الاقتصاد العالمي والرمال المتحركة

الاقتصاد العالمي والرمال المتحركة
محمد الرميحي
أخبار البلد -  

من جديد يدخل العالم منطقة اللايقين. والمعضلة أن ذاك اللايقين لا توجد له نهاية مقنعة؛ إذ إن الأحداث تتسارع، وتحمل الفكرة ونقيضها. ما يميز هذا اللايقين هو فقر في جودة المعلومات المتوفرة.

 

سمى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إصلاحاته الأخيرة في رفع التعريفات الجمركية على المنتجات القادمة إلى السوق الأميركية «يوم التحرير»، وسماها البعض «يوم الفوضى». واهتزت بعده تقريباً كل بورصات العالم من شرقه إلى غربه بانخفاض بعضه حاد وغير مشهود منذ عقود. البعض يرى في تلك السياسات المعلنة أنها مقدمة لكساد عالمي كبير تداعياته لن تظهر إلا بعد فترة من الزمن، وآخرون يرون أن ردة الفعل العصبية في الأسواق ما هي إلا مؤقتة، وأن تلك الأسواق سوف تتعافى بعد فترة، ولكن لا أحد يجزم بما هي الفترة التي تحتاجها.

بعد أيام من «يوم التحرير» اندفعت مجاميع من المواطنين الأميركيين إلى الشوارع في مظاهرات منددة بتلك السياسات، وأنها لا محالة سوف تنتج التضخم وارتفاع أثمان السلع. كل ذلك ونحن في بداية رؤية ردات الفعل، والتي قد تصل إلى المجالس التشريعية الأميركية.

بعض الدول استجاب بسرعة إلى الدعوة الشعبية لمقاطعة المنتجات الأميركية، وبعضها لم يتردد في رفع كبير لضريبة استيراد البضائع والخدمات من الولايات المتحدة، وآخرون ما زالوا في مرحلة الانتظار.

نحن أمام افتراضين في العلاقات الاقتصادية العالمية: إما سياسة «الحمائية» التي تفرضها الإدارة الجديدة؛ أي الاستغناء عن الخارج في السلع والخدمات، حتى لا تقع الدولة أو المجتمع تحت ضغوط خارجية أو ديون تكبلها وقد تأخذها إلى الإفلاس. كان الاتحاد السوفياتي هو رائد تلك التجربة، وطُبّقت بعد ذلك في العالم الثالث وفشلت. وإما سياسة الانفتاح تحت الفكرة الكلاسيكية: «دعه يعمل دعه يمر»، والتي قادت إلى ما عُرف بالاستعمار الحديث، ثم إلى العولمة.

البشر يدخلون في تجارب مختلفة من أجل البحث عن الخير العام، إلا أن السؤال: هل الخير العام ذاك مقتصر على الدولة والمجتمع المعني، أو أن الخير العام هو في أن تكون الدول متعاضدة ومتعاونة في سبيل تحقيق الخير الكلي للجميع؟ ذلك سؤال افتراضي لن نجد له جواباً، ما لدينا هو قراءة الواقع، وهي قراءة لا تخرج في بعض تجلياتها عن الأهواء.

ترمب في دورته الثانية، وهي وفق تعديلات الدستور الأميركي الأخيرة، يلمّح إلى أن يجدِّد إلى دورة ثالثة. تلك الفكرة في حد ذاتها تجعل النخب الأميركية السياسية تتوجس خيفة، ولكنها احتمال يمكن أن يذهب إليه، فيثير اضطراباً أكبر في المياه السياسية الأميركية.

الخطوات الداخلية التي تتخذها واشنطن أيضاً تثير الكثير من اللغط السياسي، كمثل تخفيض التمويل للمؤسسات التعليمية والبحثية، وهي سياسات يرى البعض أنها تقلل من قدرة الولايات المتحدة على البقاء في السباق التقني والابتكاري في المستقبل، فضلاً عن عدد من السياسات التي تثير في بعض الشرائح الخوف على الديمقراطية.

الضرر على بعض دول العالم الثالث التي كانت تصدر لأميركا بعض المنتجات الثانوية تحت برنامج: «نظام الأفضليات المعمم»، وهو برنامج أنشأته الولايات المتحدة عام 1974 لمساعدة الدول النامية على تصدير منتجاتها إلى السوق الأميركية من دون فرض رسوم جمركية، بهدف دعم التنمية الاقتصادية في تلك البلاد، وبالتالي الحفاظ على السلم الأهلي، وقد استفادت السوق الأميركية من ذلك؛ لأن تلك المنتجات أرخص، ولا تزاحم أي منتجات أميركية. هذا البرنامج انتهت صلاحيته في عام 2020 إبان جائحة «كوفيد»، ولم يجدَّد، بل سارت الأمور كما هي في السنوات الأربع الماضية.

رفع الضرائب على تلك الدول، ومنها عربية وأفريقية وآسيوية، سوف يؤدي إلى انخفاض حاد في صادرات تلك الدول، وبالتالي إلى بطالة قد تؤثر في الاستقرار السياسي والاجتماعي لبعض تلك الدول، وقد يقود إلى تعاظم الهجرة غير النظامية، أو حتى حروب أهلية، كما سوف ينتج عن ذلك تراجع أو بطء الاستثمارات المتدفقة، بخاصة في الزراعة (في بعض البلدان)، وصناعات النسيج والصناعات الخفيفة، وبالتالي إلى انخفاض في نسبة النمو. بعض تلك الدول توجَّه سريعاً إلى فرض رسوم جمركية ومنع تسهيلات سابقة بشكل انتقامي، وربما غير مدروس، مما يصعِّد في ردود الفعل، وبالتالي يزداد الاقتصاد العالمي اضطراباً.

الصين، وهي البلد الذي ينافس اقتصاده اقتصاد الولايات المتحدة، ردت سريعاً برفع الضرائب الجمركية، وسرَّعت في السباق التقني (وهو مصدر الثروة القادم)، كما سرَّعت في التفاوض مع المتضررين لقيام ربما حلف اقتصادي يضم الجميع لتفادي الأسوأ.

نحن أمام إعادة هندسة للاقتصاد والعلاقات الدولية لا تشبه غيرها في الماضي، بالتأكيد أخذت العلاقات الاقتصادية العالمية إلى رمال متحركة.

آخر الكلام: ما سوف يتم في الاقتصاد العالمي حتماً، نتيجة تلك السياسات، هو ازدياد الفجوة بين الفقراء والأغنياء في العالم.

 
 
 
شريط الأخبار ثلاثة أمور رئيسة تُضعِف المركز المالي للضمان ’إم إس فارما’ تفتتح أول منشأة لتصنيع المستحضرات الحيوية في المملكة العربية السعودية منح دراسية مقدمة من جامعة في قبرص لبرنامجي (البكالوريوس والدكتوراه).. تفاصيل اليابان تشعل فتيل أزمة مالية عالمية ومخاوف هروب رؤوس الأموال من أميركا تتزايد لجنة مشتركة بين "الضريبة" و"الجمارك" لتنظيم الفوترة في المناطق الحرة الاتحاد الأردني لشركات التامين ينشر أوراق العمل الثمانية المقدمة في المؤتمر الدولي العاشر للتأمين وفيات الأردن.. الخميس 29-5-2025 انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة الخميس مع أجواء باردة نسبيًا نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في سيل الزرقاء بجرش "أمن الجسور": تعديل ساعات العمل في جسر الملك حسين الأحد كلام مهم وصريج لسمو ولي العهد بشأن الأندية الأردنية... عن العقليات القديمة والاعتماد على الذات والكثير القسام: استهداف قوة صهيونية تحصنت داخل منزل ودبابة "ميركافا" ببيت لاهيا بيان صادر عن شركة CFI الأردن نتائج تصنيف UNIRANKS لعام 2025: الجامعات الأردنية تتألق في التصنيفات العالمية والعربية الأردن: استخراج 55 مليون متر مكعب من الغاز والعمل جارٍ على حفر 145 بئرا مع حلول 2030 الملك يزور مشروع استزراع سمكي في الجفر عتب وغضب من اعلاميين مخضرمين بسبب استثنائهم من حفل عيد التلفزيون ال57 المواصفات: آخر موعد لتخليص المركبات الكهربائية "المستثناة" مطلع أيلول النقل السورية تعلن عن جاهزية الموانئ من والى الأردن قلق ينتاب الاردنيين بسبب ظاهرة "اختفاء الاطفال" والأمن لا عصابات والشارع يغلي ..!!