أوروبا تحتفل.. ونحن ننتحب

أوروبا تحتفل.. ونحن ننتحب
أمين الحاج
أخبار البلد -  
في كل عام، تحتفل أوروبا في هذه الأيام بالنصر على النازية، بدأت هذه الذكرى الرمزية بخطاب وزير الخارجية الفرنسي "روبرت شومان" في التاسع من أيار 1950، أي بعد خمس سنوات على نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد مثل هذا الخطاب الانطلاقة الفعلية لما يعرف اليوم بـ "الاتحاد الأوروبي"، كأداة لتحقيق السلام بين دول القارة، ومنذ العام 1985 صار هذا اليوم هو "يوم أوروبا"، ليحتفل به سنويًا بوصفه لحظة ميلاد جديدة لـ"القيم الأوروبية"، السلام، الديمقراطية، وحقوق الإنسان، فتقام الاحتفالات، وتلقى الخطابات، وترفع الشعارات التي تمجد التحرر من الطغيان، وتفاخر أوروبا بانتصارها الأخلاقي على النازية والفاشية. 

لكن، في زوايا أخرى من العالم، وعلى الضفة المقابلة من المتوسط، وتحديدا في فلسطين، تأخذ هذه الذكرى طابعاً مختلفاً تماماً، فبينما تُروى الحكايات وتُنتج الأفلام للإشادة بدور أوروبا في هزيمة المحور ذاك، كانت هذه القارة لا تغض الطرف فقط، بل وتشارك فعلياً في زرع كيان استيطاني على أرض شعب آخر، تحت ذريعة "التكفير الأخلاقي" عن جرائم ارتكبها الأوروبيون أنفسهم بحق يهود أوروبا. 

لقد دُفع ثمن صحوة هذا "الضمير الغربي" من مأساة الشعب الفلسطيني، ففي الوقت الذي كانت أوروبا تنهض من تحت أنقاض الحرب، بدأ دمار آخر في فلسطين، تم تهجير مئات الآلاف من سكانها، وارتكاب المجازر بحق المدنيين، وأحرقت القرى الفلسطينية، وسويت أخرى كاملة بالأرض، في تلك اللحظة، فرض مشروع استيطاني إحلالي قسري، تحت غطاء الدعم الدولي، كمحاولة لمحو آثار جريمة بارتكاب أخرى. 

يحق لأوروبا أن تحتفل بانتهاء الحرب، لكن لا يحق لها أن تمحو ذاكرة من دفعوا ثمن ذلك النصر، ولا أن تتزين برداء الفضيلة الزائف، بينما تواصل دعم احتلال دمر أحلام أجيال فلسطينية، وقام على نفي الآخر وسحق روايته. 

يحق لأوروبا أن تحتفل، ولكن لا يحق لها أن تتعامى عن ولادة نظام فصل عنصري جديد في فلسطين، نشأ بإرادتها، وبُورك برعايتها، واستمر بدعمها السياسي والعسكري والمالي. 

فالاحتلال الإسرائيلي، المدجج بالأسلحة الغربية، ما زال يعيد إنتاج مشروعه القائم على التطهير العرقي ومحو الهوية واللغة والتاريخ، وبينما يحيي الفلسطينيون في هذه الأيام ذكرى النكبة، يجدون أنفسهم في مواجهة استعمار يتجدد، ويتجسد في أصوات تطالب بالمزيد من التوسع، والمزيد من التهجير، في ظل صمت دولي مُريب ومُدان.

قد تكون أوروبا قد تحررت من فاشية القرن العشرين، لكنها لم تتحرر من إرثها الاستعماري، لقد نقلت المعركة إلى خارج حدودها، حيث تحول اليهودي "المضطهد" في الشوارع الأوروبية إلى طيّار، يعربد في السماوات العربية، يقود وحشاً غربي الصناعة والتكنولوجيا والتذخير، وينفث ناره لتدمر المدارس والمستشفيات وخيام اللاجئين، ويتم تمويل كل ذلك من أموال دافعي الضرائب الأوروبيين أنفسهم، وهكذا أعيد تدوير دور "الضحية"، وتم استخدامه لشرعنة سياسات القمع، بينما يُسكت صوت الضحية الجديدة - الفلسطينية - باسم "الندم الأوروبي". 

ما جرى في فلسطين لم يكن مجرد احتلال عسكري، بل كان امتداداً لمنظومة استعمارية سابقة، تقوم على إحلال شعب مكان شعب، وإعادة صياغة التاريخ لخدمة مشروع سياسي مشبع بالأسطورة ومسلح بالمظلومية، وقد سخرت لهذا الغرض ماكينة الإعلام الغربية على مدى عقود، لينفذ ذلك تحت ستار ما يسمى بـ "القيم الأوروبية" و"الالتزام الأخلاقي"، في مشهد لا يخلو من مفارقة تاريخية مؤلمة، ولا نفاق سياسي مفضوح.

ففي الوقت الذي كانت تضاء فيه شوارع العواصم الأوروبية احتفاء بالحرية، كانت غزة تغرق في الظلام والجوع، ونابلس وطوباس تُقتلان، وجنين تُهدم وتُغتال، وطولكرم تُحاصر، وكانت رام الله - قلب الدولة التي لا تأتي - تُستباح، والقدس العاصمة تُهود.

وبينما كان القادة الأوروبيون يتعاهدون – علناً – على عدم تكرار "أخطاء الماضي"، كانوا – في الواقع - يواصلون دعم منظومة تمارس العقاب الجماعي، والقتل، والحصار، والتجويع، والتهجير، والتطهير العرقي، وكان الآلاف يحتجزون في معسكرات اعتقال، في ظروف لا يمكن لكل الكلام أن يصف بعضاً منها، ودون مساءلة أو حتى الخوف من احتمالها.

 

نعم، لقد انتصرت أوروبا على شرورها، لكنها لم تنتصر على عنصريتها، ولا على نفاقها وانتقائيتها الأخلاقية، ولم تتطهر من إرثها الاستعماري، وحتى تفعل، سنظل نحن ندفع ثمن احتفالاتها... كل يوم، دماً ودموعاً.
شريط الأخبار انتهاء الشوط الاول بهدف علي علوان في مرمى عُمان الملك يبدأ زيارة عمل إلى لندن زراعة البادية: الأسنان الأمامية أوضح مؤشر لتحديد عمر الأضحية "البوتاس العربية" تهنىء جلالة الملك وولي العهد والشعب الأردني والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى الإعلان عن تشكيلة "النشامى" لملاقاة عُمان 85 % نسبة الإشغال في فنادق العقبة وتوقع ارتفاعها خلال عطلة العيد هيئة الإحصاء السعودية: عدد الحجاج من الخارج 1.506.576 يحملون 171 جنسية الرئيس البرازيلي: الاعتراف بدولة فلسطينية «واجب أخلاقي» بلدية المفرق تعفي المواطنين من رسوم الدمغة في المسلخ البلدي دائرة الإفتاء تصدر كتيبا إلكترونيا عن أحكام الأضحية الملك ورئيس وزراء إسبانيا يشهدان توقيع إعلان مشترك بشأن الشراكة الاستراتيجية العالم مستمر بالإدانة وعبارات الشجب... ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 54,677 و125,530 مصابا وزير الأوقاف: وفاة حاجة أردنية إثر تعرضها لعارض صحي دراسة: تغيّر المناخ يدفع نحو التنقّل الداخلي في الأردن ويهدد المجتمعات الريفية تباين في مواعيد عيد الأضحى بين الدول الإسلامية التعامل مع 5 أطنان سبائك ذهب و35 طناً سبائك فضة حتى نهاية أيار ولي العهد يهنئ الأردنيين بحلول عيد الأضحى المبارك انخفاض التداول العقاري 1% منذ مطلع العام و17% في أيار ليسجل 2.5 مليار دينار أردني ترامب يأمر بفتح تحقيق بشبهة "التآمر" للتستّر على "الحالة العقلية لبايدن" نقيب الأطباء يزور الاتحاد الاردني لشركات التأمين ويبحث تعزيز التعاون المشترك بين الطرفين