ما دفعني للكتابة بالعنوان -وهو ليس بجديد للأسف في شخوص كثير من رجال الإدارة- هو أنني استقبلت الأسبوع الماضي ثلاثة اتصالات هاتفية، بالإضافة لجلسة وجاهية مباشرة واحدة، لنخبة من الرياديين من أصدقاء ومعارف، يبثون لي همهم في إنجاز وتقدم سير مشاريع لهم، أو في محاولات على الأقل للجلوس مع شخوص إدارة التعطيل، ممن استغرب بقاءهم بالرغم من سوء إدارتهم وتواصلهم مع المستثمر والمواطن، وكانهم أصبحوا أو أصبحت مواقع عملهم في حكم النسيان، بعد أن كانت رؤية وإرادة في أعلى مستوياتها، ما دفعني للكتابة هو أربع نماذج في أسبوع واحد، وكنت قبلها أسمع شكوى واحدة شهريا، ليرتفع مؤشر الهروب والندم من فكرة الاستثمار أربع أضعاف في وقت نسمع بارتفاع مؤشر الثقة بالاستثمار حسب منتدى الإستراتيجيات في الربع الثاني من العام الحالي دون الإشارة والتعلم لأسباب الارتفاع، ما دفعني للكتابة هو أنني لست أكثر من مواطن مثلهم يعاني ذات ما يعيشون أحيانا، ولكنهم تحدثوا مستذكرين شكرا على دور سابق لخدمة نجاح أعمالهم أو استقبال واع لفكرتهم وشخوصهم واليوم ندما على انهم كانوا صيدا سهلا في مواجهة مصالح شخصية أو نفسية لمسؤول في موقع ما.
سمعت منهم "نفسي افك اللي اشتغلته واطلع فيه برا البلد لانه فاوضني وكانه شريك وليس ممّكنا للاستثمار”، "أنا مؤسسة وطنية بطارد على تجديد عقد عمارة استثمارية مش زابط”، " هوه بس يرد مره واحدة على تلفونه ويخلف عليه”، " يا رجل صارلي ثلاثة أشهر مش معطيني موعد”، " حتى موظفينه شاعرين انهم في أدنى مستوى إنتاج”، " ضروري أكون بقربه يعني”، " ضروري ما يمشي الموضوع الا باتصال أو شكوى توصل فوق”، "والله من مدة ما شفنا جديد”، " يا رجل أنا أول من أسس هذا العمل قبل ما ينولد جاي اليوم يقول كيف حصلته”، " والله أكثر من استقبل وودع ما شفنا إذا حصلنا لقاءه أصلا "، ... وقائمة تحتاج مائة مقال ومائة نسخة لصحيفة ورقية لشكاوى وهموم سمعتها، واصدقكم القول أني أفكر لإصدار كتاب أو دورية أسبوعية اتناول فيها كل قضية واكشف فيها العيب المستور بالأسماء بكامل تفاصيلها.
إرادة التطوير إرادة الدولة بأعلى هرمها، مما يستوجب من إدارة التعطيل أن تترك الموقع حالا، وتجالس الأقران ممن ساهمت في مصالحهم وكانت شريكا لتكسبهم، إرادة التطوير تستوجب العزل لإدارة التعطيل بالأمس وليس اليوم، لا التسويف والمماطلة، إرادة التطوير تعني المصلحة الوطنية العليا لا عقود وفق شروط هزيلة، فمناصب الدولة الخدمية الرسمية وممتلكاتها ومصالحها ليست حقلا لفشلهم، يتعلمون ويمارسون سطوتهم فيها على المواطن والمستثمر وعابر السبيل وأعلى من ذلك حقوق الوطن، بل يستوجب أن يكونوا بكامل الوعي والحضور والمكانة في إدارة شؤون الأفراد والمؤسسات، وغير ذلك لا مكان لهم، وكل يوم إضافة في سجل إهمالهم، وبقائهم لخدمة مصالحهم الخاصة هو رجوع بعام على الأقل في البناء والتطوير، ولنعلم أن الأصعب صناعة الثقة بالمكان والمنشأة، وان فقدت لن تكون سوى مؤسسة روتين يهدم مسؤولوها وموظفوها بناء متكاملا كان يوما عَلماً انطلق من رؤية حقيقية صافية، لا شيء بين أعين صاحبها سوى دولة ومؤسسات ونموذج هو الأول في المنطقة، وانهي مقالي بسؤال في قضية أخرى مهمة، لماذا يتزايد الاستحواذ هذه الأيام من غير المستثمر الأردني على عدد من المنشآت والمقدرات المحلية البارزة القائمة في وقت تحقق فيه تلك المقدرات مكانة ونجاحا حتى لو كانت علبة لبن دون أن يكون استثمارا جديدا؟ وهل يتحقق الأمن الغذائي والصناعي والاقتصادي والزراعي والتجاري وغيره كثير في مختلف قطاعات الحياة بذلك؟