غروب الإمبراطورية الأمريكية

غروب الإمبراطورية الأمريكية
عبدالله السناوي
أخبار البلد -  

بعد نهاية الحرب الباردة، جرت مراجعات واسعة حول طبيعة وأسس النظام الدولى، ودواعى القلق من أن تنفرد دولة واحدة بمقاديره. إلى أى حد يحتمل العالم، والولايات المتحدة نفسها، زوابع «ترامب» السياسية مع حلفائه قبل خصومه؟ بأزمتى غزة وأوكرانيا، ناقضت تصريحاته وتصرفاته قواعد القانون الدولى، فى الأولى بتبنى «التطهير العرقى».. واصطدمت فى الثانية بأسس وجذور التحالف الغربى، الذى تقوده بلا منازع منذ الحرب العالمية الثانية. استدعت دعوته العنصرية إلى إخلاء غزة من أهلها ردة فعل عربية ترفض التهجير القسرى. كما استدعت إدارته شبه العشوائية للأزمة الأوكرانية ردة فعل أوروبية جماعية تدعو إلى منظور جديد لأمن القارة بعيدا عن الولايات المتحدة. قبل ثلاث سنوات نشبت الحرب الأوكرانية بذريعة حماية الأمن الروسى من أن يتمركز حلف «الناتو» بجوارها. بالنسبة للرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» كان التدخل العسكرى محتما، لكنه استخدم لإحكام الحصار على موسكو. استندت ذريعته على خرق الولايات المتحدة لوعد قطعته على نفسها عام (1990)، عدم نشر صواريخ «الناتو» على الحدود الروسية مقابل موافقة موسكو على توحيد الألمانيتين. إثر التدخل الروسى تعرضت موسكو لحرب استنزاف طويلة، فرضت عليها عقوبات قاسية أنهكت اقتصادها، تراجعت أدوارها الدولية إلى حدود غير مسبوقة، لكنها صمدت فى ميادين القتال بمواجهة حلف «الناتو» وضمت أراضى جديدة.

لم تعد اعتبارات الأمن الروسى وحدها موضوع الحرب، أصبح التنازع على الأرض عنوانا رئيسيا، لكل طرف أسبابه وحيثياته فى طلب ضم مناطق معينة إليه. توحدت أوروبا وراء إدارة الرئيس الأمريكى السابق «جو بايدن» باسم الدفاع عن وحدة الأراضى الأوكرانية ودرء «الخطر الروسى» على سلامة دولها. إثر صعود «ترامب» بدأت مستجدات السياسات تهدد الأمن الأوروبى نفسه، الذى بات يفتقد لأول مرة منذ ثمانين سنة للغطاء العسكرى الأمريكى. ارتفعت فى مراكز القرار الأوروبى دعوات لبناء جيش أوروبى للدفاع عن أمن القارة دون حاجة إلى الولايات المتحدة. جرى بالوقت نفسه نوع من التأهب لإعادة صياغة حلف «الناتو» وتوفير احتياجاته ومتطلباته إذا ما أخلت الولايات المتحدة بالتزاماتها المالية والتسليحية.

طرحت فكرة نشر (30) ألف جندى أوروبى فى أوكرانيا. كان ذلك تحديا لـ«ترامب» وإزعاجا لـ«بوتين». إذا تفاقمت الأزمة الأوروبية الأمريكية قد تجد واشنطن نفسها منعزلة ووحيدة خلف المحيط وينهار بالوقت نفسه ما تبقى من عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

"مشكلة «ترامب» أنه يتصرف، كما لو أنه ملك على العالم كله، لا أوروبا فقط. يصدق تصوراته عن نفسه، ويروجها فى الإعلام، مستهينا بالحلفاء الإقليميين والدوليين حتى وجد الحليف البريطانى، لأول مرة منذ استقلال الولايات المتحدة، على الجانب الآخر من واشنطن فى مسألة الأمن الأوروبى"

عندما انهار الاتحاد السوفييتى وتفككت ما كان يطلق عليها المنظومة الاشتراكية وحل حلف «وارسو» بقوة الأمر الواقع انتهى النصف الأول من معادلات ما بعد الحرب. ربما نكون الآن أمام احتمال انهيار النصف الثانى، الذى قادته الولايات المتحدة بمفردها. هذا أخطر تهديد لجذور ومرتكزات القوة الإمبراطورية الأمريكية. كانت القوة العسكرية ركيزة أولى تأكدت ضروراتها أمام العالم الغربى فى الحرب العالمية الثانية. وكانت الوفرة المالية ركيزة ثانية مكنتها من المساعدة فى إعادة إعمار أوروبا، خاصة ألمانيا، كما ساعدتها فى تمويل المنظمات الدولية، لم يكن ذلك تبرعا مجانيا بقدر ما كان تسويغا للعب أدوار قيادية تطلبها وتقدر على تكاليفها بنفس الوقت. وكانت قوة الصورة ركيزة ثالثة فى تثبيت أركان الإمبراطورية.

بدت هوليوود ومساحة الحريات العامة الصحفية الإعلامية الواسعة عاملين جوهريين فى بناء ما أطلق عليه لسنوات طويلة «الحلم الأمريكى». أخطر ما تنطوى عليه زوابع «ترامب» تبديد الحلم القديم نهائيا وإحالته إلى كابوس مقيم. قبل صعود «ترامب» إلى البيت الأبيض مجددا تعهد بإنهاء الأزمة مع روسيا، دون أن تكون لديه خطة واضحة متماسكة للخروج من المستنقع الأوكرانى. لم يكن ذلك التوجه بذاته مقلقا للأوروبيين. ما يستدعى القلق انفراده بالتصرف بأدق قضايا الأمن الأوروبى دون مراجعتهم، أو استشارتهم ولا وضع أوكرانيا نفسها فى صورة تفكيره. بتعبير الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون»: «إننا نطلب وقف إطلاق نار، لكن ليس على حساب وحدة الأراضى الأوكرانية، ذلك سوف يكون استسلاما».

يدرك «بوتين» أن الطريقة التى يدير بها «ترامب» المحادثات بعيدا عن الأوروبيين لا تجعل من الممكن إحراز أى سلام مستقر. شجع الأوروبيون الرئيس الأوكرانى «فولوديمير زيلينسكى» على تحدى «ترامب»، الذى يمعن فى تعمد إهانته بوصفه «الديكتاتور»، الذى يفتقد إلى الشعبية والشرعية. فى البداية أبدى «زيلينسكى» نوعا من الاستعداد لقبول ما يملى عليه، ثم بدأ يعبر عن درجة من التململ قبل أن يعلو صوته معارضا: «لن نذعن».. «إننا نرفض منح أمريكا نصف معادننا النادرة» تعويضا عن خسائرها المالية فى الحرب على ما يطالب «ترامب». مشكلة «ترامب» أنه يتصرف، كما لو أنه ملك على العالم كله، لا أوروبا فقط. يصدق تصوراته عن نفسه، ويروجها فى الإعلام، مستهينا بالحلفاء الإقليميين والدوليين حتى وجد الحليف البريطانى، لأول مرة منذ استقلال الولايات المتحدة، على الجانب الآخر من واشنطن فى مسألة الأمن الأوروبى. إنه التحلل فى بنية الإمبراطورية الأمريكية.




شريط الأخبار قبول استقالة 642 عضوًا من الهيئة العامة التأسيسية للحزب المدني الديمقراطي يكشف أزمة أعمق من شأن تنظيمي انطلاق ورشة عمل لمراجعة الخطة الاستراتيجية لوزارة الأوقاف للأعوام 2026–2030 بدون فواتير كهرباء.. منزل يعمل بالكامل بـ650 بطارية لابتوب مستعملة تناول الطعام ليلاً.. هكذا يضر بصحتك الأرصاد تكشف تفاصيل الحالة الجوية خلال الأسبوع المقبل وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 العثور على جثة شخص مفقود بمنطقة اللجون في الكرك كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي إعلان أمريكي مرتقب بشأن "الإخوان المسلمين" الأرصاد: طقس بارد نسبيا وتحذيرات من الضباب والصقيع خلال الأيام المقبلة الشرق الأوسط للتأمين راعٍ ذهبي للمعرض والمؤتمر الأردني الدولي للشحن والتخليص والخدمات اللوجستية وتشارك بخبرتها الريادية في التأمين البحري الملك للنشامى.. " حظ الأردن بكم كبير يا نشامى، وكلنا فخورون بكم وبما حققتم" لجنة التأمين البحري في الاتحاد الأردني لشركات التامين تشارك في مؤتمر ومعرض JIFEX 2025 في العقبة النشامى يصلون إلى أرض الوطن بعد تحقيقهم الوصافة في بطولة كأس العرب مذكرة احتجاج بشأن الأداء التحكيمي في مباراة الأردن والمغرب من هو رئيس محكمة استئناف عمان الجديد الأردن يرحب بقرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر وفيات الجمعة 19 - 12 - 2025 الاتحاد الأردني لكرة القدم يعلن موعد عودة النشامى إلى عمان الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ