أخبار البلد - أطلق دونالد ترمب الرئيس المنتخب تحذيرات إلى الحكومة بنما بسبب رفعها رسوم انتقال السفن والأسطول الأمريكي عبر القناة الرابطة بين المحيط الأطلسي والمحيط الهادي، وذهب بعيدا بتهديده احتلال القناة والسيطرة عليها، كما ظهر على بوصلته رغبة قوية في اطلاق حملة ضد المهاجرين غير الشرعيين في اميركا، في المقابل فانه وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي ابدى رغبته بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لانهاء الحرب في أوكرانيا داعيا دول أوروبا إلى شراء المزيد من النفط و الغاز الامريكي وتحمل اعباء الناتو الباهظة.
تصريحات ترمب عكست اهتماماته وأولوياته وطريقته التي يعالج فيها الأزمات والمشاكل ويحقق فيها الأهداف، وهي اللغة الخشنة ذاتها التي استخدمها عندما دعى لاطلاق سراح الاسرى لدى المقاومة الفلسطينية مهددا باشعال الشرق الاوسط في حال لم تنفذ رغباته، وفي اتصال مع نتنياهو قبل ما يقارب الأسبوع لم يبدي موقفا واضحا من امكانية اطلاق حملة عسكرية ضد ايران غير انه لم يستبعد ذلك ، ما يعني أن الأمر يعتمد على العرض الذي سيقدمه نتنياهو وان كان سينجح في اقناعه بالخطة وفاعليتها وسرعة تنفيذها.
نتنياهو في خطابه الأخير في الكنيست وبعد جلسة تحقيقات في قضايا فساد أمام محكمة محصنة تحت الارض، عاد ليؤكد بانه يسعى لمواجهة التهديدات الايرانية وتوجيه ضربة لها بل انه يفضل وقادته العسكريون ضرب إيران على ضرب الحوثيين في صنعاء الهدف الذي ثبت عدم جدواه أكثر من مرة، فمشروعه المقبل ايران، وهو بذلك يسعى لتبرير سياساته الحكومية بل وتسويق موازنته للعام المقبل 2025 التي تعد موازنة حرب لعام آخر.
ما بين طموحات دونالد ترمب للداخل الامريكي والمحيط الهادي فان نتنياهو ينصب اهتمامه على توجيه الأنظار نحو ايران مجددا على امل ان يجدد الثقة في حكومته ويمنحها العمر المديد، فهو يرى بأن التطبيع مع الدول العربية نجح بدون تحقيق تسوية مع الفلسطينيين وعلى رأسهم السلطة في رام الله التي تقاتل اليوم دون مقابل، وهو قادر على مواصلة ذلك وتوقيع مزيد من الاتفاقات التي وعد بها جمهوره في معرض رده على المعارضة في الكنيست.
خارطة الطريق تبدو واضحة لدى نتنياهو، فهو يبحث عن صفقة وقف إطلاق النار لا صفقة لوقف الحرب بشكل يتيح له اطلاق حملة عسكرية على ايران واستهداف برنامجها النووي في عرض يقدمه لدونالد ترمب يشمل وقف إطلاق النار مؤقت وليس دائم في قطاع غزة يعيد فيه الاسرى الأمريكيين .
لا تتقاطع استراتيجية دونالد ترمب بالكامل مع استراتيجية نتنياهو سوى تلك المرسومة للضفة الغربية والمتعلقة بضم المزيد من الأراضي وفرض السيطرة على غور الأردن فهي الممكن الوحيد في ظل اداءات السلطة وطموحات بعض العرب للتطبيع بالتزامن ، لكن عندما يتعلق الأمر بإيران فان ترمب يبدو غير واثق من امكانية الذهاب الى حرب واسعة ما لم يقدم له نتنياهو نصرا حاسما وسريعا يصعب أن يحققه ويخشى أن يغرق إدارته لأربع سنوات مقبلة في مستنقع المنطقة، الأمر الذي سيخضعه ترمب الى التقييم بمجرد وصوله الى البيت الابيض، ولعل الاستعدادات الايرانية والتصعيد في البحر الاحمر كفيل باقناع ترمب بالامتناع عن التصعيد الى جانب الانشغال الامريكي في شمال شرق الفرات حيث يعاني النفوذ الأمريكي من ضغوط متزايدة.
ميزان القوى في الإقليم متقلب وغير مستقر بما لا يتناسب مع عقلية المستثمر العقاري دونالد ترمب الذي يفضل البيئة المستقرة على تلك المتقلبة، فالرجل لن يقدم على مغامرت دون ان يتاكد بان هناك حسم عسكري شامل او خفض كامل للتصعيد، وهي رؤية لم تتضح بعد لدى دونالد ترمب ليقرر إلى أين يتجه نحو الحرب والحسم العسكري او نحو خفض التصعيد والاستقرار لسنوات أربع يتفرغ فيها لقناة بنما والمهاجرين والدولة العميقة ولشركائه في الناتو وخصومه في الصين.
بنما وايران بين طموحات ترمب واحلام نتنياهو
حازم عياد