*التضخم وارتفاع الأسعار يشكلان ضغطاً هائلاً على الفئات المتوسطة والفقيرة.
* قضية العمال غير النظاميين وذوي الاحتياجات الخاصة لا تزال في الهامش رغم أن الجائحة كشفت بوضوح عن هشاشة أوضاع هذه الفئات
* مشروع الموازنة يعكس واقعاً اقتصادياً مثقلاً بالتحديات في وقتٍ فاق فيه إجمالي الدين العام 44 مليار دينار، وهو ما يشكل 116% من الناتج المحلي الإجمالي تقريباً.
* البطالة تشكل أحد أبرز القضايا التي يجب أن توليها الموازنة العامة اهتماماً كبيراً، بعد أن أصبحت تمثل تحدياً حقيقياً أمام الاقتصاد الوطني
*نحن بحاجة إلى استراتيجيات واضحة تدعم خلق فرص عمل حقيقية، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية التي من شأنها تحفيز النمو وتوفير فرص عمل للشباب
*الوقت قد حان للانتقال من السياسات المؤقتة إلى استراتيجيات شاملة تعالج جذور المشكلات وتؤسس لاقتصاد أكثر عدالة واستدامة.
خاص
سلط النائب جمال قموة في كلمته خلال مشروع الموازنة العامة في مجلس النواب الى عدة مشكال تخص محافظة البلقاء عالقة منذ عشرين عام .
في جلسة مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025، وجه انتقادات لاذعة لعدم تضمين الموازنة مشاريع تنموية تخدم المحافظة، مؤكدًا أن المواطنين لن يسامحوا الحكومة في حال استمرار تجاهل احتياجاتهم.
وأشار النائب قموة إلى معاناة المحافظة من أزمة مرور خانقة بسبب غياب الحلول الجذرية، مطالبًا بإكمال طريق السلط الدائري وإنشاء طريق الفحص الدائري لتخفيف الضغط المروري ودعم المستثمرين. كما شدد على أهمية إيجاد مشاريع إنتاجية للتخفيف من البطالة المتزايدة بين الشباب.
كما تطرق إلى قضية أراضي مصنع الإسمنت في الفحيص، منتقدًا ما وصفه بـ"التحايل" من قبل شركة لافارج، وطالب الحكومة بالتدخل العاجل للحفاظ على جمالية المدينة وحقوق بلديتها.
وفي سياق مناقشة الموازنة، أكد النائب قموة أن الموازنة الحالية تعكس واقعًا اقتصاديًا مثقلاً بالديون والتحديات، حيث تجاوز الدين العام 116% من الناتج المحلي الإجمالي. وأعرب عن قلقه من غياب رؤية واضحة لتحسين كفاءة الإنفاق وزيادة الإيرادات غير الضريبية.
كما انتقد غياب خطط لمعالجة البطالة وتعزيز فرص العمل، مشيرًا إلى أن الموازنة لم تقدم حلولًا لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولم تركز على الاستثمار الأجنبي أو تطوير التعليم والصحة.
ودعا النائب قموة إلى استراتيجيات شاملة لتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، مؤكدًا أن الحكومة بحاجة إلى تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد لضمان إدارة فعالة للمال العام.
وختم النائب قموة حديثه بالتأكيد على ضرورة الانتقال من السياسات المؤقتة إلى استراتيجيات مستدامة تحقق طموحات المواطنين في حياة كريمة واقتصاد مستقر.
وتاليا نص الكلمة :
السيد رئيس المجلس الموقر، السادة النواب الأفاضل،
أتشرف بالوقوف أمامكم باسم الحزب المدني الديمقراطي الأردني لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025، تعبيرا عن رؤيتنا الوطنية التي تنطلق من مبادئ العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والالتزام بتحقيق طموحات المواطنين في حياة كريمة واقتصاد قوي ومستقر، وعن إيماننا بأن دورنا في هذا المجلس يجب أن يتجاوز الرقابة التقليدية إلى تقديم حلول مبتكرة تسهم في تصحيح المسار الاقتصادي وتحقيق المصلحة العامة.
فمشروع الموازنة العامة يعكس واقعا اقتصاديا مثقلا بالتحديات، في وقت فاق فيه إجمالي الدين العام أربعة وأربعين مليارا، وهو ما يشكل 117,2% من الناتج المحلي الإجمالي، تشكل مديونية الضمان الاجتماعي منه عشرة مليارات ومئتي مليون دينار، أي ما يعادل 23% من الإجمالي.
وفي الوقت الذي تطرح فيه وعود بتخفيض نسبة الدين العام إلى ثمانين في المئة من الناتج المحلي، فإن الأسئلة الجوهرية لا تزال دون إجابة، فهل سيتم التخفيض من خلال نمو حقيقي في الناتج المحلي أم عبر إعادة هيكلة الديون؟ وهل هذا التخفيض سيشمل القيمة المطلقة للدين أم مجرد النسب؟
العجز المقدر في الموازنة، الذي بلغ 8.55 مليار دينار، يعكس استمرار الاعتماد على نهج تقليدي في إعداد الموازنات دون رؤية واضحة لزيادة الإيرادات غير الضريبية أو تحسين كفاءة الإنفاق، فعلى سبيل المثال تقدر موازنات المؤسسات المستقلة بـ 1.8 مليار دينار ما تمثل عبئاً مالياً كبيراً خاصة وأن العديد من هذه المؤسسات يمكن دمجها مع الوزارات المعنية لتقليل النفقات وتحسين الأداء.
وإذا ما انتقلنا إلى محور النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، فإن الموازنة الحالية تبدو وكأنها تركز على أرقام نمو دون التطرق إلى تفاصيلها الاجتماعية، فبينما أفردت الموازنة مخصصات للحماية الاجتماعية، إلا أنها لم تقدم حلولاً متكاملة لمعالجة البطالة وتعزيز فرص العمل خاصة بين الشباب.
فالبطالة تشكل أحد أبرز القضايا التي يجب أن توليها الموازنة العامة اهتماما كبيرا، بعد أن أصبحت تمثل تحدياً حقيقياً أمام الاقتصاد الوطني في ظل ارتفاع معدلاتها بصورة غير مسبوقة تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حيث نلاحظ أن مشروع الموازنة يفتقد إلى برامج حقيقية وفعالة للحد من هذه الظاهرة، نحن بحاجة إلى استراتيجيات واضحة تدعم خلق فرص عمل حقيقية، خصوصاً في القطاعات الإنتاجية التي من شأنها تحفيز النمو وتوفير فرص عمل للشباب، وتعزيز تدريب وتأهيل القوى العاملة بما يتناسب مع احتياجات السوق
أما الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري لأي اقتصاد وطني فإنها لا تزال تعاني من غياب الدعم الموجه سواء في مجال التمويل أو تسهيل الإجراءات الحكومية أو حتى تخصيص برامج حكومية لدعم منتجاتها.
هل اخذت الموازنة بالاعتبار دعم الاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن وهل وفرت فرص ايجاد بيئة أعمال جاذبة؟ في رأيي ان ذلك لم يتم وحتى نحسن الظن بالموازنة فهو وان تم فهو غير ظاهر ما يعني ان لا أثر له على ارض الواقع الاستثماري.
قضية العمال غير النظاميين وذوي الاحتياجات الخاصة لا تزال في الهامش رغم أن الجائحة كشفت بوضوح عن هشاشة أوضاع هذه الفئات، فأين هي برامج الحماية الاجتماعية الموجهة لهذه الفئات؟ وأين المخصصات التي تعكس التزاماً حقيقياً بتعزيز العدالة الاجتماعية؟
أما التعليم والصحة، فإنهما يمثلان الركيزة الأساسية لأي عملية تنموية مستدامة، لكن الموازنة الحالية لم تظهر أي توجه لتحسين جودة التعليم أو الخدمات الصحية، والمخصصات التي وردت تبدو وكأنها موجهة لاستمرارية الأداء فقط وليس لتجويده أو تطويره، وهنا نسأل: هل تمتلك الحكومة رؤية واضحة لتحويل هذه القطاعات إلى محركات حقيقية لتحسين نوعية الحياة؟
رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة تتطلب استثمارات كبيرة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا وتعليم المهارات المرتبطة بسوق العمل الحديث، لكن الموازنة الحالية لم تظهر أي اهتمام واضح بهذه المحاور رغم أنها أساسية لنجاح أي استراتيجية تحديث اقتصادي.
وفيما يتعلق بالخصخصة والخدمات العامة الأساسية فإننا نواجه تحدياً كبيراً في تحقيق التوازن المطلوب، فالخصخصة ليست هدفاً بحد ذاته بل هي وسيلة لتحسين كفاءة الخدمات لكن ذلك لا يجب أن يكون على حساب حق المواطن في الحصول على خدمات عامة أساسية مثل الطاقة والنقل والتعليم.
الشفافية ومكافحة الفساد يجب أن تكون جزءاً أساسياً من أي موازنة، ونحن بحاجة إلى إجابة واضحة: لماذا لم تتضمن الموازنة تدابير عملية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في إدارة المال العام؟
التضخم وارتفاع الأسعار يشكلان ضغطاً هائلاً على الفئات المتوسطة والفقيرة، فكيف ستتعامل الحكومة مع ارتفاع الكلف والأسعار؟ وهل ستنعكس هذه الإجراءات على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين؟
المشاريع الاستراتيجية الكبرى مثل مشروع الناقل الوطني تحتاج إلى مخصصات مالية تتناسب مع حجمها وأهميتها والمبلغ المخصص للمشروع لا يعكس جدية الحكومة في تنفيذه، وماذا عن مشاريع البنية التحتية الأخرى، مثل النقل والطاقة والمياه؟
وفيما يتعلق بالنظام الضريبي الحالي فهو لا يزال يعاني من غياب العدالة حيث يتحمل المواطن ذو الدخل المتوسط العبء الأكبر بينما لا يزال أصحاب الدخول المرتفعة يتمتعون بامتيازات ضريبية، نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة للنظام الضريبي لضمان العدالة وتحقيق الإيرادات بطريقة لا تؤثر سلباً على الشرائح الأكثر ضعفاً.
أخيراً، موازنة المؤسسات المستقلة بحاجة إلى إعادة نظر جذرية، فالكثير من هذه المؤسسات يمكن دمجها أو إلغاؤها خاصة أن بعضها لا يؤدي دوراً حيوياً، فإذا كانت الحكومة جادة في خطط التحديث الإداري فعليها أن تبدأ من هنا.
مشروع الموازنة العامة لا يعكس تطلعات المواطن الأردني ولا يقدم حلولا جذرية للتحديات الاقتصادية التي نواجهها، بل يجسد استمرارا لنهج تقليدي لم يحقق النتائج المرجوة، نؤمن بأن الوقت قد حان للانتقال من السياسات المؤقتة إلى استراتيجيات شاملة تعالج جذور المشكلات وتؤسس لاقتصاد أكثر عدالة واستدامة.
ندعو إلى إعادة النظر في هذا المشروع وتقديم موازنة تعكس قيم العدالة الاجتماعية، وتحفز النمو الاقتصادي القائم على الابتكار والإنتاجية، وتضمن استدامة المالية العامة، وتعيد الثقة بين الدولة والمواطن، فمسؤوليتنا اليوم تتطلب منا أن نرتقي بمستوى العمل بما يتناسب مع متطلبات مواجهة التحديات وبما يخدم الوطن والمواطن سعيا لبناء مستقبل أفضل لأردننا العزيز."