اخبار البلد _ماهر ابوطير
التقرير الذي نشرته «الدستور» البارحة حول وضع المؤسسات الصحفية،والتحديات التي تواجه الصحف،مالياً،تقرير مهم،وهو لسان حال كل الصحف الاردنية،لان الصحف تعاني اليوم من اوضاع قاسية،فيما يتم تركها وكأنها مجرد دكاكين،تواجه مصيرها.
الضغط المالي الهائل على الصحف،وموازناتها،جراء الرواتب والنفقات التشغيلية،والطباعة وسعر الورق،واسعارالوقود،والمنافسة بلا معايير،كلها تضغط اليوم على الصحف،وحكوماتنا تتفرج على مشهد انهيار الاعلام التدريجي،دون ان تتدخل لوقف هذا الوضع.
الامر ذاته ينطبق على صحف عربية ودولية،انهارت تحت وطأة الالتزامات المالية،فتم اغلاقها،او انقلبت الى صحف الكترونية،وبعضها قرر الصدور ثلاثة مرات اسبوعياً بدلا من صدورها يومياً.
الحكومة رفعت اسعار الكهرباء والوقود،وهذا قرار له ارتداد خطير على مستقبل الصحافة في البلد،والصحيفة التي ُتكلف نسختها اكثر من دينار تباع بربع دينار،ولاتحصل الصحيفة من هذا «الربع» الا على ثلثه في احسن الحالات.
هذا فوق تراجع الاعلان،والاشتراك،وماتركه النت من تأثيرات حادة على الصحافة الورقية،لان النت بات يسمح للقارئ بمطالعة عشرات الصحف والمواقع والمجلات بكلفة قليلة مقارنة بكلفة شراء الصحيفة او الاشتراك فيها.
على هذا لايمكن ترك المشهد دون تدخل من الجسم الصحفي،لان الحكومة مطالبة بإعفاء الورق كلياً من الضرائب،ومطالبة باستثناء الصحف من رفع الكهرباء،ومطالبة بوضع خطة لانعاش الاعلام الورقي،بدلا من التعامل معه بهذه السلبية.
اذا بقي الوضع كما هو عليه،فقد نشهد خلال عشر سنين في الاردن اختفاء اسماء لصحف،وقد نصل فيها الى مرحلة يكون فيها الاعلام الالكتروني البديل الوحيد المتاح،هذا اذا لم تلحقه العواصف ايضاً،بوسائل مختلفة اقلها ضريبة المبيعات على الاعلان.
الاعلان الحكومي بات مصيبة لان سعره مقارنة بكلفته،يقول ان العاملين في الصحف يتبرعون بجزء من رواتبهم لتغطية هذا الاعلان،وهذا نمط ُيذكرنا بالصحف الحزبية،وبالصحفيين الذين عليهم واجب التخفيف عن الحكومة بشأن التزاماتها المالية.
لاتريد الصحف مغلفاً مالياً من تحت الطاولة لدعمها،كل ماتريده ازالة العوائق امام صناعة الصحافة عبر اعفاء ورق الصحف من الضرائب،وعبر اعادة النظر في سعر الاعلان الحكومي،وعبر النظر في سياسة الاشتراكات مجدداً،مع استثناء الصحف من رفع سعر الكهرباء.
علينا ان نتذكر ان كل هذا الغلاء الذي يجتاحنا يفرض على الصحف ارتدادات،مثل اي قطاع في البلد،وهي ارتدادات بحاجة الى خلية عمل لدراستها على مستوى الشراكة بين الصحف والقطاعين العام والخاص.
غيرذلك، الصحافة في البلد في طريقها الى الانهيار الاسوأ في تاريخ الاعلام الاردني،والذي يصمد اليوم،لن يصمد مستقبلا.