أخبار البلد -
يا صاحب الذكرى لك الجباه تنحني لك القلوب تهوي لك الالسن بالدعاء تلهج رحمك الله يا صاحب الذكرى ، اليوم تصادف الذكرى الاربع و الاربعون لاستشهاد فقيد الاردن و الامة العربية رئيس وزراء الحكومة الاردنية الشهيد البطل وصفي التل .
يا فقيدنا من للاردنيين من بعدك ، من يبكي لنا من بعدك من يعفو عنا من بعدك و العفو لله وحده ، عشقناك و احببناك دون ان نراك فانت حديث الاجيال جيل بعد جيل حديث عن الزعامة و الفداء و عن الرجولة و الشهامة و الوطنية التي لم يشهدها الاردن منذ رحيلك لم تكن رئيسا لفئة او لشلة او عصابة بل كنت رئيسا للشعب كله و الوطن باجمعه لم يعرف عنك النزعة الاقليمية و العصبية فكانت العقبة و معان و و الشوبك و الطفيلة و مادبا و السلط في قلبك كما هي اربد و عجلون و الرمثا و جرش و المفرق و الزرقاء و كانت عمان عندك ذلك القلب الذي يغذي كافة الجسد بالدم و يمده بالاكسجين لتدوم الحياة و لكن الرحيل ازف سريعا فالشجعان لا يموتون منعمون على الفراش ، فنلت الشهادة واقفا في الميدان مدافعا عن امتك و عروبتك لا مساوما عليها .
عشت ايها الشهيد رمزا للكرامة و العون لم تغيرك الوزارة فقد ولدت فلاحا و عشت فلاحا و كنت جنديا مقاتلا في سبيل ارضك العربية لم تغيرك الوزارة بل انك انفردت عمن سبقوك و عجز من بعدك ان ينهج نهجك في الرئاسة فقدمت نموذجا فريدا من نوعه لا نجده الا في دفات كتب التاريخ عمن كانوا ابان الحكم الاسلامي و في الدول المتحضرة و الديموقراطية فالرويات عنك كثيرة في التواضع و الحلم و همك خدمة الامة لا نهب الامة و اذلالها ، فلم تمتد يدك للمال العام و لم تقبل العمولات و الهدايا لتمرير صفقة عهر او سرقة خيرات هذا البلد ، علمتنا معنى الانتماء و الولاء و لكن للاسف عند البعض اصبح مقرونا بقدر المنح و العطايا و المناصب .
ايها الشهيد البطل ما بالي كاني واقف بيد يديك اخاطبك يا ايها المعلم و الاب اننا نئن من العوز و قلة اليد و من الظلم و استمراء و اغتصاب الحقوق فالعدل ميزانه اليوم غير موازين العدل و الاستقواء على الضعيف شعار المرحلة و منهجها و الحكومات اصبحت اقليمية و جغرافية و شللية و كاني ارى بمجالسهم المنح و العطايا للابن و الصهر و الجار و الوضيع الذي اذل كرامته طمعا بكرسي لا يدوم على طريقة اعطه يا غلام . و اراضي الوطن التي مات من اجلها الاباء و الاجداد و ارتوت بدماء الشهداء وزعت على الاصحاب و بنات الاصحاب و اصحاب الدولارات و الجوزات لمن هب و دب مقابل ادفع رغم انه هوية و انتماء ، ايها المعلم و الاب لقد هجرنا و بعنا الارض و لم نعد نزرع الحاكورة و كوارينا هدمت و رهنت للبنوك لتعليم الاولاد و لبناء بيتا يستر عوراتنا و لم نعد نقوى على هم البنوك و تكشير انيابها فلا يهمها ان كشفت عوراتنا ، ايها الاب و المعلم اننا اي الاردنيين نحن و انت اصحاب السيادة و الكرامة و الشهامة و اغاثة الملهوف و نصرة الاخ و الصديق و على مر الزمن لم نتخلف عن امتنا العربية و الاسلامية و لا نبغي من ذلك اجرا الا عند الله سبحانه و تعالى و لم نكن يوما طالبي حسنة او صدقة و لم نكن يوما متسولين على ابواب السلاطين و لكننا اصحاب حق مشروع في الدين و دساتير الارض و قوانينها .
سيدي الشهيد نستذكرك اليوم و لكنك حاضرا كل يوم ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر فانت حديث الاباء و عشق الابناء و الحديث و كان كرسي رئاسة الحكومة الاردنية منذ رحيلك ما زال شاغرا لم يجلس علية وصفي اخر ، فقد كنت فارسا في ميدان المعركة و فارسا و انت تحرث و تزرع ارضك و فارسا في كلامك مدافعا عن امتك و عروبتك و فلسطين كانت وجعك و همك فكيف و انت استشهدت باجتماع لبحث الدفاع العربي المشترك عن ارض العرب و فلسطين ، فقتلتك ايادي الخسة و الغدر ايا كانت مشربها و منبتها فهي لم تغتال شخصك فقط بل اغتالت مشروعا عروبيا تحرريا لم يتكرر على ارض العروبة .
ايها البطل ذهبت بيديك و رجليك الى ميادين الجهاد و القتال و قد اكرمك الله بالشهادة رغم انهم حذروك من الذهاب الى الاجتماع و ان هناك مخططا لاغتيالك الا انك و كعادة الفرسان الشجعان لم تخف و لمن ينتابك الجبن و الهلع بل بايمانك القوي و عزيمتك فكان جوابك لهم ان الانسان لا يعيش اكثر من عمره المقرر ، فلم تقبل المساومة على حقوق الامة العربية و اصرارك على حماية المواطن و امنه و هيبة الدولة ديدنك الذي عشت من اجله و نلت الشهادة عليه ، فكان ايمانك بان المواطن الذي يعيش في امان هو القادر على العطاء و الانتماء .
ان الحديث عن هذا العملاق الوطني و العروبي لا يفي حقه بمقال او محاضرة بل هو منهاج في الولاء و الانتماء لامته و وطنه و قيادته و منهاج في الايمان بالله و منهاج في الشجاعة و الاقدام و الحديث عنه لا يقل عن الحديث عن الفرسان و القادة و الزعماء الذين خلدتهم اعمالهم في التاريخ فهو و اقرانه الشرفاء سادة في الحياة و الممات . نم قريرا العين يا وصفي فانت تتربع على عرش القلوب و هذا الاردن على مر التاريخ لا يخلوا من الرجال و الفرسان ، فتضرعنا لله ان يكرمنا الشهادة في سبيل الوطن .
رحم الله الشهيد وصفي التل و حمى الله الاردن و القيادة الهاشمية العروبية المظفرة ، عاش الاردن و عاشت فلسطين حرة رغما عن انف الاحتلال و اعوان الاحتلال .
ايمن احمد الشوابكه