ﻳﺤﺘﻞ ﻋﯿﺪ اﻟﻌﻤﺎل رﻣﺰﻳﺔ ﺗﺘﺠﺎوز إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ووطﻨﯿﺔ المفهوم اﻟﻀﯿﻖ واﻟﺘﻘﻠﯿﺪي ﻟﻤﺼﻄﻠﺢ "ﻋﻤﺎل"، ﻟﺘﺸﻤﻞ أوﺳﻊ
اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻌﮫﺎ، إﻻ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺼﺎف أﺻﺤﺎب رؤوس اﻷﻣﻮال.
واﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻟﻌﻤﺎل ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻓﻲ ﺟﺰء ﻣﻨﮫﺎ ﺑﺎﻻﺣﺘﻔﺎل واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﺠﮫﺪ اﻟﺬي ﻳﺒﺬﻟﻪ اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻟﻮطﻦ
وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ، واﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﮫﻀﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺘﻨﻤﻮﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد. وﻟﮫﺬا اﻟﺴﺒﺐ، ﻳﺤﻖ ﻟﻨﺎ اﻻﻓﺘﺨﺎر
واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﻌﻤﺎل اﻷردن اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺎھﻤﻮا ﻓﻲ اﻟﻨﮫﻀﺔ اﻷردﻧﯿﺔ ﺧﻼل اﻟﻌﻘﻮد اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، وﻓﻲ ﻓﺘﺮة زﻣﻨﯿﺔ ﻗﺼﯿﺮة ﺟﺪاً،
ﻣﻜّﻨﺖ اﻷردن ﻣﻦ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﻣﺠﺘﻤﻊ رﻳﻔﻲ إﻟﻰ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺣﻀﺮي، ﺗﺴﻮد ﻓﯿﻪ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت واﻟﺨﺪﻣﺎت وﻏﯿﺮھﺎ.
ھﻨﺎك رﻣﺰﻳﺔ ﺗﺘﻀﻤﻨﮫﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﻌﯿﺪ اﻟﻌﻤﻞ، أﻻ وھﻲ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻮاﻗﻊ وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌﻤﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ؛ ﻋﺒﺮ
ﺗﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ معاناتهم ﻓﻲ محاولتهم ﺳّﺪ احتياجاتهم واﺣﺘﯿﺎﺟﺎت أﺳﺮھﻢ ﻓﻲ ظﻞ اﻟﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻟﺼﻌﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﺸﮫﺎ اﻟﺒﻼد، واﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم.
ﻓﻼ أﺣﺪ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ إﻧﻜﺎر أن ﻋﻤﺎل اﻷردن ھﻢ اﻟﻔﺌﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﺮاً وﺗﻀﺮراً ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺘﻘﺸﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ
اﺗﺨﺬﺗﮫﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ، وھﻲ اﻟﻔﺌﺔ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻀﺮراً ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ
اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ.
وﻗﺪ ﺷﻜّﻞ اﻟﺮﺑﯿﻊ اﻷردﻧﻲ ﻓﺮﺻًﺔ ﺗﺎرﻳﺨﯿﺔ ﻟﺘﺴﻠﯿﻂ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ واﻗﻊ وﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌﻤﺎل اﻷردﻧﯿﯿﻦ، وﻟﻢ ﻳﺸﮫﺪ اﻷردن ﻣﺎ
شهده ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻣﯿﻦ اﻟﻤﺎﺿﯿﯿﻦ ﻣﻦ إﺿﺮاﺑﺎت ﻋﻤﺎﻟﯿﺔ وﻣﻄﻠﺒﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ؛ اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ ﻣﻨﮫﺎ وﻏﯿﺮ
اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ. ﻓﻌﺪد اﻹﺿﺮاﺑﺎت واﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﻌﻤﺎﻟﯿﺔ ﻛﺎن ﺑﺎﻵﻻف ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة، وﻻ ﺷﻚّ ﻓﻲ أن اﻷﺟﻮاء
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻜّﻨﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﮫﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻣﺎﻟﯿﺔ وﺣﻘﻮﻗﯿﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘﯿﻘﮫﺎ
ﻓﻲ ظﺮوف أﺧﺮى.
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﻛﻞ اﻟﻌﻤﺎل اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ، أو أن ﺣﻘﻮق اﻟﻌﻤﺎل ﺑﺄﻟﻒ ﺧﯿﺮ؛ ﺑﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻜﺲ. إذ ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺘﻲ ھﻲ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اھﺘﻤﺎم وﺗﻄﻮﻳﺮ، وﺑﺨﺎﺻﺔ
اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص، وﻓﻲ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة، واﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮل إن أﻏﻠﺒﮫﺎ ﻏﯿﺮ
ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻓﻲ ﻧﻘﺎﺑﺎت ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻗﮫﺎ، وﻋﺎدة ﻣﺎ ﺗُﺘﺮك وﺣﺪھﺎ ﻟﻤﻮاﺟﮫﺔ أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ.
ﻓﻲ ﻋﯿﺪ اﻟﻌﻤﺎل، ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻢ اﻟﺘﺬﻛﯿﺮ واﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺄن اﻷردن ﺑﻠﺪ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺄﻧﻪُﻣﺮﺳﻞ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ
ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﮫﺎ. وھﺬا ﻳﻌﻨﻲ أن ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﺧﺎرج اﻷردن، وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ھﻨﺎك ﻣﺌﺎت اﻵﻻف
ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻮاﻓﺪﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻓﻲ اﻷردن ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻣﮫﻤﺔ، ﻣﺜﻞ اﻟﺰراﻋﺔ، واﻟﺨﺪﻣﺎت،
واﻹﻧﺸﺎءات، وأﻳﻀﺎً ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎزل ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺘﻨﻮن ﺑﻨﺎ وﺑﺄﺳﺮﻧﺎ وأطﻔﺎﻟﻨﺎ.
وﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻋﻤﺎل اﻷردن ﻛّﻞ اﻟﺘﺤﯿﺔ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ واﻻﺣﺘﺮام ﻓﻲ ﻋﯿﺪھﻢ أﻳﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮا، ﻓﻼ ﺑﺪ أﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺘﺤﯿﺔ
واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﻏﯿﺮ اﻷردﻧﯿﯿﻦ ﻟﺠﮫﺪھﻢ أﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺑﻨﺎء اﻷردن، وﺳّﺪ اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﻪ واﺣﺘﯿﺎﺟﺎت أﺑﻨﺎﺋﻪ.
ﻟﻘﺪ ﻏﺪت اﻟﺤﺎﺟﺔُﻣﻠّﺤﺔ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺳﯿﺎﺳﺎت ﻟﺴﻮق اﻟﻌﻤﻞ اﻷردﻧﯿﺔ، ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺗﻮﻓﯿﺮ ظﺮوف اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻼﺋﻘﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎل
اﻷردﻧﯿﯿﻦ، وحمايتم ﻣﻦ ﺗﻘﻠﺒﺎت ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ، ﻛﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻓﻖ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺪروس ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻮاﻓﺪة.