يدفع عدد من النواب، وزملاء صحفيون، باتجاه مزيد من النقاشات والتعديلات على مشروع قانون نقابة الصحفيين، الذي شرع مجلس النواب أمس في بحثه وإقراره، وذلك تحت دعاوى وآراء بعضها مفهوم، وآخر غير مفهوم أو مبرر.
بعض من يتحفظون اليوم على مشروع القانون، أو يقدمون بعض المطالبات لتضمينها في التعديلات، لم يقرأوا المشروع، ولم يتابعوه كما يبدو، خاصة عندما تسمع أو تقرأ أن المطلوب التريث في إقراره، وفتح الباب لمزيد من النقاشات، باتجاه توسيع باب العضوية للنقابة، لتشمل مراسلي الصحف العربية والأجنبية، أو انضمام الصحفيين في الصحافة الإلكترونية، أو حتى قبول خريجي كليات الصحافة.
من باب التوضيح، واستنادا إلى مشاركتي المتواضعة، كعضو مجلس نقابة على مدى ثلاث دورات سابقة، في نقاشات وصياغات ومخاضات إعداد مشروع قانون النقابة، فإنني أود التأشير لملاحظات وإضاءات، علّها تفيد في النقاش.
أولا؛ إن كان من انتقاد أساسي في هذه القضية، فهو، برأيي، التأخر طويلا في تعديل القانون. فالقانون الساري يعود إلى العام 1998، وتعثر تعديله لأسباب عديدة، يتحمل مسؤوليتها أساسا، من يمكن تسميتهم بالحرس القديم في النقابة وخارجها، وعقول وآراء تخشى وترفض التغيير، وذلك رغم كل التطورات العميقة التي شهدها الإعلام والصحافة، عالميا ومحليا، بدخول الصحافة الإلكترونية والإذاعات والتلفزيونات الخاصة لقطاع الإعلام من أوسع الأبواب، من دون أن يواكب ذلك تطوير التشريع الخاص بالنقابة، ليستوعب هذه التغييرات ويغطيها قانونيا.
ورغم أن العمل على تعديل التشريع بدأ منذ 5 سنوات تقريبا، واستند وضع المشروع أساسا على توصيات مؤتمر وطني للإعلام عُقد في البحر الميت، فقد تعثر إقراره حتى اليوم، لأسباب لها علاقة، وللأسف، بالنقابة وبالبيروقراطية الحكومية، وصولا اليوم، وهو الأهم، إلى محطة البرلمان، حيث أُقر المشروع من اللجنة القانونية وبمشاركة لجنة التوجيه الوطني، وبعد نقاشات واسعة، وبات أمام استحقاق إقراره في المجلس.
فكيف لا نستعجل إقرار القانون، بعد تأخير طال أكثر من عقد على الأقل، تاركا فراغا قانونيا واضحا؛ إذ ما تزال حتى الآن عشرات الإذاعات والتلفزيونات الخاصة، وأكثر منها مواقع إخبارية إلكترونية، خارج مظلة النقابة، والقانون الذي ينظم مهنة الصحافة؟
للعلم، فإن مشروع القانون، الذي سيقره البرلمان، ونأمل أن يكون ذلك سريعا، وسّع باب العضوية بصورة مناسبة، بل وثمة من ينتقد في الهيئة العامة للنقابة ومن خارجها، ما يعتبرونه مرونة واسعة في تعريف الصحفي. فيما جهدت النقابة، وعبر عشرات اللقاءات والحوارات مع زملاء ممثلين عن الصحافة الإلكترونية، للوصول إلى صيغة قانونية ونقابية لانضواء هذا النوع من الصحافة تحت مظلة النقابة، وهو ما جرى، لتخرج اليوم دعوات من زملاء لإنشاء نقابة للصحافة الإلكترونية، أعتقد أن تحقيقها يضر بالعمل النقابي، ويفتح الباب واسعا لشرذمته وتفتيته.
كما أن تأسيس نقابة للصحافة الإلكترونية، يفتح الباب للمطالبة بتأسيس ألف نقابة أخرى؛ للكُتّاب وللمحررين، وللإذاعات والتلفزيونات، وربما للصحفيين المتخصصين في كذا وكذا، وغيرها من تقسيمات. كل ذلك بدل أن تنصب مطالب الجسم الصحفي، في الصحافة المطبوعة والمرئية والمسموعة والإلكترونية، على تطوير أداء نقابة الصحفيين والارتقاء بدورها وقانونها وأنظمتها، لتكون ممثلة بحق للصحفيين بمختلف قطاعاتهم.
لن يتسع المجال هنا لاستعراض التعديلات في مشروع القانون، لكن يمكن لفت انتباه البعض إلى أنه نص على قبول عضوية مراسلي الصحف العربية والأجنبية ووكالات الأنباء من الأردنيين، وأيضا الصحفيين الأردنيين المغتربين، وغيرها الكثير من التعديلات التي كانت يوما ما خطاً أحمر!
ورغم قناعتي ورأيي بأن هناك تعديلات أخرى مهمة، كان يمكن إدخالها على مشروع قانون النقابة، لكن ذلك لا يعني القبول اليوم بالمماطلة أكثر باستمرار الفراغ القانوني الحالي، وعدم تعديل القانون، في انتظار محطة لاحقة للتوافق على تعديلات أخرى تعزز الإيجابيات فيه.