توازن السياسات الاقتــصاديــة

توازن السياسات الاقتــصاديــة
د. عدلي قندح
أخبار البلد -  

أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ديسمبر 2024 قلقًا متزايدًا بشأن التضخم، مع توقعات بخفض أسعار الفائدة تدريجيًا خلال عام 2025، اعتمادًا على تطورات الاقتصاد والتضخم. هذا التوجه جاء بعد فترة من السياسات النقدية التقييدية التي تبناها الفيدرالي للحد من التضخم المرتفع الذي شهده الاقتصاد الأمريكي بعد جائحة كوفيد-19. تعرف النظرية الاقتصادية الحديثة التضخم على أنه ارتفاع مستمر في المستوى العام للأسعار، ناتج عن فجوة بين الطلب الكلي والمعروض الكلي، وهو ما تؤكده نماذج كينز الجديدة ومدرسة التوازن العام الديناميكي. وفقًا لهذه النظريات، فإن السيطرة على التضخم تتطلب ضبط أسعار الفائدة وعرض النقود.

السياسات النقدية، كما يعتمدها الاحتياطي الفيدرالي، تهدف إلى السيطرة على التضخم عبر التحكم في السيولة النقدية وأسعار الفائدة. في المقابل، السياسة المالية، المتمثلة في سياسات الإنفاق الحكومي والضرائب، تهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية. التباين بين هذه الأدوات قد يؤدي إلى تضارب في الأهداف الاقتصادية، حيث تؤدي السياسات المالية التوسعية، مثل خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي التي ينتهجها الرئيس ترامب، إلى تحفيز الطلب الكلي وزيادة الضغوط التضخمية، ما يتناقض مع جهود الاحتياطي الفيدرالي للسيطرة على التضخم. الحل يكمن في تحقيق التوازن عبر تنسيق السياسات بحيث تستهدف السياسة المالية تعزيز الإنتاجية بدلًا من التحفيز الاستهلاكي المباشر، بينما تستمر السياسة النقدية في التحكم بالسيولة النقدية.

تؤثر السياسات الاقتصادية الأمريكية بشكل كبير على الاقتصادات النامية المرتبطة بالاقتصاد الأمريكي. على سبيل المثال، تمثل المساعدات الأمريكية نسبة تتراوح بين 5% و10% من إجمالي الموازنات في بعض الدول، وبالتالي فإن أي تخفيض لهذه المساعدات يمكن أن يؤثر بشكل جوهري على التنمية. كذلك، يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية إلى زيادة جاذبية الأصول المقومة بالدولار، ما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة بنسبة تقدر بحوالي 15% خلال فترات التشديد النقدي. أما على صعيد التجارة الخارجية، فالسياسات الحمائية قد تؤدي إلى انخفاض الصادرات من الدول النامية بنسبة تصل إلى 8%، ما يفاقم العجز التجاري لديها.

أكثر السياسات الاقتصادية تأثيرًا عالميًا ترتبط بالدول الكبرى بسبب حجم اقتصاداتها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. الولايات المتحدة، بمساهمتها في الناتج العالمي بنسبة 24%، تؤثر بشكل مباشر على تدفقات رؤوس الأموال العالمية من خلال قرارات الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة بأسعار الفائدة، والتي تؤثر على تكلفة الاقتراض عالميًا ومدى توافر السيولة. الصين، التي تساهم بنسبة 18%، تؤثر سياستها الصناعية بقوة على سلاسل التوريد، من خلال التحكم بالإنتاج الصناعي والتكنولوجيا المتقدمة. أما الاتحاد الأوروبي، بسياساته التنظيمية مثل قوانين مكافحة الاحتكار وحماية المستهلك، يؤثر في البنية المالية العالمية من خلال معايير تنظم الشفافية في الأسواق. كذلك، تلعب سياسات أوبك+ دورًا حاسمًا في تحديد أسعار النفط التي تتحكم مباشرة بمعدلات التضخم العالمي، حيث يمثل النفط حوالي 30% من تكلفة الإنتاج الصناعي والنقل.

لتحقيق توازن أفضل بين السياسات النقدية والمالية، يتطلب الأمر تنسيقًا مشتركًا لتحقيق أهداف متعددة مثل النمو الاقتصادي، استقرار الأسعار، واستدامة المالية العامة. في الأردن، يكتسب هذا التوازن أهمية خاصة بالنظر إلى التحديات المالية والاقتصادية التي تواجهها المملكة. تعكس موازنة 2025 هذه الحاجة من خلال التركيز على خفض العجز المالي، وتعزيز الإيرادات المحلية عبر تحسين كفاءة التحصيل الضريبي دون التأثير سلبًا على النمو الاقتصادي. كما تتضمن الموازنة توجيه الإنفاق العام نحو القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، بما يدعم الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد.

تسعى رؤية التحديث الاقتصادي 2023 إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة عبر تنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاعات الإنتاجية، بما يشمل الصناعة والتكنولوجيا والسياحة. تستهدف الرؤية أيضًا تحسين بيئة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال لزيادة مرونة الاقتصاد الأردني. من المهم أن يستمر الأردن في مواءمة سياساته النقدية والمالية بحيث تتكامل مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية التحديث الاقتصادي.

شريط الأخبار قائمة العمل والإنجاز تلتقي بمقاولي محافظة الزرقاء (صور) البلقاء التطبيقية تفوز بالمركز الأول في جائزة الحسن بن طلال للتميز العلمي الكويت : ابتزاز امريكا الرخيص لن يثنينا عن موقفنا الثابت تجاه القضية الفلسطينية إعلام: ترامب لا يزال يبحث عن دول مستعدة لتوطين الفلسطينيين من غزة نضال منصور يكتب: الأحزاب في غرفة الإنعاش وفيات الاثنين 24-3-2025 الليرة التركية تفقد ١٠ بالمئة من سعر صرفها نصيب الفرد من الدخل في الأردن يعادل 18% من نظيره في أميركا تتجاوز معدلاتها العامة.. ارتفاع تدريجي على الحرارة الأيام المقبلة تركيا: حزب المعارضة الرئيسى يختار إمام أوغلو منافس أردوغان المسجون مرشحا للرئاسة هبوط تاريخي منتظر في سوق الأسهم الأمريكية القهوة المغشوشة تجتاح الأسواق .. تصنع من القش في البرازيل! إخلاء جثة شخص توفي بعد سقوطه داخل حفرة عميقة في عمان جلسة تشريعية ورقابية للنواب اليوم والاستماع لرد الحكومة على 25 سؤالاً البنك المركزي: لا أضرار في القطاع المالي والمصرفي نتيجة هجمات سيبرانية مفتي عام المملكة: الأردن لا يتبع أي دولة في تحديد موعد عيد الفطر الأردن في مواجهة الشائعات.. معركة الوعي ضد الفتن بالصور .. "مجموعة العثمان الدولية" تقيم حفل إفطارها السنوي الثاني في فندق W عمّان الأردن وإيران يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة الجبور أمينًا عامًا لوزارة العمل بالوكالة