لم يعد سرا تشخيص ما جرى في الموصل ومحافظة نينوى عموما، كعمل يشبه الانقلاب العسكري وبتواطؤ الجميع، فمن يصدق انهيار خمسين الف عسكري عراقي أمام الفين من مقاتلي داعش..
ويذكر ما شهدته الموصل بما شهدته العراق في مطلع ثمانينيات القرن السابق، حين دعت الواشنطن بوست إلى كسر المحور الذي تشكل ضد كامب ديفيد، بعد اتفاق الرئيسين المرحومين، أحمد حسن البكر وحافظ الأسد وامتد أيضا بين لبنان (حركة المقاومة الفلسطينية واللبنانية) وافغانستان التي كانت قد شهدت انقلابا عسكريا مواليا لموسكو…
وحسب الصحيفة، فإن هذا المحور إذا ما استمر سيقوض استراتيجية واشنطن لهدم الاتحاد السوفييتي (انهدم بعد عقد من تلك النبوءة).
وقد وفرت الحرب العراقية، الإيرانية والصراع الداخلي في بغداد واستقالة البكر الأرضية الملائمة لدعوة الصحيفة الأمريكية فانفجرت العلاقات مع سورية وامتدت إلى لبنان نفسها فضلا عن انفجار الحدود العراقية – الايرانية، وتبع ذلك إطلاق موجات الجهاد الأمريكي في افغانستان.
وكان الأخطر في كل ذلك، العدوان الصهيوني على لبنان بهدف توسيع كامب ديفيد باتفاق آخر هو اتفاق 17 أيار.
اليوم، وفي ضوء اشارات مماثلة في صحف أمريكية ومنابر إعلامية معروفة، دعت إلى استنساخ التجربة السابقة، فإن ما شهدته الموصل وقبلها الأنبار أبعد ما يكون عن ثورة شعبية يحتاجها العراق فعلا ضد سطوة المليشيات الطائفية في بغداد.
إن ما جرى هو شكل من البافرستيت (المنطقة العازلة) بين إيران وتحالفاتها (سورية وحزب الله) بعد سقوط سيناريو (إمارة القلمون) وتقدم الجيش السوري في تلك المنطقة، حيث لم يكن بلا معنى، تركيز دمشق على هذه المنطقة أكثر من غيرها لما حملته من دلالات (الإمارة العازلة) بين سورية وحزب الله.
كما يزخر التاريخ بتجارب أخرى، على ما ورد في كتابات ماري ولسون وكير كبرايد، وأهمها محاولات الجماعات الوهابية في عشرينيات القرن السابق قطع الجغرافيا الأردنية – العراقية بحاجز أو إمارة وهابية، وذلك قبل تحسن العلاقات الأردنية – السعودية – العراقية وترسيم الحدود والتوافق على وادي الجوف وسكاكه.