الاكتظاظ الذي يشهده قانون الاستثمار المقر حديثا في الأردن، لا يخفى على قارئ مختص، أو غير مختص.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يحتوي القانون الجديد على أربع مناطق استثمارية، كل واحدة منها بميزاتها وقواعدها الخاصة، وهي لمن يهمه الأمر المناطق الحرة والمناطق التنموية والمناطق الأقل نموًا و أية ميزات يرتئيها مجلس الوزراء، لاستثمار معين في أية منطقة كانت.
أما جداول الاعفاءات المطلوبة من الحكومة للسلع والخدمات فمتعددة ومتشعبة ومقيدة في بعض الأحيان بقطاعات معينة ومفتوحة على اطلاقها في أحيان أخرى.
الحالة السابقة – وان كنا نفضل التبسيط في التشريع – لم تأت من فراغ، انما هي حالة تعبر عن صعوبة حصر الاجراءات المحفزة للاستثمار في تشريع واحد أو حتى عشرة تشريعات.
ذلك أن الاستثمار يحتاج الى تبسيط التشريعات والتعليمات وأيضا الى الأمن والاستقرار التشريعي وتوفر التمويل بالإضافة الى التدريب الحثيث لموظفي الدولة حتى يتحدث الجهاز البيروقراطي الحكومي لغة واحدة واحدة عند الحديث عن الاستثمار، مع المستثمرين.
النظر الى تقرير "سهولة الأعمال" العالمي وتراجع تصنيف الأردن فيه خلال العام الماضي، يؤشر مثلا الى الصعوبات والتحديات التي يمكن أن يواجهها المستثمرون في الأردن بشكل عام، والمستثمرون الصغار ورياديو الأعمال ممن لم يشملهم قانون الاستثمار الجديد بشكل خاص.
وعلى سبيل المثال، يشير التقرير الى الرسوم المرتفعة في بعض نواحي الترخيص مقارنة بالدول الأخرى، ويشير أيضا الى المدة الطويلة التي تستغرقها اجراءات أمانة عمان الكبرى خصوصا في التراخيص واذن الأشغال والكشف على المواقع.
ربما لا تستطيع أية دولة مهما بلغ تقدمها شمل جميع اجراءات تسهيل الاستثمار ضمن قوانينها وأنظمتها وتعليماتها، ولكن يمكن لأية حكومة عبر توجيهاتها ومسؤوليها وضع الأنظمة واجراءات العمل التي تسهل الاجراءات على الراغبين في الاستثمارات ابتداء من البنوك وشركات الاتصالات الكبرى، مرورا بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وانتهاء برياديي الأعمال.
المطلوب على المستوى الأردني، تبسيط قانون تشجيع الاستثمار والتوقف عن التوسع عن المناطق الخاصة بشتى أشكالها، وتدريب الموظفين للتكلم بلغة واحدة، وتسهيل اجراءات الأعمال من ترخيص وبناء وتمويل وغير ذلك.
لا ننسى طبعا الورشة التي تحتاجها باقي القوانين لتعبيد الطريق أمام قانون واجراءات الاستثمار.