أخبار البلد -
أتمنى أن يملك أحد الكتاب أوالصحافيين أوالمثقفين الفلسطينيين من المقيمين على أرض الوطن، شجاعة الصحافي الإسرائيلي أري شبيط في إدانة أي عمل كفاحي يستهدف المدنيين الإسرائيليين اليهود، ويرفضه علناً وبقوة لأنه عمل يقع في قائمة الإرهاب وهو شكل من أشكال الثأر القبلي أو العشائري حتى ولو كانت دوافعه وطنية أو قومية أو دينية.
أري شبيط في مقالته المعنونة «أسبوع الإرهاب اليهودي» يوم 3/12/2015، قال حرفياً :
«بصفتي شخصاً يهودياً وصهيونياً لا يمكنني التحرر للحظة من العمل الذي قام به يوسف حاييم بن دافيد ليل 2 تموز 2014 مع اثنين من الفتيان، حيث خرج لصيد إنسان، ولقد اصطاد إنسانا وأحرقه وهو على قيد الحياة، ولأن الفتى محمد أبو خضير كان صغيراً ويبلغ 16 سنة من عمره، يزيد الأمر صعوبة، وتم إحراق محمد أبو خضير فقط لكونه فلسطينياً، وهي تزيد من مسؤوليتي عن الجريمة، فمعرفة ابن شعبي ودولتي نفذ جريمة وعملاً إرهابياً فاشياً ضد ضحية بريئة لا تترك مجالاً للراحة».
ويتابع أري شبيط في مقالته الشجاعة الأخلاقية قوله :
«وبصفتي يهودياً وإسرائيلياً وصهيونياً لا يمكنني التحرر للحظة من العمل الذي قام به قتلة في قرية دوما ليل 31 تموز 2015، حيث قاموا بإلقاء الزجاجات الحارقة إلى داخل منزل عائلة دوابشة، فأحرقت الرضيع علي ابن السنة والنصف، ووالده سعد، ووالدته رهام، ويزيد من فظاعة الجريمة أن أحمد دوابشة ابن الأربع سنوات أصيب بحروق شديدة في تلك الليلة وسيكبر حاملاً معه آثار الحريق في عالم لا يرحم بدون والديه، وتُضاعف المسؤولية تجاه الجريمة الفظيعة أن أبناء شعبي ودولتي نفذوا عملاً إرهابياً فاشياً ضد أبرياء تقلقني ولا تدعني أرتاح».
الفرق بين شجاعة وأخلاق أري شبيط وبين وقاحة وتطرف وعنصرية نتنياهو وأعضاء حكومته من وزراء المستوطنين والأحزاب اليمينية المتطرفة، أن هؤلاء يجدون الذرائع ويقدمون المبررات ويتفهمون الدوافع لفعل الإجرام الذي يرتكب بحق الشعب العربي الفلسطيني على كامل أرض فلسطين، بإشكال وأدوات وسياسات وقوانين عنصرية مختلفة، بينما الصحافي شبيط يرفض الإرهاب اليهودي ويشعر بالمسؤولية نحو ضحية هذا الإرهاب وهو الإنسان الفلسطيني.
النضال الفلسطيني ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي اليهودي الصهيوني، مشروع وعادل إضافة إلى أنه ضرورة ومطلوب، حتى يجعل من الاحتلال احتلالاً مكلفاً، ولكنه بنفس الضرورة، وبنفس قيمة العدالة التي يمثلها ويسعى لها ويعمل من أجلها، يجب أن يكون النضال الفلسطيني نظيفاً من شبهة الإرهاب، وأن لا يمس المدنيين الإسرائيليين اليهود، وأن يبقى مشرعاً باعتباره نضالاً إنسانياً عادلاً ضد المشروع الاحتلالي الاستعماري لأرض فلسطين مثلما هو نقيض «للإرهاب الإسلامي» الذي تمارسه «القاعدة» و»داعش»على السواء، سواء كان ضد مسلمين أو مسيحيين أو يهود.
هزيمة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، أخلاقياً أمام المجتمع الدولي الإنساني، لا يقل أهمية عن هزيمته في ميدان المواجهة على الأرض وجعله مكلفاً مستنزفاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فالعوامل التي صنعت إسرائيل تعود لعاملين اثنين هما: مبادرة الحركة الصهيونية أولاً، وثانياً دعم البلدان الأوروبية ومن ثم أميركا لها ولمشروعها الاستعماري، ولكن ثمة عاملا لا يقل أهمية عن هذين العاملين، وشكل غطاء لهما يتمثل بالتعاطف والإحساس بالمسؤولية نحو قضية اليهود بسبب ما تعرضوا له من ظلم واضطهاد وحرق على أيدي النازية والفاشية قبل وخلال الحرب العالمية الثانية، وقد وظفت الحركة الصهيونية مذابح اليهود من أجل كسب دعم العالم وتعاطفه.
ولذلك علينا ان ندرك كفلسطينيين وكعرب وكمسلمين وكمسيحيين وكبشر ننتمي للعالم الإنساني المتمدن والمتحضر وكأصحاب حق، علينا التحلي باليقظة وإدراك أهمية العامل الأخلاقي المصاحب لنضال الشعب العربي الفلسطيني وأن يكسب العالم وتعاطفه مع عدالة قضيته وشرعية نضاله، مثلما سيخسر المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، إسناد العالم ودعمه بسبب الجرائم التي يقترفها بحق الفلسطينيين بدءاً من طرد نصفهم من وطنهم، مروراً بكل عناوين البطش والإرهاب ضدهم، وها هو نتنياهو حاول ركوب موجة المعاناة الفرنسية من «الإرهاب» كي يربط معاناة الإسرائيليين بمعاناة الأوروبيين من»الإرهاب»كما يسعى لربط الكفاح الفلسطيني بـ «الإرهاب الإسلامي» وأنه امتداد له وجزء من تطرفه.
كما امتلك أري شبيط شجاعة إدانة «الإرهاب اليهودي» علينا أن نتحلى بشجاعة إدانة أي عمل أو فعل يتصف «بالإرهاب» سواء كان مصدره فلسطينياً أو عربياً أو إسلامياً أو مسيحياً، لأن ذلك يصب في مجرى تصويب النضال الفلسطيني، ويخدم قضيته ويعجل من انتصاره واستعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة: حقه في المساواة في مناطق 48، وحقه في الاستقلال لمناطق 67، وحق اللاجئين والنازحين في العودة إلى بيوتهم التي طردوا منها.