منذ أيام ارتفعت درجات الحرارة، حيث تجتاح البلادَ موجةُ حرٍّ شديدة، وسطعت شمسُ آب اللَّهاب، التي قيل عنها في الأمثال الشعبية الفلسطينية الكثير، وهي متقدة بحرارتها العالية كما في كل عام، حيث بلغت الحرارةُ العظمى حدَّها الأعلى هذه الأيام، وحبس الهواءُ أنفاسه، وما يؤرِّق الناسَ جميعًا ليس حالَهم، بل حالُ أهل غزة، الذين يفترشون العراءَ داخل خيامٍ تخنق الأنفاس، وتذيب الأجساد، تحت سماء القصف والموت، وشمسٍ لا ترأف بالغزِّيين ولا تخفف من حرارتها الشديدة. ما يؤرِّق الناسَ هو كيف يعيش الأهلُ في أصعب حالٍ وأقسى ظرف، في ظل شحِّ المياه والطعام، وانعدامِ ظروف العيش الآدمي، وفقدان كل إمكانيات الحياة، فلا شمسُ آب ترحم، ولا الحربُ ترحل.
لقد فشل العالم حتى اليوم وسقط في اختبار الإنسانية، وما كان لهذه الإبادة أن تستمر لولا هذا التقاعس الدولي الرسمي، الذي لم يتخذ المواقف الجادة التي من شأنها إجبار الاحتلال على وقف المقتلة.
مع كل يوم يمر تحت الإبادة الجماعية، تزداد معاناةُ الناس التي تعدَّت كل الحدود، وضاقت بهم سُبُلُ النجاة، وفقدوا كل شيء من حولهم، البيت، والعائلة، والطريق، والأقارب، والموتُ يتربص بهم في كل زاوية، وكل شارع، وكل خيمة، وكل مستشفى، ولا شيء يوقف هذه المقتلة، بل إن وتيرةَ التهديدات ترتفع بمزيد من المذابح والمجازر، ومزيد من الخراب والدمار، ومزيد من الحصار والتجويع. وإذا ما أقدم نتنياهو على تنفيذ قرار احتلال غزة بالكامل، فإن المعاناة ستتفاقم، وتتسع عذاباتُ الناس، وتتمدد دوائرُ القتل والموت والخراب.
خطةُ نتنياهو باحتلال غزة المباشر، تعني سيطرةً ميدانيةً مستمرة بمزيد من الجرائم الفادحة التي سيُقدِم على ارتكابها جنودُ جيشه، وهذا ما يؤيده وزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، بل وإن بعضهم أمثال سموتيرتش يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا ما تم التراجع عن خطة احتلال غزة، ووقف الحرب، فهذه الأصوات المجرمة لم تشبع من دم الأبرياء، ولم تكتفِ بما اقترفت خلال أشهر الإبادة الطويلة، بل يصرّون على ارتكاب المزيد من الجرائم.
خطةُ احتلال غزة التي وافقت عليها حكومة نتنياهو امعان في حرب الإبادة، وهي تسعى من خلالها لتهجير وترحيل أهل غزة، بعد أن ثبتوا وصدموا طيلة أشهر الإبادة، ولم تنجح حتى الآن خطط حكومة الاحتلال بتهجيرهم، لهذا فإنهم يسعون إلى ذلك من خلال الاحتلال المباشر لكامل أراضي القطاع.
غزة اليوم تحت شمسٍ حارقة وتحت قنابل حارقة، في زمان حارق ووقت من نار. فمن يوقف هذه الإبادة المستمرة؟






