكم الاستقالة لا داعي لأن يناقش او يحاور او يعترض على اي شيء وهنا دائماً مكامن الخطر في التهميش على اعتبار ان عقول الشعب بحكم التقاعد والاستقالة .