منذ أن بدأت حرب الإبادة الجماعية التي تشنها منظمة العصابة الصهيونية في تل أبيب على قطاع غزة، والأمم المتحد تتعرض لهجمات عسكرية وإعلامية وسياسية صهيونية من داخل دولة الاحتلال ومن خارجها، فقط لأنها لا توافق على السرد الصهيوني ولا تقر بسيل الأكاذيب التي يطلقها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وزمرته المارقة حول جرائم الإبادة في القطاع المنكوب على مرأى ومسمع من العرب الذين على ما يبدو يوافقون على هذه الجرائم.
وطالما أن الإدارة الأمريكية والمشرعين الأمريكان يغطون على هذه الجرائم، وطالما أن مرتكبي هذه الجرائم لا يطاولهم العقاب والمساءلة، ويجدون من يوافقهم على جرائمهم بالسر، فقد تمادوا في غيهم وفي جرائمهم على نحو لم يشهد له التاريخ مثيلا في القسوة والتوحش والنذالة.
ولم تواجه آخر خطوة قام بها الاحتلال وهي حظر "الكنيست" لأنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في فلسطين المحتلة سوى بالكلام والإدانة والقلق والمخاوف التي ليست سوى هراء كامل.
الاحتلال يعلن رسميا الحرب على الأمم المتحدة وعلى منظماتها التي تحاول تقديم العون للشعب الفلسطيني، ومنذ عام وهو يكيل لهذه المنظمة الدولية، التي هي بالأصل رهينة لدى الإدارة الأمريكية، الاتهامات والإهانات والتهديدات التي لم تتوقف منذ عام بعد أن وجهت مؤسسات تابعة للهيئة الدولية اتهامات متكررة للاحتلال الإسرائيلي بارتكاب حرب إبادة في غزة.
ووصلت بهم الوقاحة إلى حد وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش بأنه "شريك في الإرهاب"، و"معاد للسامية" على حد وصفهم وغطرستهم. وفي وقت سابق ذهب الاحتلال الإسرائيلي أبعد من ذلك، ليعلن الأمين العام للأمم المتحدة "شخصا غير مرغوب فيه"، ما يعني منعه من دخول فلسطين المحتلة.
وقال وزير خارجة الاحتلال يسرائيل كاتس إن "أي شخص لا يمكنه إدانة هجوم إيران الشنيع على إسرائيل بشكل قاطع لا يستحق أن تطأ قدماه التراب الإسرائيلي"، متهما غوتيريش بـ"دعم الإرهابيين والمغتصبين والقتلة".
وبدأت الدعوات الإسرائيلية لغوتيريش للاستقالة بعد أسابيع فقط العدوان الصهيوني على قطاع غزة عندما صرح بأن الهجوم "لم يأت من فراغ. تم تعريض الشعب الفلسطيني إلى 56 عاما من الاحتلال الخانق".
وسبق كاتس اللعين خطاب أدلى به النتن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، عندما وصف الهيئة الدولية بأنها "مستنقع لمعاداة السامية". وندد نتنياهو أيضا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإشارته إلى أن دولة الاحتلال مُدينة في وجودها إلى قرار من الأمم المتحدة، وبالتالي عليها إظهار المزيد من الاحترام لقراراتها.
وتمادت أكثر في وقاحتها بان قام جيش الحثالة وحفاظات البمبرز بقصف متعمد لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل) المتمركزة على طول المنطقة الحدودية بين فلسطين المحتلة ولبنان ما أثار غضبا دوليا لم يخرج عن إطار الكلام المعلب بعبوات منتهية الصلاحية.
حقا نحن أمام كيان مارق ومنبوذ بالكاد يستطيع العالم تحمله، وقد تحمله الشعب الفلسطيني طيلة 76 عاما وهذا يكفي..