للعرب ايام ، استمرت اعوام ، منها ايام انتصرت بها العرب على العجم و كان اولها يوم ذي قار الذيالحقت به قبائل عربية الهزيمة بجيش كسرى فارس ، و لن يكون اخرها بأذن الله , و منها ايام اقتتلت القبائل العربية بعضها البعض ، منها ايام البسوس و داحس و الغبراء , و كان العرب يسموون حروبهم اياما يختارونها امّا نسبة لمكان المعركة او نسبة لمسببها او اطراف الحرب .
و يبدو ان عرب القرن الحادي و العشرين لم ينقطعوا عن اسلافهم ، فنجدهم في كنانة العرب يطلقون مسميات جمعة الغضب ، و تليها جمعة الرحيل التي يريدها ابناء ميدان التحرير من شباب مصر الذي استفاق اخيرا من سباته العميق ليعبر عن رفضه للاوضاع السيئة التي يقودها الرئيس مبارك و بقايا نظامه المتهالك بان تكون فعلا جمعة رحيل لكافة مخلفات النظام القديم و بداية لعهد جديد يكون مبنيا على الحرية و الديمقراطية و العدالة و المساواة .
لكن نحن هنا في الاردن كانت هناك تحركات خلال الاسابيع الماضية في ما اطلق عليه جمعة الغضب و التي كان اهم مطالبها و مساعيها اسقاط حكومة سمير الرفاعي ، و كان لها ذلك من خلال ارادة ملكية سامية بتكليف معروف البخيت بتشكيل الحكومة بدلا من الرفاعي ، لكن ؟؟؟
هل سوف تقتصر تحركات الشارع الاردني فقط على ما تم ، هل يلبي اقالة حكومة و تكليف حكومة بتطلعات الشعب الاردني ، ام ان للأحداث المؤسفة على مستوى التكلفة في الضحايا التي يدفعها شباب مصر ، دورها في تهدئة الاوضاع و اعطاء الفرصة للبخيت لتلبية التطلعات و توفير الاحتياجات الشعبية ؟
من هو المحرك الاساسي للشارع الاردني ، هل هم الشباب كما في مصر و تونس ، ام ان المحرك هي الاحزاب و القوى السياسية الاخرى من نقابات و مطالبين بالنقابة ؟
اسئلة تطرح ذاتها بين اللحظة و الاخرى و لو بشكل غير واضح على الساحة ، يجب ان نملك الاجابة عليها ؟ خاصة اذا علمنا ان معظم التقارير و المؤشرات تدلل على ان تلك الامواج من الاحتجاجات سوف تصل الى المملكة ؟ ربما نكون الحلقة الرابعة او الخامسة و يعتمد ذلك على من يتبأطىء في علاج المسببات اكثر و خصوصا من بين دول ثلاث : الاردن من ضمنها و اليمن التي انطلقت عملية الاحماء فيها بين السلطة و المعارضة يوم امس , و سوريا التي بدأت عمليات جس النبض فيها .
اين يكمن الحل , و الحل الحقيقي الذي يعالج المشكلة من جذورها و ليس تلك الحلول التي تعتمد على ورقة العشرين دينارا , يقال في امثال العرب " اسأل مجربا , لا تستشر طبيبا " وهو من اكثر امثال العرب المستخدمة الان على السنة الناس , اول تلك الحلول هو الاعتراف بالخطأ فهو بداية طريق الاصلاح ، و هنا نؤكد على اهمية اعتراف المؤسسة الاردنية بأخطائها علانية مالم يقتضي الامر عكس ذلك , لان هذا يعود بالفائدة الجمة من خلال انه يكسبها ثقة الشعب ، و يلقي بجزء من واجباتها على الانسان الاردني ، ليساعد في ايجاد الحلول ، بدلا من عزله الذي اوجد انسانا اردنيا كثير الشكوى لا يطرح سوى المشاكل ،ايضا من الحلول الممكنة والتي تعتبر بسيطة لا تكلفة الدولة اي مبالغ ضخمة ، اقترح ان يكون يوم الجمعة القادمة "يوم الحساب " , حيث انه من المتوقع ان تكون التشكيلة الحكومية قد اقرت او اتضحت صورتها على الاقل .
من بعض تفاصيل" يوم الحساب " التي اقترحها , و اؤكد انها مقترح قابل للنقاش , تكون مقسمة كألاتي:
اولا : على المستوى الحكومي ، تكون الحكومة مطالبة بالاجراءات التالية :
1- في البداية يجب منع السفر على اي مسؤول اردني حالي او سابق .
2- ان تقوم الحكومة المكلفة بتقديم كشف حساب عما لها قبل بدء مهامهم .
3- ان تقدم الحكومة ، وهي على الاغلب ستكون من ذوي الدخل الجيد فما فوق ، بــــ بادرةطيبة من خلال التبرع برواتبهم مثلا و ان يقوموا بـاداء مهامهم باقل القليل من المصاريف و تحديدا على مستوى الكماليات ، بما لا يؤثر على ادائهم لمهامهم بصورة ممتازة .
4- ان يتعهد الوزراء بأن لا ينقطعوا عن الواقع الميداني كل حسب اختصاصه ، خاصة اذا علموا ان المواطن الذي هو بأمس الحاجة لخدماتهم ربما لا يملك ثمن المواصلات حتى يقدم الى عمان ، متمثلين في ذلك الملك عبدالله الثاني حفظه الله ، الذي ما انقطع عن ابناء شعبه ابدا، و لن يكون هنالك اي عذر مقبول منهم ، فلن يكونوا اكثر انشغالا من سيد البلاد الذي لا تقر له عين سهرا على راحة شعبه .
5- ان يتبرعوا بأي هدايا يتلقونها اثناء شغلهم المناصب الى خزينة الدولة ، وما اكثر الهدايا ، وان يطلبوا ممن يريدون تقدمة التهنئه لهم في الصحف بالتبرع بتلك المبالغ ، و ان يحددوا اوقات استقبال المهنئيين خارج اوقات الدوام الرسمي .
و الاجراءات كثيره و ليست من الصعوبة بشيء اذا ما توافرت الارادة الحقيقة , و الحس الوطني الحقيقي البعيد عن حب التظاهر و التمثيل .
ثانيا : على المستوى الشعبي , و هو الطرف الاخر من اي معادلة تهدف لتحسين الاوضاع و التقدم الى الامام :
1- يجب على المستوى الشعب الايمان بكلمات القائد التي تدعو الاردنيين الى المشاركة الايجابية في صنع الازدهار و التنمية و صنع القرار ، و على الشباب ان يتوجوا بعيدا عن الافكار الضيقة المحدود بأطار جغرافي او عائلي ، و ان يكون مرجعهم الاول حب الوطن ، وان يسهموا في الاصلاح من خلال اثبات امكانياتهم في العمل السياسي المبرمج على حب الوطن و الوفاء للقيادة .
2- ان يجعل الشباب من يوم الحساب يوما اردنيا خالصا ، تكون فيه المراجعه الشاملة لمسيرتهم ودورهم فيي بناء الوطن .
3- ان نعيد ترتب اولوياتنا ضمن مفهوم شامل و ان يكون الوطن على سلم الاولويات .
4- ان نجعل من ذلك اليوم يوم تصالح بين اطاف الوطن كافة ، سواء كان هناك خلافات ام لم يكن , و ان يكون هناك وثيقة شرف تنبذ العنف المجتمعي ، تلك الضاهرة الغريبة التى دخلت على مجتمعا ، و ستزول بعون الله .
و الاجراءات كثيرة لا املك حصرها هنا متأملا ان تجد من يكملها و من يدعم تواجد هكذا مقترحات ان كان بها خير للوطن و المواطن .
اتمنى من حكومة معروف البخيت ان تعتبر من الاحداث في مصر و ان تستوعب الدرس المصري جيدا ، لأنه مما ابكاني انه في البارحة و على القناة الرسمية المصرية ، كانوا يتحدثون عن الخلل و المشكلة ، ويطرحونها ، ربما ان الاوان قد فات بالنسبة لنظام مبارك ، وان من جملة المسببات و المشاكل ، ترك الحكومة لبعض القطاعات المهمة في الدخل المصري عرضة للاستيلاء رجال الاعمال بحجة الاستثمار ، و الخلط بين رجل الاعمال الذي تهمه مصالحه الشخصية و بذات الوقت يعطى حقيبة وزارية او منصبا حكوميا ، و غرها من الاسباب كثير ، اتمنى ان نعتبر من احداث تونس ومصر ، على كافة مستويات الوطن حكومة و شعبا ، احزابا و عشائر ، قبل ان نصبح نحن ايضا عبرة لغيرنا .
حمى الله الاردن و ملك الاردن و شعب الاردن .