ما الذي يريده "الغرب” في سوريا ومنها؟ ... سؤال يقفز للأذهان ونحن نتتبع "حيرة” الغرب في التعامل مع الأزمة السورية.
وحين نقول الغرب، فإننا نقصد تحديداً كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ... هذه الدول "المركزية” الثلاث، لا تريد تدخلاً عسكرياً في سوريا يعيد انتاج السيناريو الليبي ... واثنتان منهما (لندن وباريس) اللتان كانتا الأكثر حماسةً لتسليح المعارضة، تعود عن مواقفها وتؤكد على أرفع مستويات صنع السياسة والقرار فيها، أنها ليست في وارد تسليح المعارضة، أما الولايات المتحدة، فهي منذ البدء، انتهجت سياسة مترددة حيال هذه المسألة، وما تزال.
إذن، لا تدخل ولا تسليح، فهل هذا يعني تغليب خيار الحل السياسي / التفاوضي؟ ... كافة المؤشرات تقول إن "الغرب”، ليس متحمساً لـ "جنيف 2”، وهو من قبل أحبط العديد من المساعي لجمع مختلف أفرقاء الأزمة السورية حول مائدة واحدة، وهو يعارض اليوم، تمثيل قوى سورية (من خارج الائتلاف)، وإقليمية (إيران) في المؤتمر الذي بات واضحاً أنه لن يعقد في أيلول القادم، بل وربما لن يعقد هذه السنة على الإطلاق.
من حيث الشكل، تبدو سياسات "الغرب” ومواقفه حيال الأزمة السورية، وقد اتسمت بـ "الحيرة” و”التردد” ... لكأن دوائر صنع القرار في تلك العواصم الثلاث، وما يردفها ويساندها من مؤسسات بحث وتفكير استراتيجي، قد عجزت عن اشتقاق "خريطة للطرق” يتعين على هذه الدول الحليفة أن تسلكها للتعامل مع "الملف السوري” ... ولكن السؤال الذي يداهمنا هنا هو: ماذا إذا كانت "الحيرة” و”اللاموقف”، هي الموقف والسياسة والاستراتيجية، من دون زيادة أو نقصان؟
في معرض متابعتنا لتطورات الأزمة السورية، قلنا أكثر من مرة، أن بقاء الحال السوري على حاله، وإطالة أمد الأزمة ونزيف الدم والاحتراب الأهلي والتورط الإقليمي والدولي، ربما يوفر أفضل خدمة لمصالح هذا "الغرب”، ومن خلفه بالطبع، مصالح إسرائيل، التي تحظى بمكانة الأولوية بالنسبة للعواصم الثلاث.
القاتل والقتيل في "حرب الأخوة الأعداء”، يزيح عن كاهل هذه الأطراف عناصر مصنفة في خانة "الأعداء” ... إضعاف الجيش السوري وإفقاره، مصلحة غربية – إسرائيلية، فهو جيش "دولة مارقة”، وركن ركين في "محور الشر” ... تَورط حزب الله، وخسارته لمظلته وشعبيته وعناصره وانضباطه، هو مصلحة غربية – إسرائيلية بامتياز، فهذا الحزب يتصدر قائمة "قوى الشر والإرهاب”، وهو التهديد الأبرز منذ حرب تموز 2006 للأمن الإسرائيلي، وهو ذراع إيران ومحور هلالها الضارب.
الولايات المتحدة، وبقدر أقل، بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، تنفق مليارات الدولارات، وتقامر بإزهاق حيوات المئات من جنودها وضباطها، وقوداً في الحرب الكونية ضد "الإرهاب” ... الإرهابيون الذين يطاردونهم في أفغانستان والباكستان واليمن والعراق وأفريقيا، يتمركزون الآن في "قبلتهم الجديدة”، وهم يُقتّلون يومياً على أيدي الجيش السوري، من دون أن ينفق الغرب قرشاً واحداً أو يقامر بقطرة دم واحدة.
القاتل والقتيل في سوريا، يندرجان في خانة "المكاسب الصافية” التي يحققها الغرب جراء استمرار الأزمة السورية وتفاقمها، فلماذا الاستعجال في "الحسم” و”التدخل” أو في البحث عن "حل سياسي”؟ ... لماذا الاستثمار في "جنيف 2”، فيما العشرات من نشطاء وعناصر هذه القوى "المعادية جميعها”، يسقطون يومياً بـ”نيرانهم الصديقة”؟
أبعد من ذلك، فإن استمرار الأزمة السورية وفقاً لإيقاعاتها الحالية، من شأنه أن يشكل "حرب استنزاف” مفتوحة لإيران وضدها ... الداعم الإقليمي الرئيس لنظام الأسد، الخاضع بدوره لمنظومة عقوبات صارمة، مضطر لتقديم مليارات الدولارات سنوياً، لتوفير شبكة أمان لنظام الأسد وحزب الله ... والحرب في سوريا وعليها، ضربت اطواقاً من العزلة "الشعبية” بعد العزلة "الرسمية” على إيران وحلفائها، وساهمت في تفتيت صفوف ما كان يعرف يوماً بـ”معسكر المقاومة والممانعة”.
وروسيا، القطب الدولي الصاعد من سبات "البيريسترويكا” ونظام القطب الواحد، تجد نفسها يومياً، أمام "مأزق” التزاماتها حيال النظام السوري، وهي وإن كانت لا تنفق بنفس درجة "السخاء الإيراني” لاستمرار حليفها السوري، إلا أن الأزمة السورية، تضع موسكو في مواجهة مشكلات كبرى في علاقاتها مع "الغرب” في ملفات أخرى عديدة، من دون أن تمتلك اليقين بأن نهاية التزامها بدعم الأسد، ستكون مفعمة بالمكاسب، أو أن السحر لن ينقلب على الساحر.
الخلاصة، إن إدارة الأزمة السورية وليس حلها، هو العنصر المحرك لسياسات "الغرب” ومواقفه، أقله حتى إشعار آخر ... وطالما أن "الغرب” والمجتمع الدولي، قادر حتى الآن، على احتواء التداعيات الإقليمية للأزمة السورية، فليس مستبعداً أن يظل حال سوريا على حاله لعام قادم على أقل تقدير ... ولعل الشعار المشترك الذي تبنته عواصم "الغرب” الثلاث حيال سوريا: استعادة التوازن بين النظام والمعارضة، قبل "جنيف 2” ومن أجل الوصول إلى "جنيف 2”، هو الذي يشرح ويفضح مواقف كل من باريس ولندن وواشنطن.
وعلى الذين ما زالت لديهم بقية انتماء لوطنهم وشعبهم من السوريين، ان يدركوا هذه الحقيقة ... لقد كان يتعين عليهم أن يدركوها من قبل ... ولكن لا بأس، طالما ظل في الوقت متسع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلادهم ودولتهم ومجتمعهم ... أما استمرار اللهاث والجريان خلف استخبارات عواصم المنطقة، والجماعات المتطرفة والعواصم الغربية، فلن يترتب عليه، سوى المزيد من الدماء والدمار والخراب.
وحين نقول الغرب، فإننا نقصد تحديداً كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ... هذه الدول "المركزية” الثلاث، لا تريد تدخلاً عسكرياً في سوريا يعيد انتاج السيناريو الليبي ... واثنتان منهما (لندن وباريس) اللتان كانتا الأكثر حماسةً لتسليح المعارضة، تعود عن مواقفها وتؤكد على أرفع مستويات صنع السياسة والقرار فيها، أنها ليست في وارد تسليح المعارضة، أما الولايات المتحدة، فهي منذ البدء، انتهجت سياسة مترددة حيال هذه المسألة، وما تزال.
إذن، لا تدخل ولا تسليح، فهل هذا يعني تغليب خيار الحل السياسي / التفاوضي؟ ... كافة المؤشرات تقول إن "الغرب”، ليس متحمساً لـ "جنيف 2”، وهو من قبل أحبط العديد من المساعي لجمع مختلف أفرقاء الأزمة السورية حول مائدة واحدة، وهو يعارض اليوم، تمثيل قوى سورية (من خارج الائتلاف)، وإقليمية (إيران) في المؤتمر الذي بات واضحاً أنه لن يعقد في أيلول القادم، بل وربما لن يعقد هذه السنة على الإطلاق.
من حيث الشكل، تبدو سياسات "الغرب” ومواقفه حيال الأزمة السورية، وقد اتسمت بـ "الحيرة” و”التردد” ... لكأن دوائر صنع القرار في تلك العواصم الثلاث، وما يردفها ويساندها من مؤسسات بحث وتفكير استراتيجي، قد عجزت عن اشتقاق "خريطة للطرق” يتعين على هذه الدول الحليفة أن تسلكها للتعامل مع "الملف السوري” ... ولكن السؤال الذي يداهمنا هنا هو: ماذا إذا كانت "الحيرة” و”اللاموقف”، هي الموقف والسياسة والاستراتيجية، من دون زيادة أو نقصان؟
في معرض متابعتنا لتطورات الأزمة السورية، قلنا أكثر من مرة، أن بقاء الحال السوري على حاله، وإطالة أمد الأزمة ونزيف الدم والاحتراب الأهلي والتورط الإقليمي والدولي، ربما يوفر أفضل خدمة لمصالح هذا "الغرب”، ومن خلفه بالطبع، مصالح إسرائيل، التي تحظى بمكانة الأولوية بالنسبة للعواصم الثلاث.
القاتل والقتيل في "حرب الأخوة الأعداء”، يزيح عن كاهل هذه الأطراف عناصر مصنفة في خانة "الأعداء” ... إضعاف الجيش السوري وإفقاره، مصلحة غربية – إسرائيلية، فهو جيش "دولة مارقة”، وركن ركين في "محور الشر” ... تَورط حزب الله، وخسارته لمظلته وشعبيته وعناصره وانضباطه، هو مصلحة غربية – إسرائيلية بامتياز، فهذا الحزب يتصدر قائمة "قوى الشر والإرهاب”، وهو التهديد الأبرز منذ حرب تموز 2006 للأمن الإسرائيلي، وهو ذراع إيران ومحور هلالها الضارب.
الولايات المتحدة، وبقدر أقل، بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، تنفق مليارات الدولارات، وتقامر بإزهاق حيوات المئات من جنودها وضباطها، وقوداً في الحرب الكونية ضد "الإرهاب” ... الإرهابيون الذين يطاردونهم في أفغانستان والباكستان واليمن والعراق وأفريقيا، يتمركزون الآن في "قبلتهم الجديدة”، وهم يُقتّلون يومياً على أيدي الجيش السوري، من دون أن ينفق الغرب قرشاً واحداً أو يقامر بقطرة دم واحدة.
القاتل والقتيل في سوريا، يندرجان في خانة "المكاسب الصافية” التي يحققها الغرب جراء استمرار الأزمة السورية وتفاقمها، فلماذا الاستعجال في "الحسم” و”التدخل” أو في البحث عن "حل سياسي”؟ ... لماذا الاستثمار في "جنيف 2”، فيما العشرات من نشطاء وعناصر هذه القوى "المعادية جميعها”، يسقطون يومياً بـ”نيرانهم الصديقة”؟
أبعد من ذلك، فإن استمرار الأزمة السورية وفقاً لإيقاعاتها الحالية، من شأنه أن يشكل "حرب استنزاف” مفتوحة لإيران وضدها ... الداعم الإقليمي الرئيس لنظام الأسد، الخاضع بدوره لمنظومة عقوبات صارمة، مضطر لتقديم مليارات الدولارات سنوياً، لتوفير شبكة أمان لنظام الأسد وحزب الله ... والحرب في سوريا وعليها، ضربت اطواقاً من العزلة "الشعبية” بعد العزلة "الرسمية” على إيران وحلفائها، وساهمت في تفتيت صفوف ما كان يعرف يوماً بـ”معسكر المقاومة والممانعة”.
وروسيا، القطب الدولي الصاعد من سبات "البيريسترويكا” ونظام القطب الواحد، تجد نفسها يومياً، أمام "مأزق” التزاماتها حيال النظام السوري، وهي وإن كانت لا تنفق بنفس درجة "السخاء الإيراني” لاستمرار حليفها السوري، إلا أن الأزمة السورية، تضع موسكو في مواجهة مشكلات كبرى في علاقاتها مع "الغرب” في ملفات أخرى عديدة، من دون أن تمتلك اليقين بأن نهاية التزامها بدعم الأسد، ستكون مفعمة بالمكاسب، أو أن السحر لن ينقلب على الساحر.
الخلاصة، إن إدارة الأزمة السورية وليس حلها، هو العنصر المحرك لسياسات "الغرب” ومواقفه، أقله حتى إشعار آخر ... وطالما أن "الغرب” والمجتمع الدولي، قادر حتى الآن، على احتواء التداعيات الإقليمية للأزمة السورية، فليس مستبعداً أن يظل حال سوريا على حاله لعام قادم على أقل تقدير ... ولعل الشعار المشترك الذي تبنته عواصم "الغرب” الثلاث حيال سوريا: استعادة التوازن بين النظام والمعارضة، قبل "جنيف 2” ومن أجل الوصول إلى "جنيف 2”، هو الذي يشرح ويفضح مواقف كل من باريس ولندن وواشنطن.
وعلى الذين ما زالت لديهم بقية انتماء لوطنهم وشعبهم من السوريين، ان يدركوا هذه الحقيقة ... لقد كان يتعين عليهم أن يدركوها من قبل ... ولكن لا بأس، طالما ظل في الوقت متسع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بلادهم ودولتهم ومجتمعهم ... أما استمرار اللهاث والجريان خلف استخبارات عواصم المنطقة، والجماعات المتطرفة والعواصم الغربية، فلن يترتب عليه، سوى المزيد من الدماء والدمار والخراب.