إذا لم تكن مع الحكومة معناها أنت مع المعارضة..
وإذا لم تكن مع حسن نصر الله فمعناها أنت مع الحريري..
وإذا لم تكن مع إيران فأنت مع ( إسرائيل )..
وإذا لم تكن سلفي فأنت ليبرالي..
في الوطن العربي ثنائيات ومتلازمات تأسرنا وتعاملنا كقطيع لابد له من البحث عن راعي يقوده بالعصا أمام الاختيارات الثنائية التي وضعت بسبب الإفلاس السياسي من النخب الغير برغماتية التي تركت الساحة لمن أعلى صوتا منهم حيث يقوم الأبيض أو الأسود والأكثر عددا بفرض وجوده وإيجاد نقيضه المناسب لخدمة أجندته ولضمان اكتمال ديكوره الإعلامي وتثبيت صفته التي أعلن عنها للتسويق ليتركنا أسرى لمنطقة بين مرميين ويفصل بينهما خط أوسط .
ومن العجيب أيضا أننا نجد أن النقيضين يمارسان طقوس المحافظة على تفردهم بالتناقض بينهم ، ليتحول التناقض المعلن إلى تجارة يستغلها النقيضين لتحييد الآخرين وإسقاطهم أو فرض عملية انقياد حتمي لأحد النقيضين ، مما ينهي أي محاولة لتغيير قواعد اللعبة وبالتالي حسب وجهة نظر الضدين اختطاف مكتسبات الوضع للنقيضين حيث يكون ذلك من خلال فرض أجندات جاهزة حسب مصلحة الطرف الأقرب للتوجه الشعبي الخاص به او القريب عليه ظاهريا .
إن معظم القوى الرئيسية في الوطن العربي تعمد إلى استغلال عاطفة الجماهير لاجتذابها إلى النصف الوهمي الخاص بها أو لاكتسابها في صفوف المشجعين الحاملين لصور رموزها أو لتحييدها عن معادتها أو لترهيبها لضمان ابتعادها عن دعم الخصم ، وفي الغالب تكمن مصلحة الطرفين تكمن في استمرار التناقض وليس حله أو إنهاؤه .
إن تلك المعادلات التي وجدت بفعل الثنائيات والمتلازمات تؤدي بالتالي إلى قتل أي محاولة للتفكير العقلاني الصافي دون توجيه مسبق وكذلك تعمد إلى اختصار الكثير من المبادئ من خلال اللجوء إلى أجندات خاصة جاهزة ولها صفة النقيض القوي ظاهريا للمشروع المقترح معالجته أو للعدو الجاثم على صدورنا أو للتناقضات الرئيسية التي تستعد لإنهاكنا.. مما يعني سريانا غير نافر أو ظاهر لكثير من الطاقات الفكرية نحو (الأقرب) مع التخلي الطوعي البطيء عن كثيرا من الخطوط الحمر والمعتقدات الأساسية وصولا للتلاصق مع التيار المتزعم للحركة التغيرية أو الإصلاحية أو (المقاومية) ودون الانتباه بالتالي للأجندات الخاصة والسرية لتلك التيارات .
كما أن ضعفنا نحن كأصحاب مبادئ وأفكار وأجندات بالإضافة إلى قوة التيار (الأبيض أو الأسود ) المفروض علينا أو شهرته وصيته الناتج عن أجندة منفذة بإتقان تسارع في الجذب السريع لكثير من المتثقفين ومن محاولين الجلوس في هيئة المفكرين ليكونوا منظرين ومؤيدين لهذا التيار رغبة منهم في الطعن في المحاولات الأخرى والتي فشلت في جذبهم أو تقديم المغريات والتعظيم لهم .
علينا أن ندرك أننا هنا لا نعيش في دورة العاب كونية نتسابق فيها على اكتساب الكأس و الأرض و الجمهور و الملعب حيث أن الأمثلة كثيرة للفرز والاصطفافات التي تحاول أطراف عدة جعلها مطلبا ملحا لفرض قواعد اللعبة وطرد الحكم والبدء في تجريد الجمهور من عقله ، فليس هناك من يمنع أن أمقت العدو الصهيوني وإيران وبناتها أيضا.. (مثلا) .
جرير خلف