ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻣﻌﺮوﻓﺔ وﻻ ﺗﺤﺘﺎج "روﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ"؛ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﯿﺔ ﻏﯿﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﺒﯿﻖ ﺑﺪون
ﺑﺮﻟﻤﺎن ﺗﻌﺪدي ﺣﺰﺑﻲ. وذﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺑﻐﯿﺮ ﻗﺎﻧﻮن اﻧﺘﺨﺎب ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻣﺒﺪأ اﻟﺘﻤﺜﯿﻞ اﻟﻨﺴﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ،
واﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺗﺸﺎرك فيها ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ.
ﻗﺎل ﻛﺜﯿﺮون ذﻟﻚ ورددوه أﻟﻒ ﻣﺮة ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮﻳﺔ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، ﻟﻜﻦ ﻻ ﺣﯿﺎة ﻟﻤﻦ ﺗﻨﺎدي. أﺻﺮّ أﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮار
ﻋﻠﻰ رأﻳﮫﻢ ﺑﻘﺎﻧﻮن اﻟﺼﻮت اﻟﻮاﺣﺪ، ﻣﻊ ﻣﺴﺤﺔ إﺻﻼﺣﯿﺔ ﺷﻜﻠﯿﺔ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ؛ ﻟﻜﻦ أﺛﺮ ھﺬه ﺗﻼﺷﻰ
ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، وﻓﻘﺪﻧﺎ نوابها اﻟـ27 وﺳﻂ زﺣﺎم أﻏﻠﺒﯿﺔ ﺳﺎﺣﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﯿﻦ.
ھﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﯿﻮم ﻧﻌﺘﺮف ﺑﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟُﻤﺮّة؛ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﯿﺔ ﻣﺘﻌﺬرة، وﻻ ﺳﺒﯿﻞ ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﯿﮫﺎ ﺑﻐﯿﺮ أﺣﺰاب وﺑﺮﻟﻤﺎن
ﺗﻌﺪدي. اﻋﺘﺮاف ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻻ ﻳﻔﯿﺪﻧﺎ ﺑﺸﻲء؛ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن ﻗﺎﺋﻢ، وﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻔﻜﺎك ﻣﻨﻪ إﻻ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺒﻜﺮة ﻟﯿﺲ واردا
اﻟﻠﺠﻮء إﻟﯿﮫﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮ.
أﺳﺎﺑﯿﻊ طﻮﻳﻠﺔ ورﺟﺎل اﻟﺤﻜﻢ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﻣﺪاراة اﻟﻔﺸﻞ ﻋﺒﺮ ﻣﺸﺎورات ﺛﺒﺖ ﺑﺎﻟﻮﺟﻪ اﻟﻘﺎطﻊ اﻟﯿﻮم أﻧﮫﺎ ﻋﻘﯿﻤﺔ وﺑﻼ
ﻣﻌﻨﻰ؛ ﻓﻼ اﻟﻨﻮاب ﺷﺎرﻛﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﻻ ھﻢ اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺗﺮﺷﯿﺢ ﻣﻦ ﻳﻤﺜﻠﮫﻢ ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﻤﺠﻠﺲ، ﻓﻜﺎﻧﺖ
اﻟﻨﺘﯿﺠﺔ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﺼﻐﺮة ﺑﻼ ﻟﻮن وﻻ طﻌﻢ ﺳﯿﺎﺳﻲ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻜﺮ رﺋﯿﺲ اﻟﻮزراء د. ﻋﺒﺪﷲ اﻟﻨﺴﻮر، ﺑﺘﻮﺳﯿﻌﮫﺎ وإﻋﺎدة
ﺗﺄھﯿﻠﮫﺎ ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﯿﺎ، اﺻﻄﺪم ﺑﻌﻘﺒﺔ ﺗﻮزﻳﺮ اﻟﻨﻮاب، ﻓﺘﺮاﺟﻊ ﺧﻄﻮة إﻟﻰ اﻟﻮراء ﺑﺪون أن ﻳﻌﺮف اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ.
ﻋﻠﻰ اﻷرﺟﺢ، ﺳﯿﺠﺮي د. اﻟﻨﺴﻮر ﺗﻌﺪﻳﻼ وزارﻳﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﮫﺪﻧﺎھﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ؛ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﺨﺎص ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎرف
ﻳﻀﺎﻓﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﺛﻢ ﻧﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﺸﻜﻞ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﻄﺘﯿﻦ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﯿﺔ واﻟﺘﻨﻔﯿﺬﻳﺔ؛ ﻣﻨﺎﻛﻔﺎت
وﻣﺴﺎوﻣﺎت، ﺑﻼ إﻧﺠﺎز ﻳﺬﻛﺮ ﻋﻠﻰ ﺻﻌﯿﺪ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻹﺻﻼح اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ.
ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر، أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات أﺧﺮى ﺗﻀﯿﻊ ﻛﺎﻟﺘﻲ طﻮﻳﻨﺎ ﻣﺜﻠﮫﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ إﺻﺮار ﺑﻀﻌﺔ أﺷﺨﺎص
ﻣﺘﻨﻔﺬﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮر رﺟﻌﻲ ﻟﻘﺎﻧﻮن اﻻﻧﺘﺨﺎب، ورﻏﺒﺔ طﺒﻘﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮫﻢ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺤﻮاذ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻟﯿﺪ
اﻟﺴﻠﻄﺔ إﻟﻰ اﻷﺑﺪ.
ﺑﯿﺪ أن اﻟﻔﺮﺻﺔ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ ھﺬه اﻟﻤﺮة ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺜﻞ ﺳﺎﺑﻘﺎﺗﮫﺎ، ﻓﮫﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ ظﺮوف داﺧﻠﯿﺔ وإﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘﻌﻘﯿﺪ؛
اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻳﺘﺮﻧﺢ وﻳﻮاﺟﻪ اﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎت ﻣﻜﻠﻔﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺎ وﺳﯿﺎﺳﯿﺎ، وﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أي وﻗﺖ
ﻣﻀﻰ، وﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﺣﺮوب ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ أو ﻋﻠﻰ وﺷﻚ اﻻﺷﺘﻌﺎل، وإﻗﻠﯿﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻮﺿﻰ واﻻﻗﺘﺘﺎل اﻟﻄﺎﺋﻔﻲ،
ﻣﺎ ﻣﻦ دوﻟﺔ ﺑﻤﻨﺄى ﻋﻨﮫﻤﺎ.
وﺑﺴﺒﺐ ﻏﯿﺎب اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺴﯿّﺴﺔ ﻋﻦ المشهد اﻟﻨﯿﺎﺑﻲ، واﻧﻌﺪام اﻻﻧﺴﺠﺎم ﺑﯿﻦ أوﺳﺎط اﻟﺤﻜﻢ، ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﺎﻟﺔ
ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ﻣﻦ اﻻرﺗﺒﺎك وﺳﻮء اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ؛ ﺗﺘﺨﺒﻂ ﻓﻲ إدارة أزﻣﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺎن اﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ
ھﺬا، وﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ ردة ﻓﻌﻞ اﻟﻨﻮاب ﺣﯿﺎل ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ أو اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮫﺎ، ﻓﺘﻄﻠﺐ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ
اﻟﺴﻔﯿﺮ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﻟﺘﺨﺮج ﻣﻦ إﺣﺮاﺟﮫﺎ. وﻋﻠﻰ اﻟﺠﺒﮫﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ، ﻳﺒﺪو اﻟﻮﺿﻊ ﻣﻘﻠﻘﺎ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ؛ إذ ﻳﺸﻌﺮ أﻏﻠﺒﯿﺔ
اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﻄﻌﺔ، وﺑﺪون اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ واﺿﺤﺔ؛ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﺒﻠﯿﻎ ﻋﻦ أﻋﺪاد
اﻟﻘﺎدﻣﯿﻦ ﻳﻮﻣﯿﺎ، وﺑﻘﺮب ﺗﺠﺎوزھﻢ ﺣﺎﺟﺰ اﻟﻤﻠﯿﻮﻧﯿﻦ، ﻣﻦ ﻏﯿﺮ أن ﻧﺠﯿﺐ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال اﻟﻤﺆرق: ﻣﺎذا ﺳﻨﻔﻌﻞ ﺑﻜﻞ ھﺆﻻء
إذا ﻣﺎ طﺎل اﻟﺼﺮاع ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ؟
اﻵن، وﺑﻌﺪ أن ﻋﺪﺗﻢ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﺤﻤﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺠﻮاب اﻟﻤﻌﺮوف ﺳﻠﻔﺎ، ﻣﺎذا ﺑﻮﺳﻌﻜﻢ أن ﺗﻔﻌﻠﻮا ﻹﻧﻘﺎذ ﻓﺮﺻﺔ
اﻹﺻﻼح ﻗﺒﻞ أن ﺗﺪاھﻤﻨﺎ اﻷﺣﺪاث؟