الحقائب هي المشهد البارز صباحا حيث اقف على شرفتي التي تقع في منتصف الشارع المؤدي لمدرسة الاناث والتي تختلط فيها الصفوف الابتدائية حتى الرابع الاساسي ، حيث ان منظر الطلاب يبعث السعادة بداخلي وانا انظر لهم من بعيد ألوان الحقائب والملابس تشبه اشكال الفراشات الملونة التي كنا نلصقها على حائط الغرفة ونحن صغار.
احلام هؤلاء تشبه احلامي عندما كنت صغيرة حتى ان احلام ابائهم تشبه احلام ابي تماما، وارجح ان جميع افراد هذا الوطن يتشاركون بالاحلام ومسار الطموحات وبعض من طرق التفكير لديهم متشابهة، ولربما يعود ذلك للفقر او ان السياسات الاجتماعية التي نسير عليها ضخمت ثقافة العيب لدينا حتى اصبحنا نعشق "العلم" بشكل مفرط .
وكأي جيل نشأ في وطن كالاردن يفتقد للمواد الخام الغزيرة التي تؤهله ليبدأ بالصناعة والتجارة الواسعة، وليخلق لديه حسا من المسؤولية اتجاه استغلال اي فرصة تتاح له ليصبح منتجا مبدعا او حتى ليحصل على النقود فسينحرف تفكيرنا لنستثمر ادمغتنا بكل ما أوتينا من فكرة وشح مورد ولنحاول امتصاص جل قدراتنا لنحصل على المال لكي نبدع ولنصبح مشهورين وغيره الكثير.
اذا اننا وكما ينتشر في مواقع التواصل الاجتماعي على ألسنة شبانا الالكترونية ليس لدينا سوى الملح والبشر شيئان رئيسيان يمكننا ان نعمل على تطويرهما وتوظيفهما ليحققا لنا الحياة الكريمة، وبما اننا وزعنا من الملح ما يكفي علينا ان نسعى لتوزيع البشر بما يكفي حاجتنا.
وزارة التربية والتعليم استيقظت واخيرا من سباتها العميق لتطل علينا بعينين منفوختين من اثر النوم وتبدأ بتشكيل خطة جديدة تسير عملية التعليم لترتقي كما ينبغي بما يحقق تعبئة المقاعد والشواغر في الجامعات متناسية كل ما خلفته من دمار شامل طال جميع المؤسسات التعليمية والمهنية.
واذا عدت في عجلة الزمن قليلا سأتمكن من تشريح البناء الاخير بشكل مبسط اكثر فان نسبة كبيرة ممن درسوا في السنوات العشر الماضية تقريبا كانوا من اصحاب المعدلات المتدنية جدا وتمكنوا من اجتياز الثانوية بسبب الغش او ماشابه؛ طبعا لا انكر قدرات البعض، عدا انهم تمكنوا من الدراسة بجامعات حكومية ضمن أطر قانونية للغاية، وتخرجوا بقبولات متدنية ايضا، وحصلوا على وظائف حكومية قانونية.
اذا لا يسعني سوى ان ابتسم للوزارة شاكرة حسن سعيها للتغير المبدئي.
ما دعاني لاكتب الان ليس انتقادي لقرار جعل الثانوية العامة على مرحلة واحدة، مايثار بداخلي سؤال واحد ، لماذا نقيّم الطلبة في مرحلة الثانوية بناءً على المعدل؟
كلي ايمان ان النجاح في التخصصات الجامعية نابع من حب الطالب للتخصص وامكانية ابداعه فيه، لذا على الجهات التربوية ان تغير عملية تشعيب الطلبة من نظام العلامات لنظام الرغبات، ويمكنني ان اوضح ذلك بشكل اكثر بساطة اذا يمكننا بداية اعتماد نظام دراسي متكامل مبني على تجسيد المواد العلمية والادبية والمهنية على شكل كتب مدروسة تدخل في منهاج الطلبة منذ الصف السابع وبناءً على تراكم معدله في هذه المساقات يجرى له امتحان في المباحث الملائمة له والتي تؤهله ليًشعب في مرحلة الثانوية العامة ويخضع لامتحان التوجيهي الموجه والذي يمكنه من اكمال مسيرة تعليمه الجامعية بشكل مبني على رغباته وابداعاته وهذا سيسهم في اثراء الفئات الاجتماعية واعطاء المرحلة وزن اضخم من وزنها.
وعلى التربية كجهة داعمة لبناء المجتمع بالدرجة الاولى عمل حلقات نقاشية لتوعية الطلبة لاهمية المساقات المهنية بشقيها العملي والاكاديمي ومدى فائدتها في رفع مستوى الاقتصاد والمعيشية .
ويؤسفني ان اقول نحن لسنا مثقفين بشكل واعٍ يؤهلنا لأجتياز العقبات والتحديات التي تفرضها بيئتنا، لذا علينا استثمار القدرات العقلية بشكل اولي وهذا الهدف لا يتحقق الا من خلال عملية تثقيف المنهاج الدراسي.