-اخبارالبلد
عندما كنا نسكن في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي قرب شارع الطلياني وسط عمان كما كانوا يسمونه، وهو الشارع الذي يقع في المستشفى الطلياني المعروف والقائم حتى الآن. كان يسكن قرب منزلنا جيران وكان لهؤلاء الجيران أولاد في مثل سني كنت ألعب معهم ونعرف بعضنا حتى رحلنا من هناك بسبب وظيفة والدي.
وبعد أن تخرجت من كلية الحقوق وعملت محامياً وعينت أميناً للعاصمة بالوكالة ونائباً لأمين عمان.. أصبحت أتلقى دعوات من السفارات والدوائر لحضور حفلات تقيمها بالمناسبات الخاصة بها..
وفي إحدى المناسبات دعيت لحضور حفلة استقبال في فندق الماريوت من إحدى السفارات وذهبت للحفلة مع صديق لي، وهو لواء متقاعد.. ووجدنا في الحفلة ابن عمه وكان فريقا وقائدا لجهاز أمني كبير، وهو أيضاً من أبناء جيراننا القريبين من شارع الطلياني وبيننا معرفة قديمة فسلمنا على بعضنا ووقفنا نتحدث.. وبعد مدة قلت لقائد الجهاز الكبير إن لي ابن عم في جهازك يرغب بالإحالة على التقاعد -وهو برتبة مقدم-؛ لأنه معروض عليه العمل كمساعد رئيس أركان لدولة خليجية براتب خمسة أضعاف راتبه الحالي مع امتيازات السكن والسيارة وغير ذلك.. وإذا به يقول لي في غرور غير مسبوق: أنا هنا في حفلة استقبال وليس لاستقبال الشكاوى..
وكادت تخرج من فمي كلمة بذيئة.. ولكنني تمهلت وقلت له: «الحق مش عليك.. الحق عليَّ أنا اللي بتنازل أحكي مع واحد مغرور زيك»، وغادرت المكان فوراً..
ولحق بي ابن عمه اللواء المتقاعد.. وقال لي: «أما قلت لك لا تحكي معه.. فهذا انسان مغرور ولا يعرف الصداقة أو الجيرة».
وقلت له صحيح إنك قلت لي ولكن لم أكن أظن أن يبلغ به الغرور هذا الحد من الوقاحة.
وبعد ذلك بسنتين كنت أتعشى مع صديقين في أحد المطاعم وإذا بالفريق يأتي للعشاء في نفس المطعم، وعندما رآنا نجلس بالقرب منه قام ومشى الينا وصافح صديقي ثم مد يده لمصافحتي فرفضت ذلك وتركت يده معلقة في الهواء.. وغضب.. وذهب.. بينما لامني صديقاي على هذا التصرف.