ﺑﺼﺮاﺣﺔ ﺷﺪﻳﺪة، ﺗﺪﻋﻮ اﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ اﻷردﻧﯿﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﻗﻒ طﻮﻳﻼ أﻣﺎم ﻣﺼﺎﻟﺤﮫﻢ اﻟﻤﻌﯿﺸﯿﺔ، وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﮫﻢ
اﻻﻗﺘﺼﺎدي، وﺗﻌﯿﺪھﻢ إﻟﻰ ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺴﺆال اﻟﻤﺤﺮج: ﻣﻦ اﻟﺬي ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻠﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ إﻟﯿﮫﺎ؛ ﻣﺤﺎوﻻت
ﻻﺳﺘﺮﺿﺎء اﻟﻤﺎﻧﺤﯿﻦ اﻟﺪوﻟﯿﯿﻦ، وﺗﺸﻮھﺎت ﻣﺎﻟﯿﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺟﺎﺛﻤﺔ، وﻗﺮارات ﺗﻨﺬر ﺑﺘﻀﺨﻢ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻛﺒﺢ ﺟﻤﺎﺣﻪ؟
آﺧﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎت ﻣﺎ ذھﺐ إﻟﯿﻪ اﻟﻨﺎطﻖ اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﯿﻦ اﻟﻤﻮﻣﻨﻲ، ﺑﺄن "أي ﻗﺮارات
ﺗﺘﺨﺬ ﺑﺨﺼﻮص اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ھﻲ ﻗﺮارات وطﻨﯿﺔ أردﻧﯿﺔ، ﺗﮫﺪف إﻟﻰ ﺗﺤﺴﯿﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي". واﺳﺘﺪرك
ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﺮق ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ، ﺑﺄن ﻣﻦ ﺷﺄن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺮارات "زﻳﺎدة اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺒﺮﻧﺎﻣﺞ اﻹﺻﻼح اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ واﻟﻤﺎﻧﺤﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﯿﻦ اﻹﻗﻠﯿﻤﻲ واﻟﺪوﻟﻲ". واﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮي، ﻛﺒﯿﺮ وﻣﻌﻘﺪ؛ ﻓﺎﻟﻘﺮارات ﻻ
ﺗﺤﺴﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدي، وﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﺛﻘﺔ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻜﯿﻦ اﻟﻤﺤﻠﯿﯿﻦ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎدھﻢ اﻟﻤﺘﺄرﺟﺢ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺗﺠﺮﻳﺐ
وﺗﺠﺮﻳﺐ.
وﻻ أﻋﻠﻢ ﺣﻘﺎ إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ، أو ﺣﺘﻰ ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﮫﺎ، ﺗﻘﺮأ اﻟﻤﺨﺎطﺮ اﻟﺘﻲ ﺗُﻈﮫﺮھﺎ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي
اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ واﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ. ﻓﻔﻲ ھﺬه اﻻﺳﺘﻄﻼﻋﺎت، ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻻ ﺗﺨﻄﺌﮫﺎ اﻷرﻗﺎم، وﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻌﺪم ﺛﻘﺔ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﺑﺎﻟﺴﯿﺮ ﻓﻲ
اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺼﺤﯿﺢ؛ وأن اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺿﺌﯿﻠﺔ، وﻻ ﺗﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ إﺟﻤﺎع ﺣﻮل ﻣﺎ ﺗﺘﺨﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت ﻣﻦ
ﺗﻮﺟﮫﺎت آﻧﯿﺔ ﺿﻤﻦ ﻋﻤﺮھﺎ اﻟﻘﺼﯿﺮ. وأﺧﻄﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ، أن ﻋﯿﻨﺔ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﯿﻨﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ، رﺑﻄﺘﺎ ﻣﻨﺴﻮب
اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
–أي ﺣﻜﻮﻣﺔ– ﺑﺈﺷﻜﺎﻟﯿﺔ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻤﺸﺘﻘﺎت اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ وﻏﯿﺮ اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ، ﻣﻦ ﺿﻤﻦ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻄﺎﻗﺔ واﻟﺴﻠﻊ.
ﻓﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ، إذن، ﻟﯿﺴﺖ "ﺷﯿﻜﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺎض"، ﻳﻤﻨﺤﻪ اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ. ﻛﻤﺎ أن ﻣﻨﺎطﻖ ﺑﺆر اﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب
وﺷﺮق ووﺳﻂ اﻟﺒﻼد، أﻗﻞ ﺛﻘﺔ ﺑﻤﺴﺎر اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺸﮫﺪ أوﺿﺎﻋﺎ أﻓﻀﻞ
ﻧﺴﺒﯿﺎ، وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻤﻨﺎطﻖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ارﺗﻔﺎع اﻷﺳﻌﺎر ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت دﺧﻞ ﺛﺎﺑﺘﺔ، وﻗﺪرات ﺷﺮاء
ﻣﺤﺪودة.
ﻻ ﻳﻘﻒ اﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮ اﻟﻌﺎم، ﺑﻞ ﻳﺘﻌﺪاه إﻟﻰ أرﻗﺎم ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎب اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻷﺛﺮ رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻜﮫﺮﺑﺎء،
واﻟﺬي ﻻ ﻳﺒﺪو ذا ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮة اﻟﺘﺮاﻛﻤﯿﺔ ﻵﺛﺎر رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻤﺸﺘﻘﺎت اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ ﻓﻲ أﻋﻮام ﺳﺎﺑﻘﺔ. ﻓﺎﻟﻨﺎطﻖ
اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻳﻘﻮل إن ﺧﺒﺮاء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﻣﺨﺘﺼﯿﮫﺎ ﻳﺮون أن رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻜﮫﺮﺑﺎء "ﻟﻦ ﻳﻤﺲ ﻧﺤﻮ 91 % ﻣﻦ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ".
وﻟﯿﺲ ھﺬا ﻓﺤﺴﺐ، وإﻧﻤﺎ اﻟﺮﻓﻊ ﺑﺮأي اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ "ﻟﻦ ﻳﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﺴﻠﻊ اﻻﺳﺘﮫﻼﻛﯿﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ 1.25 %"، وأن
ﺗﺄﺛﯿﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ ﺳﯿﻜﻮن ﻣﺤﺪودا. وﻣﺮة أﺧﺮى، ﻻ أﺟﺪ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻌﻨﻲ إﻟﻰ ﺗﺼﺪﻳﻖ ذﻟﻚ؛ ﻓﻜﻞ اﻟﺨﺒﺮات اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ
ﺗﺆﻛﺪ أن أي رﻓﻊ، وﺑﺄي ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺎﻧﺖ، ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ وﻏﯿﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ أﺳﻌﺎر ﺳﻠﺔ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ
واﻟﺨﺪﻣﺎت. ﻓﺎﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ واﻟﺼﻨﺎﻋﯿﺔ واﻟﺨﺪﻣﯿﺔ ﻋﻤﻮﻣﺎ، ﻋﺮﻓﺖ ﺻﻌﻮدا ﺳﻌﺮﻳﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮا، وھﻲ ﻣﺘﺤﻔﺰة اﻟﯿﻮم
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﻟﺮﻓﻊ أﺳﻌﺎرھﺎ. واﻟﺘﺠﺎر ﻳﻘﻮﻟﻮن إن ﺳﻠﻌﮫﻢ اﻟﻤﺴﺘﻮردة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ اﻻرﺗﻔﺎع ﻓﻲ ﺑﻠﺪاﻧﮫﺎ،
ﻓﯿﻤﺎ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻘﻞ واﻟﺘﺨﺰﻳﻦ واﻟﺘﻮﺻﯿﻞ ﻟﻠﻤﺴﺘﮫﻠﻚ، ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺴﺒﺐ ﻛﻠﻔﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ. وھﻜﺬا، ﻳﺪﻓﻊ
اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻚ ﺿﺮﻳﺒﺔ ﻣﺒﯿﻌﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻊ ﻻ ﺗﻌﺮف أﺳﻌﺎرھﺎ اﻟﺜﺒﺎت.
ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺘﻌﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻻﻗﺘﺼﺎدي، ﻻ ﻳﻔﯿﺪ اﻟﻠﻌﺐ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎرات، أو ﻣﻮاﺻﻠﺔ ﻧﺸﺮ اﻟﺘﻄﻤﯿﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺼﻤﺪ
ﺑﻌﺪ دﻗﯿﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺮار رﻓﻊ أﺳﻌﺎر اﻟﻜﮫﺮﺑﺎء. ورﻏﻢ أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺳﻌﺖ وﻣﺎ ﺗﺰال، إﻟﻰ ﺗﺨﻔﯿﻒ اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺘﺮﺗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺮار
اﻟﺮﻓﻊ، وﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ؛ وھﺬا ﻳﺴﺠﻞ ﻟﮫﺎ، إﻻ أﻧﮫﺎ ﻣﺎ ﺗﺰال ﺗﻨﺎور ﺿﻤﻦ ﻣﺮﺑﻊ ﻋﺪم اﻟﺸﻔﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ
ﻣﻜﺎﺷﻔﺔ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻚ ﺑﻤﺎ ﺳﺘﺆول إﻟﯿﻪ أﺣﻮاﻟﻪ ﺑﺴﺒﺐ ذﻟﻚ اﻟﻘﺮار. وﻳﺒﺪو أن ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻚ أﻗﻞ ﺑﻜﺜﯿﺮ
ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ اﻟﻤﺴﺘﮫﻠﻚ ﻋﻨﮫﺎ، وﻋﻦ اﻟﺪور اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻟﺜﻘﺔ.