رحنا كما فرح كل ابناء الأقطار العربية بالثورة التونسية ... تلك الثورة الفريدة من نوعها عبر التاريخ كله ... ثورة جماهيرية دون حزب قائد ودون قائد ملهم مظفر يوحى اليه والناس نيام ... ثورة فجرها مواطن تونسيّ عاديّ يجرّ عربة لبيع الخضار ... كان شجاعا الى درجة أنه دفع حياته ثمنا لحرية شعبه ، فكان ان انتصر ميتا على سلطة قمعية مدججة بالسلاح ... هذا هو القائد الحقيقي للثورة التونسية ... هذا هو مفجر الثورة وفاديها ... هذا هو المثال والقدوة ، ليس للشعب التونسيّ فقط ، بل لكل الشعوب المضطهدة ولكل الطبقات المسحوقة والمهمّشة في العالم كله ...
نصر عظيم حققه الشعب التونسي الشقيق انتهى الفصل الأول منه بهروب الدكتاتور زين العابدين بن علي ولحق به أو رافقه من استطاع الى ذلك سبيلا من الحثالة الحاكمة التي استمرأت مصّ دماء فقراء الشعب التونسي عبر ما يقرب من ربع قرن ، لتكوّن الثروات الحرام ، حتى قيل أن أن حرم الرئيس ( غير المصون ) هربت ومعها 1500 كغم من الذهب الخالص ... هرب بن علي وزبانيته كالفئران المذعورة أمام جحافل الثوار التونسيين الأبطال ، ولكن ( دائما ) الخوف والتخوّف مما هو آت ... فأدوات القمع التي استعملها زين العابدين واعتمد عليها طوال فترة حكمه من أمثال ( فؤاد المبزع ومحمد الغنوشي ) ، ما زالت موجودة ، بل وما زالت هي المهيمنة على القرار السياسي في تونس ، مما يعني أن المجال ما زال واسعا أمام عودة الرئيس (اللص الهارب ) بن علي ...
إن إحراز النصر بشكله النهائيّ لا يكون إلا بالقضاء المبرم على كل من أوصل تونس والتونسيين الى ما وصلوا اليه .. انها الثورة الطبقية بامتياز ... إنها بخلاف ما عرفناه من الثورات والإنقلابات وحركات التصحيح ... الخ من المسميات ... إنها ثورة الجياع على المتخمين ... ثورة المقموعين والمضطهدين على قامعيهم ومضطهديهم ... ولن تكتمل مثل هذه الثورة إلا باستلام السلطة كاملة وتجريد ممثلي التحالف الطبقي الحاكم من كل أسلحته وإلقاء القبض على رموزه وتقديمهم للمحاكمة ... إنها الثورة ايها التونسيين الأحرار ... إنها الثورة التي إن لم تكمل طريقها وما ابتدأته من لحظتها الأولى ، فسيكون مصيرها الى الفشل والفشل الذريع ... ليس هناك في الثورات أنصاف انتصار وانصاف حلول وانصاف مواقف ... الثورة في مثل حالة تونس هي طيّ صفحة من التاريخ بكل رموزها وشخوصها وفتح صفحة جديدة يكون فيها القرار للشعب وللقوى التي أطاحت بالرئيس اللص وطغمته الفاسدة ... إن أيّ تراجع أو مهادنة أو قبول بالحلول الوسط مع بقايا رموز تلك الحقبة المظلمة من تاريخ تونس والتونسيين ، إنما يعني بداية الهزيمة النكراء للثورة ... إيّاكم والتراجع ... إيّاكم والقبول بأنصاف الحلول ...
حذار يا شعب تونس ... فالثورة والثوار تحت رحمة لصوص زين العابدين بن علي وزبانيته
أخبار البلد -