أخبار البلد - جمانه غنيمات
أهمية القوانين تتفاوت، لكن من بينها مجموعة من التشريعات مصيرية وغاية في الأهمية لدورها في رسم المشهد الاقتصادي مستقبلا، وتحديد وجهة الاقتصاد الأردني المستقبلي.
أبرز هذه التشريعات يتمثل في قانوني الضريبة، الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لدورها في تغيير الانطباعات الداخلية والخارجية عن بيئة الأعمال، بجعلها جاذبة للمستثمرين، خصوصا العرب والأجانب منهم.
الحكومة مهتمة بالتشريعات، وماضية في إقرارها من مجلس النواب، ولديها خطة زمنية للانتهاء من وضع هذه التشريعات بصورتها النهائية، لتكون نافذة بأسرع وقت ممكن.
المشكلة تكمن في أن الحكومة لا تركز على ماهية المخرجات النهائية، بقدر الاهتمام بالعدد النهائي للقوانين التي ستُقرّ، بعيدا عن قياس دورها في تغيير الصورة، وإعطاء هوية للاقتصاد، ووضعه على المسار الصحيح.
لا أحد يقلل من حجم العمل الحكومي، ومدى الالتزام بتخليصنا من القوانين المؤقتة، التي لا تنسجم مع الدستور، وهذه الغاية نبيلة، لكن ما هو أنبل منها، الخروج بمنظومة من التشريعات المتقدمة، التي تساعد بتجاوز كثير من الثغرات، وتدفع الاقتصاد إلى الأمام.
الخروج عن العمل التقليدي يتطلب إشراك شخصيات متخصصة ومهتمة وصاحبة رؤية، كون الطريقة المتبعة حاليا في إجراء الحوارات لسنّ هذه القوانين ما تزال بدائية، وعفا عليها الزمن، ولا تقدم أو تؤخر.
وحتى نخرج بنتائج مرضية ومفيدة في ذات الوقت، يلزم العمل بمنطق مختلف لإدارة ملف التشريعات الاقتصادية، التي تنظم العمل الاقتصادي، وتدفعه إلى الأمام.
البدء يكون بالحوار مع شخصيات اقتصادية، ليس بالضرورة أن تقتصر على ممثلي المؤسسات الاقتصادية، مثل، غرف الصناعة والتجارة، بل يفترض أن تضم الى جانبهم خبراء اقتصاد حقيقيين، ليس لهم علاقة بالقطاعات، خصوصا أن اللجان التي تبحث القوانين تقتصر بالعادة على الفعاليات المعروفة، وهذا النهج لن يخرجنا من الدائرة القديمة، فيما إدخال خبراء مستقلين لديهم رؤية مستنيرة، قادر على توسيع أفق التفكير وفتح المدارك، بما ينسجم مع أبرز الممارسات العالمية في هذا الجانب.
ومن هنا البدء؛ إذ يفترض أن يكون إقرار هذه التشريعات ضمن حوار وطني شامل، لأن في شكلها النهائي، تحديدا للمصير الاقتصادي لعشر سنوات مقبلة.
الوضع بعد إقرار هذه التشريعات، له أكثر من وجه، فإما أن نبقى ندور في نفس الفلك، أو نخرج لفضاءات جديدة، تؤسس لمشهد جديد يسهم بتحقيق أهداف تأخّر تنفيذها عقودا، ويساعد على التخفيف من المشكلات الاقتصادية، وتحديدا الفقر والبطالة، التي أنهكت الأردنيين، وما تزال تقض مضاجعهم.
حتى اللحظة، العمل على هذه التشريعات وموادها يتم بطرق قديمة وتقليدية، والآمال بوضع اقتصادي أفضل لا يمكن أن يتحقق في ظل النتائج المتوقعة لآلية العمل الحالية، ما يجعل التكهنات مفتوحة ببقاء الوضع على ما هو عليه، وتفويت فرصة قائمة للبلد، تمكنها من استغلال الوضع السياسي في الإقليم بشكل مثالي، بحيث يكون الأردن مركزا حقيقيا للأنشطة الاقتصادية في الإقليم.
الهم الاقتصادي المحلي يلاحق الجميع، مسؤولين وخبراء ومواطنين عاديين، والخروج من المنطقة الرمادية المزعجة غير ممكن، إلا من خلال وضع باقة من التشريعات المتقدمة، التي تضمن بيئة أعمال صحية تراعي الحاكمية الرشيدة، وترسم الهدف وتحدد المسار، أما بقاء العمل بعشوائية وبأدوات بالية فلن يخرجنا من الدائرة الحالية.